وليد الزبيدي
نجا تيري هيمنجواي أول قتيل أميركي في حرب العراق بأعجوبة من موت محقق في ثمانينيات القرن الماضي، عندما تأخر عن طائرة “لوكربي” الشهيرة وحجز على الرحلة اللاحقة، لكنه سقط في أول هجوم شنه المقاومون العراقيون على القوات الأميركية المحتلة في يوم العاشر من نيسان/ ابريل في العام 2003 ، لتسجل المقاومة العراقية سبقا كبيرا في بدء التصدي للغزاة وبسرعة غير متوقعة، والغريب أن العائلات الأميركية قد وقعت في فخ التضليل الإعلامي الواسع والخطير الذي مارسته مختلف وسائل الإعلام الأميركية والعالمية في تسويغها لجريمة الحرب على العراق واحتلاله، ويتضح ذلك من رد فعل والدة تيري التي التقتها وكالة الاسيوشيتدبريس بعد إعلان مقتله، ونجدها تقول (أن ولدها قتل هناك لأنه ذهب لمساعدة الناس الذين كانوا في “عبودية” ويسعون للحصول على حريتهم، وأنه لم يمت عبثا وترك تيري وراءه ثلاثة أبناء).
قتل تيري بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من إسقاط التمثال الشهير للرئيس الراحل صدام حسين، وقالت صحيفة يو أس تودي الأميركية واسعة الانتشار إن تيري أول قتيل في العراق بعد دخول القوات الأميركية بغداد، وأنه قتل خلال معركة شرسة استمرت سبع ساعات شمال بغداد، وأنه خدم في السرية الثالثة التابعة للكتيبة الأولى من الفوج الخامس عشر مشاة ومقره ولاية جورجيا، وهو برتبة رقيب، وسارعت وسائل الإعلام الأميركية لزيارة عائلة القتيل وإجراء المقابلات معهم، ولم تشعر عائلات الجنود الآخرين بأن ابناءهم مهددين، فقد روجت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون” بأن ما يحصل من هجمات يائسة عبارة عن ” بقايا جيوب قتالية” وأنها ستنتهي قريبا جدا ولا يمكن بقاؤها على الاطلاق ، ولم يدر بخلد قادة البيت الأبيض والبنتاجون ووكالة المخابرات المركزية أن طلائع المقاومين الأولى قد توزعوا بين مجاميع لجمع الاسلحة من مخازن الجيش السابق والقطعات العسكرية الأخرى، ومجاميع تتدارس طرق الخزن الآمنة لتلك الأسلحة وآخرون باشروا بشن الهجمات على قوات الغزو والاحتلال الأميركية والبريطانية، وأن اجتماعات الرجال قد بدأت لوضع اللبنات الأولى للفصائل المقاومة التي ظهرت بعناوينها المعروفة في الأشهر اللاحقة والتي كبدت الغزاة آلاف القتلى ومئات الآلاف من المعاقين والمجانين.
تراجع الاهتمام بالقتلى الأميركيين من قبل وسائل الإعلام الأميركية بعد فترة وجيزة بسبب سياسة البيت الأبيض، التي قررت التخفيف من الحضور الإعلامي للخسائر الأميركية في العراق بسبب ازدياد وتيرتها بطريقة غير متوقعة على الإطلاق، ولأن الاعداد أخذت بالازدياد، لكن صحيفتي الواشنطن بوست وال يو أس تودي خصصت صفحات في مواقعها في الانترنت لنشر صور وأسماء وتفاصيل بسيطة عن القتلى الذين يعترف بمقتلهم البنتاجون فقط ولا تأتي على ذكر الكثير من الخسائر الأخرى.
تواصل مسلسل القتلى الأميركيين في العراق ما آثار المخاوف الكبيرة بين الأميركيين وزعامات البنتاجون والبيت الأبيض ، فتمكن العراقيون من رد “الصدمة والترويع” على أصحابها بإمكانات بسيطة جدا قياسا إلى ما يملكه أعداء العراق.