على قدر ما وفرته وسائل التواصل الاجتماعي من تقريب للمسافات بين البشر، إذ أصبح بإمكان كل من يمتلك حسابًا على أحد المواقع أن يتواصل مع من باعدت بينهم المسافات .. إلا أن الاستغراق في هذا التواصل والاستخدام غير الرشيد لهذه المواقع دائمًا ما يكون على حساب التواصل مع الأقربين مخلفًا فجوة بينهم.
وتزداد خطورة هذه الفجوة مع استغراق فئات الشباب والمراهقين، بل والأطفال في وسائل التواصل الاجتماعي حتى يصل الأمر إلى إحداث فجوة بين الآباء والأبناء تنشأ مع انعدام التواصل بينهما.
ومن الآثار السلبية لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي لدى هذه الفئات انحسار المشهد الذي كان معتادًا في السابق والمتمثل في اصطحاب الآباء للأبناء لحضور المجالس، وما في هذا الحضور من تشكيل مبكر للشخصية السوية، وغرس الوعي لديها أو حتى الجلسات العائلية التي يستمع فيها الأبناء لتجارب آبائهم، والتي من خلالها يتخذ الأبناء القدوة الحسنة، وتتبلور لديهم آداب الحوار والتحدث مع الآخرين، ناهيك عن اكتساب الأخلاق الحسنة والعادات الحميدة.
أما في انعزال الطفل أو الشاب عن المجتمع المحيط به ـ لدرجة أن أية عملية للتواصل مع الآخرين لا تتم إلا من خلال شاشة الحاسوب أو الهاتف الذكي ـ فإن ذلك يؤثر على الترابط الأسري، ويصبح هذا الطفل أو الشاب منفصلًا كليًّا عن المجتمع المحيط به، وما ينسحب على ذلك من تأثيرات سلبية على الأسرة، بل وعلى المجتمع ككل؛ باعتبار أن الأسرة هي النواة الأولى للتماسك المجتمعي، وهذا إلى جانب الآثار السلبية الأخرى كالوقوع في أفخاخ الابتزاز الإلكتروني وتلقي الأفكار الهدامة وغيرها.
ومع تداخل وسائل التواصل الاجتماعي في نواحٍ كثيرة من الحياة، الأمر الذي يجعل من إلغائها أمرًا شبه مستحيل، يجب على أولياء الأمور تخصيص مساحات من الوقت للتحدث إلى أبنائهم والاستماع إليهم، بل ومتابعة ما يتابعونه على وسائل التواصل الاجتماعي ومناقشتهم فيه، وتحصينهم ضد أي آثار سلبية لهذه الوسائل.
المحرر
المصدر: اخبار جريدة الوطن