الأربعاء ، 25 ديسمبر 2024
احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / السلطنة تحتفل اليوم بالعيد الوطني الـخمسين المجيد وسط منجزات عظيمة شملت كافة مناحي الحياة بنهضة متجددة وطموحات عالية

السلطنة تحتفل اليوم بالعيد الوطني الـخمسين المجيد وسط منجزات عظيمة شملت كافة مناحي الحياة بنهضة متجددة وطموحات عالية

مسقط ـ العمانية:
تحتفل السلطنة اليوم الثامن عشر من نوفمبر بالذكرى الخمسين لنهضتها المباركة وأبناؤها المخلصون يواصلون بكل عزمٍ وتفانٍ تحقيق المزيد من الإنجازات تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي أخذ على عاتقه “أيّده الله” مواصلة مسيرة البناء والتقدم على مستوى الانسان العُماني والوطن في نهضة متجدّدة طموحة تشمل مختلف مناحي الحياة.
وتحل هذه الذكرى الوطنية الغالية هذا العام والعُمانيون يستذكرون فقيد وطنهم وباعث نهضتهم السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ الذي أسس دولة حديثة تواصل حضورها الذي لا تخطئه عين في مختلف الميادين.
ورغم المصاب الجلل الذي ألمَّ بالوطن والأمتين العربية والإسلامية إثر رحيل السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ إلا أن يوم الحادي عشر من يناير من العام الحالي 2020 كان يومًا خالدًا من أيام عُمان سطّر فيه العُمانيون ملحمة وطنية من الوفاء والإخلاص إذ شهدت السلطنة خلاله انتقالًا سلسًا للحكم عندما قرر مجلس العائلة المالكة عرفانًا وامتنانًا وتقديرًا للسلطان الراحل وبقناعة راسخة تثبيت من أشار إليه لولاية الحكم إيمانًا منهم بحكمته المعهودة ونظرته الواسعة.
وتنفيذًا لهذه الرغبة أوكل مجلس الدفاع القيام بفتح الرسالة التي أشار فيها ـ طيب الله ثراه ـ إلى تثبيت حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ أيده الله ـ سلطانًا للبلاد (لما توسم فيه من صفات وقدرات تؤهله لحمل هذه الأمانة).
وودع العُمانيون أعز الرجال وأنقاهم ـ طيب الله ثراه ـ وشيعوه بالابتهال والدعاء والامتنان والعرفانواستعراض إنجازاته العظيمة ومآثره الخالدة، بعد مسيرة طويلة من البناء والعطاء دامت لأكثر من 49 عامًا كان فيها الإنسان العُماني هو محور التنمية وأساسها.
وقد تمكّن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ خلال الأشهر العشرة الأولى منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد من تحقيق العديد من المنجزات بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين في مختلف المجالات توجت بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة لتتواكب مع (رؤية عُمان 2040) التي شارك في رسم ملامحها جميع فئات المجتمع بما يلبي تطلعات جلالته ـ أيده الله ـ إذ أسهم المشاركون في تحديد توجهاتها وأهدافها المستقبلية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً.
وشكل المرسوم السلطاني رقم:(75 / 2020) في شأن الجهاز الإداري للدولة نقلة جديدة في ممارسة وتنظيم العمل الإداري في السلطنة إذ أنه سيسهم في تبسيط الإجراءات والانتفاع من الخدمات المقدمة وانجازها بشكل أسرع الأمر الذي يتوافق مع توجهات (رؤية عُمان 2040) التي تعد أولوية لتنمية المحافظات والمدن المستدامة وبمثابة توجه استراتيجي من خلال اتباع نهج لامركزي نصّت عليه المادة الثانية التي تذكر أن الجهاز الإداري يتكون من وحدات مركزية كالوزارات والأجهزة والمجالس وما في حكمها ومن وحدات لا مركزية كالهيئات والمؤسسات العامة وما في حكمها.
وسيسهم المرسوم السلطاني رقم:(101 / 2020) المتعلق بنظام المحافظات والشؤون البلدية في تنمية متوازنة بين المحافظات واستثمار الموارد بشكل أفضل والاستفادة من المقومات السياحية والتراثية وتوفير الخدمات المطلوبة لكل محافظة بالإضافة إلى إدارة مرافق البلدية، كما أن مجلس شؤون المحافظاتسيعمل على التنسيق بين لمحافظات في ممارسة اختصاصاتها ومتابعة المشاريع الإنمائية بالإضافة إلى تقييم أدائها وتقدير الموازنات ومراقبة استثمار مواردها.
من جانب آخر مثّل لقاء حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بعدد من شيوخ ولايات محافظة ظفار بولاية صلالة في شهر سبتمبر الماضي تعميقًا للتواصل الدائم بين القائد وأبناء الوطن واستمرارًا لمدرسة السلطان الراحل ـ طيب الله ثراه ـ ودلالة على حرص جلالته الدائم على الالتقاء بالمواطنين ليطلع على احتياجاتهم ومتطلبات ولاياتهم عن قرب ويستمع إلى ملاحظاتهم ومقترحاتهم بشأن الخدمات التنموية وتطويرها وتعزيز دور الجهات الحكومية في إيصالها لمختلف أرجاء البلاد في إطار الخُطط التنموية الشاملة والمُستدامة.
ورغم الدور الذي يقوم به (مجلس عُمان) بغرفتيه الدولة والشورى في الجانب التشريعي بالإضافة إلى دور مجالس البلدية في الجانب التنموي فإن هذه اللقاءات تمثل الممارسة العملية للشورى العُمانية وهي ثيمة أصيلة مستمدة من العادات والتقاليد العُمانية.
وفي ناحية أخرى لقد تجلى اهتمام حكومة السلطنة منذ بواكير النهضة المباركة بصحة المواطن العُماني من خلال إنشاء المراكز الصحية والمستشفيات المتخصصة وتطوير الكادر الطبي في كافة المجالات الطبية، كما تجلى هذا الاهتمام عبر توجيهات جلالة السلطان المعظم ـ أعزه الله ـ بمعالجة أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19) التي بدأت منذ أواخر العام الماضي 2019م في أغلب دول العالم من خلاله تفضله ـ حفظه الله ورعاه ـ بالأمر بتشكيل لجنة عليا لبحث آلية التعامل مع هذا الفيروس والتطورات الناتجة عن انتشاره والجهود المبذولة إقليميًّا وعالميًّا للتصدي له ومتابعة الإجراءات المتخذة بشأن ذلك ووضع الحلول والمقترحات والتوصيات المناسبة بناء على نتائج التقييم الصحي العام.
وقد عملت هذه اللجنة التي يترأسها معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي ـ وزير الداخلية وتضم في عضويها عددًا من أصحاب المعالي والسعادة وتعدّ في انعقاد دائم على تنفيذ التوجيهات السامية التي أكد عليها جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ خلال ترؤسه اجتماع اللجنة في مارس الماضي من العام الجاري وهي (أن حكومة السلطنة ستسخر كافة إمكاناتها ولن تألوَ جهدًا ولن تدّخرَ وسعًا في سبيل مجابهة هذه الجائحة والحد من تفشيها حفاظًا على صحة المواطنين والمقيمين على حدٍ سواء).
ودعمًا لهذه الجهود جاء تأسيس (الصندوق الوقفي لدعم الخدمات الصحية) و(الصندوق الخاص بدعم جهود وزارة الصحة لمكافحة فيروس “كوفيد ـ 19″) على مستوى عالٍ من الأهمية إذ تفضل جلالته ـ أعزه الله ـ في إطار دعمه الشخصي لمكافحة هذه الجائحة بالتبرع بمبلغ عشرة ملايين ريال عُماني للصندوق المخصص لهذه الجائحة وهو ما يؤكد على تضافر الجهود بين القائد والحكومة وأبناء الوطن والمقيمين من أجل القضاء على هذه الجائحة.
كما اتخذت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد ـ 19) العديد من الإجراءات للحد من انتشار هذا الفيروس من بينها تكثيف الحملات الإعلامية التوعوية والتعريف بالإجراءات الاحترازية والغلق الجزئي والكلي لبعض المحافظات من خلال نقاط التحكم والسيطرة ومنع الحركة أثناء الفترة المسائية وإغلاق الجوامع والمساجد وتعليق الدراسة في المدارس والكليات والجامعات وتقليل نسبة الموظفين بمقر العمل للقطاعين وتفعيل (العمل عن بُعد)، بالإضافة إلى غلق عدد من الأنشطة التجارية وفرض القوانين والأنظمة التي تضمن الالتزام بالإجراءات التي تحول دون انتشار الجائحة.
ونظرًا لما أفرزته هذه الجائحة من آثار اقتصادية ألقت بظلالها على مختلف دول العالم فقد تفضل جلالة السلطان المعظم ـ أعزه الله ـ فأمر بتشكيل لجنة منبثقة عن اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد ـ 19) تتولى معالجة الآثار الاقتصادية الناتجة عنها على المستوى المحلي وقد صدرت عنها جملة من القرارات تمثلت في حزم وتسهيلات تقدمها الحكومة لمؤسسات وشركات القطاع الخاص إضافة إلى برنامج القروض الطارئة لمساعدة بعض الفئات الأكثر تضررًا من رواد ورائدات الأعمال.
ولاغرو أنه عندما تحل ذكرى الثامن عشر من نوفمبر المجيد من كل عام لا بد من التطرق إلى الدور المحوري والبارز الذي تقوم به قوات السلطان المسلحة بمختلف أسلحتها والتعرف على ملحمة التطوير والتحديث التي حظيت بها هذا القوات خلال الخمسين عامًا من مسيرة النهضة المباركة من قبل القيادة الحكيمة.
إن ذكرى الثامن عشر من نوفمبر المجيد من كل عام تعد إحدى أهم الذكريات الوطنية الراسخة في تاريخ عُمان الحديث لما لها من دلالات عميقة تشير بكل وضوح إلى التحول الحضاري الذي شهدته السلطنة منذ انطلاق النهضة المباركة التي أرسى قواعدها المغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ والاستمرار بكل عزم وثقة في مسيرة التطوير والتحديث بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ
وتسمو ذكرى الخمسين عامًا للنهضة المباركة كنبض حي في نفوس رجال قوات السلطان المسلحة البواسل نحو تحقيق المزيد من العمل والعطاء والتفاني المخلص في سبيل رفعة هذا الوطن العزيز.
وقد حظيت قوات السلطان المسلحة باهتمام خاص من قبل القيادة الحكيمة وهي تواكب كافة مراحل التطور والتقدم لتقوم بواجباتها النبيلة في حمل أمانة الدفاع عن الوطن والذود عن حياضه الطاهرة برًا وجوًا وبحرًا وحراسة مكتسباته وحماية منجزات نهضته المباركة.

وقوات السلطان المسلحة هي أحد الشواهد العظيمة لمنجزات النهضة الحديثة التي أرسى دعائمها المغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ وترسّم نهجه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم القائد الأعلى ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي أكد على رعايته واهتمامه بها في خطابه السامي في 23 فبراير من العام الجاري 2020م والذي جاء فيه:(نود أن نسجل بكل فخر واعتزاز كلمة ثناء وعرفان لجميع العاملين بقواتنا المسلحة الباسلة في القطاعات العسكرية والأمنية، القائمين على حماية هذا الوطن العزيز، والذود عن حياضه، والدفاع عن مكتسباته، مؤكدين على رعايتنا لهم، واهتمامنا بهم، لتبقى هذه القطاعات الحصن الحصين، والدرع المكين في الذود عن كل شبر من تراب الوطن العزيز من أقصاه إلى أقصاه).

ويأتي ذلك انطلاقًا من دور قوات السلطان المسلحة الجسيم الذي تضطلع به وستبقى دائمًا متمسكة بالعهد تحمي تراب الوطن الغالي وتذود عن مقدساته الطاهرة، حيث تخطو بثبات وفق منظومة متكاملة الأركان تشمل جودة الأداء والتدريب العالي والتطوير الممنهج والاقتناء للأسلحة والمعدات وفق المخطط المدروس وإنجاز المشاريع الوطنية الطموحة إلى جانب تأهيل منتسبيها لتكون دائما وأبدًا الداعم الرئيسي لجهود التنمية الشاملة في البلاد والحامي العتيد لمنجزات نهضتها الشامخة.
ويشكل الكادر البشري في قوات السلطان المسلحة دومًا موضع التقدير ومحل الاهتمام ومحط الرعاية من قبل جلالة القائد الأعلى ـ حفظه الله ورعاه ـ باعتباره الثروة الحقيقية والمكوّن الأساسي الأهم في منظومة خطط التطوير والتدريب والتسليح في قوات السلطان المسلحة بأسلحتها الرئيسية الجيش السلطاني العماني وسلاح الجو السلطاني العماني والبحرية السلطانية العمانية هذا إلى جانب الحرس السلطاني العماني والمبني على التدريب الهادف لتحقيق أقصى كفاءة في الأداء لتكون المحصلة قوات حديثة التنظيم والتسليح تضم بين صفوفها كافة عناصر منظومة الأسلحة المشتركة وأصبح منتسبوها البواسل قادرين وبكل كفاءة على استيعاب التعامل مع أحدث العلوم التقنية العسكرية من تقنيات حديثة في شتى المجالات.
ولقد حرصت السلطنة على تكامل المنظومة العسكرية بما فيها من قوى بشرية تتمتع بكفاءة عالية وقدرات مادية ومعنوية والتي يؤدي الارتقاء بها في العدة والعتاد إلى ما يمكنها من أداء دورها الوطني المقدس ومن هذا المنطلق انتهجت السلطنة خططًا لتزويد قوات السلطان المسلحة بمعدات وأسلحة متطورة من دبابات وناقلات جُند مدرعة ومنظومات صاروخية ومدفعية وعربات مدرعة وطائرات مقاتلة ونقل وعمودية، كما زودت هذه القوات بمختلف أنواع السفن خاصة سفن الإنزال والقرويطات والزوارق المتطورة دعمًا للدور الوطني الجسيم الذي تضطلع به قوات السلطان المسلحة بالإضافة إلى عمليات التطوير والتأهيل المستمرة لأسلحة الإسناد التي تمكنها من القيام بواجبها الوطني على أكمل وجه عن خطط وبرامج تأهيل القوى البشرية بما يتواكب والمكانة العلمية والتدريبية التي وصل إليها الجندي العماني الذي يتعامل مع التقنية الحديثة بكل حرفية وإتقان.
أما عند الحديث عن المنجزات الاقتصادية العديدة التي تحققت في مختلف القطاعات فإن الأرقام المتعلقة بالناتج المحلي الإجمالي للسلطنة تشير إلى أن هذا الناتج خلال العام الماضي 2019م بلغ 3ر29 مليار ريال عماني وهو دليل على تمكن السلطنة من تنويع مصادر دخلها وتنشيط مختلف قطاعات الإنتاج الاقتصادي.
وقد ساهمت الأنشطة غير النفطية البالغة حوالي 5ر20 مليار ريال عماني بنحو 70 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية وهي أرقام تعكس مدى الاهتمام الذي أولته النهضة الحديثة التي انطلقت في 23 يوليو 1970 بقيادة باني عُمان الحديثة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ لتنمية مختلف القطاعات الاقتصادية.
وبالعودة إلى الأرقام المتعلقة بالناتج المحلي الإجمالي يمكن ملاحظة أنه كان عند 6ر103 مليون ريال عماني في العام 1970 بداية عهد النهضة الحديثة لكنه سرعان ما سجل قفزات متتالية ليبلغ 2ر566 مليون ريال عماني في العام 1974، ثم زاد بشكل متواصل ليبلغ مستوى الـ(30) مليار ريال عماني في العام 2018.
وشهدت السلطنة خلال العقود الخمسة الماضية تنفيذ مشاريع اقتصادية عملاقة من أبرزها مصافي النفط في مسقط وصحار والدقم ومشروعات الصناعات الثقيلة والبتروكيماوية في صحار وصور وصلالة والدقم.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي بلغت العام الماضي 3 مليارات و8ر71 مليون ريال عماني مشكِلة حوالي 15 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية.

كما اهتمت حكومة السلطنة بتشجيع الأنشطة التجارية والصناعية المختلفة وقدمت لها الدعم اللازم للنجاح والاستمرار، وبلغ إجمالي الناتج المحلي للأنشطة الصناعية العام الماضي 6ر5 مليار ريال عماني، فيما بلغ الناتج المحلي للأنشطة الخدمية التي تشمل مختلف الأنشطة التجارية 1ر14 مليار ريال عماني.
وفي الوقت نفسه عملت السلطنة على تحديث القوانين والتشريعات المتعلقة باستقطاب الاستثمارات فقد صدرت العام الماضي العديد من القوانين المشجعة على الاستثمار المحلي والأجنبي من أبرزها قانون استثمار رأس المال الأجنبي الذي سعى إلى تعزيز مكانة السلطنة كوجهة استثمارية قادرة على استقطاب رأس المال الأجنبي وتعزيز تنافسية السلطنة في المؤشرات الدولية وتبسيط الإجراءات والتصاريح اللازمة لبدء استثمار أجنبي داخل السلطنة وتوسعة قطاعات الاستثمار للمستثمر الأجنبي لتشمل مشاريع استراتيجية، كما تم إصدار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مشاريع البنية الأساسية والخدمات العامة وتحسين نوعية الخدمات العامة وخفض تكاليف إنشائها وتشغيلها فيما حظيت مشروعات القطاع الخاص باهتمام أكبر من قانون التخصيص الذي يهدف إلى تنفيذ السياسات الحكومية المتعلقة بتوسيع دور القطاع الخاص في تملّك وإدارة الانشطة الاقتصادية المختلفة وتشجيع جذب الاستثمارات والخبرات والتكنولوجيا والمعرفة الحديثة.
وقد استثمرت السلطنة خلال السنوات الماضية الفوائضَ المالية الناتجة عن الإيرادات النفطية في تأسيس بنية أساسية مشجعة للاستثمار كالموانئ والمطارات والمناطق الصناعية والاقتصادية والحرة وشبكة الطرق السريعة التي تربط مختلف محافظات السلطنة، كما عززت منظومة البُنى الأساسية في قطاعات السياحة والصحة والإسكان والبيئة وغيرها من القطاعات الأخرى لتنعكس إيجابا على حياة المواطنين والمقيمين بالسلطنة.
إن ظروف انخفاض أسعار النفط وتأثيرات انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19) السالبة على اقتصاد دول العام جميعها ومن بينها السلطنة شكلت تحدّيًا حقيقيًّا للحكومة الأمر الذي دفعها إلى اتخاذ عدد من الإجراءات المهمة يأتي في طليعتها الإعلان عن (خطة التوازن المالي) متوسطة المدى (2020 ـ 2024) التي حظيت بمباركة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه.
وتسعى هذه الخطة إلى تحقيق الاستدامة المالية والمحافظة على الإنجازات التي تحققت خلال العقود الخمسة الماضية والازدهار الاقتصادي الذي تنعم به البلاد من خلال تقليص حجم الدّين العام والعجز المالي وتعزيز أداء القطاعات غير النفطية وزيادة مساهمتها في الإيرادات الحكومية، وتتضمن الخطة عدة مبادرات وبرامج تهدف إلى (إرساء قواعد الاستدامة المالية للسلطنة وخفض الدين العام ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي بتوجيهه نحو الأولويات الوطنية وزيادة الدخل الحكومي من القطاعات غير النفطية، وتعزيز الاحتياطات المالية للدولة وتحسين العائد على استثمار الأصول الحكومية بما يضمن تعزيز قدرتها على مواجهة أي صعوبات وتحديات مالية وبما يضعها على مسار النمو والازدهار الاقتصادي).
وتتطلع خطة التوازن المالي إلى زيادة الإيرادات الحكومية من 6ر8 مليار ريال عماني في عام 2020 بحسب تقديرات أولية إلى 12 مليارا و95 مليون ريال عماني في عام 2024 مع الإبقاء على مستوى الإنفاق طوال سنوات الخطة عند 6ر12 مليار ريال عماني وزيادة نسبة الإيرادات غير النفطية إلى إجمالي الإيرادات من 28 بالمائة في عام 2020 إلى 35 بالمائة في عام 2024، وبلغت الإيرادات الحكومية العام الماضي حوالي 6ر10 مليار ريال عماني فيما بلغ الإنفاق الحكومي 2ر13 مليار ريال عماني، وشكّلت الإيرادات غير النفطية البالغة حوالي 6ر2 مليار ريال عماني 5 ر24 بالمائة من إجمالي الإيرادات الحكومية، فيما بلغت الإيرادات النفطية (تشمل صافي إيرادات النفط والغاز) 7 مليارات و999 مليون ريال عماني مشكلة 5ر75 بالمائة من إجمالي الإيرادات الحكومية.
وتعتبر الاستدامة المالية أحد ممكّنات رؤية عُمان 2040 بحيث تساهم خطة التوازن المالي في استيعاب التحديات المالية الناتجة عن تراجع أسعار النفط وجائحة فيروس كورونا وتهيئة الاقتصاد الوطني لمرحلة انطلاق جديدة تستفيد من البنى الأساسية التي تم تشييدها خلال سنوات النهضة الحديثة، كما عملت حكومة السلطنة ممثلة في وزارة المالية على إصدار عدة منشورات بهدف ترشيد الإنفاق للعام الحالي منها تخفيض موازنات الوحدات الحكومية بنسبة 5 بالمائة وتعديل الموازنات التشغيلية والخطط المالية للشركات الحكومية بنسبة 10 بالمائة كحد أدنى بالإضافة إلى إجراءات أخرى تتمثل في ترشيد النفقات الخاصة بالإيفاد في المهام الرسمية والتدريب وتخفيض مكافآت وأتعاب مجالس إدارة الهيئات والمؤسسات العامة والشركات الحكومية واللجان التابعة لها بنسبة 50 بالمائة وتطبيق ضريبة القيمة المضافة التي ستبدأ في شهر أبريل من العام المقبل بنسبة 5 بالمائة ومن المتوقع أن ترفد الميزانية بـ(400) مليون ريال عُماني، وبلغت جملة الإيرادات المقدرة للموازنة العامة للدولة لعام 2020 نحو (10) مليارات و(700) مليون ريال عماني باحتسابها على أساس سعر النفط (58) دولارًا أميركيًا للبرميل، حيث قدر إجمالي الإنفاق العام (13) مليارًا و(200) مليون ريال عماني بعجز تقديري يبلغ نحو (5ر2) مليار ريال عماني أي بنسبة (8) بالمائة من الناتج المحلي.
وقد أكد جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ في خطابه التاريخي الذي ألقاه في شهر فبراير الماضي وتطرق فيه إلى عدد من ملامح المرحلة القادمة من البناء على مراجعة أعمال الشركات الحكومية مراجعة شاملة بهدف تطوير أدائها ورفع كفاءتها وتمكينها من الإسهام الفاعل في المنظومة الاقتصادية عبر قول جلالته:(وسنهتم بدراسة آليات صنع القرار الحكومي بهدف تطويرها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، وسنولي هذه الجوانب كل العناية والمتابعة والدعم)، حيث قام جهاز الاستثمار العُماني بإعادة تشكيل مجالس إدارة 15 شركة يشرف عليها الجهاز وإعادة هيكلة شركات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بالإضافة إلى الإعلان عن مشروع شركة متكاملة لتسويق الخضروات والفواكه في السلطنة تتبع الشركة العمانية للاستثمار الغذائي.
وفي هذا الجانب تقوم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بدور فاعل في زيادة النمو الاقتصادي للدولة وحرصًا من حكومة السلطنة ممثلة في وزارة العمل والهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة)، فقد عملت الحكومة على إيجاد بيئة مناسبة لهذه المؤسسات من خلال استثنائها من نسب التعمين وتحديد بعض المهن للقوى العاملة الوافدة، كما تقدم بوابة (استثمر بسهولة) العديد من الخدمات الإلكترونية لعالم الأعمال كونها مصدرًا للمعلومات المتعلقة بالحكومة والأعمال التجارية الأمر الذي أكد عليه جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في قوله:(إننا إذ نُدرك أهمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع ريادة الأعمال لا سيما المشاريع التي تقوم على الابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وتدريب الشباب وتمكينهم للاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا القطاعُ الحيوي ليكون لبنةً أساسية في منظومة الاقتصاد الوطني، فإن حكومتنا سوف تعمل على متابعة التقدم في هذهِ الجوانب أوّلا بأوّل).

إن منظومة القوانين والتسهيلات المتعلقة بالاستثمار في السلطنة أوجدت بيئة جاذبة ومشجعة للاستثمارات الوطنية والأجنبية ومن هذه القوانين قانون استثمار رأس المال الأجنبي، وتعول حكومة السلطنة على الاستثمار في الموانئ العُمانية خاصة ميناءا صحار وصلالة إضافة إلى المناطق الاقتصادية الخاصة والصناعية كالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم (ميناء الدقم) في رفد الاقتصاد العماني وحفزه والاستفادة المثلى منها، كما يعد قطاع السياحة أحد القطاعات الأساسية في تعزيز النمو والتنويع الاقتصادي إذ وضعت الحكومة رؤى استراتيجية واضحة لهذا القطاع الحيوي حيث “إن الاستثمار في السياحة كان ولا يزال يعتبر من أفضل أنواع الاستثمار ربحية.
لقد أكد جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ على أهمية التعداد الإلكتروني للسكان والمساكن والمنشآت ـ الذي سيُجرى في شهر ديسمبر المقبل ـ من خلال مناشدة جلالته ـ أبقاه الله ـ الجميع التعاون والتفاعل الإيجابي مع إجراءاته المطلوبة لتنفيذه وإنجازه بصورة متقنة، وستنعكس نتائج هذا التعداد إيجابًا على كافة أوجه التنمية كونه سيسهم في التخطيط المتقن للخطط التنموية.

وفي سبيل توفير سبل العيش الكريم للمواطن العُماني في ظل التطورات الاقتصادية على مستوى العالم يعد صدور قانون نظام (الأمان الوظيفي) وتمويله بمبلغ 10 ملايين ريال عُماني من لدن جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ كبداية لتأسيسه تأكيدًا للتوجيهات السامية التي تهدف إلى الإسراع في بناء نظام وطني متكامل للحماية الاجتماعية يضمن حماية ذوي الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعي من أي تأثيرات متوقعة جراء تطبيق ما تضمنته خطة التوازن المالي متوسطة المدى.
وفيما يتصل بالتعليم في السلطنة فقد أولى جلالة السلطان المعظم ـ أعزه الله ـ اهتمامًا بالغًا بقطاع التعليم وجعله في مقدمة الأولويات الوطنية، كما أنه ـ أيده الله ـ وجّه بتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار باعتباره الأساس، الذي من خلاله سيتمكن المواطن العماني من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة” كما أنه يعتبر ركنا أصيلا في النظام الأساسي للدولة لتقدم المجتمع بهدف رفع المستوى الثقافي العام وتطويره وتنميـة التفكير العلمـي وإذكـاء روح البحث.
أما على صعيد البحث العلمي والابتكار فيسهم تحديث الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040 لتتواكب مع رؤية عُمان 2040 في إيجاد مجتمع معرفي وقدرات وطنية منافسة تركز على تحويل المعرفة إلى عائد اقتصادي ويعد إنشاء جامعة التقنية والعلوم التطبيقية في شهر أغسطس الماضي التي ضُمت لها كل من كلية التربية في الرستاق وكليات العلوم التطبيقية وكلية التقنية العليا والكليات التقنية دليلا يؤكد على مواكبة التوجه نحو تشجيع البحث العلمي والابتكارات في إطار الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة والتقنيات المصاحبة لها، كما أن تعديل مسمى وزارة التعليم العالي إلى مسمى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار سيعمل بدوره على تكريس أهمية هذا القطاع.
إن العناية الكريمة السامية بقطاع التعليم إنما يؤكد على تأسّي جلالة السلطان المفدى ـ أبقاه الله ـ بالنطق السامي للسلطان الراحل ـ طيب الله ثراه:(سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل الشجر) وهي القاعدة التي انطلقت منها نهضة التعليم والبناء نحو مجد المعرفة حتى غدت صروح العلم والتعليم شامخة في كل جبل وسهل من ربوع عُمان.
ومما لا شك فيه أن التوجيهات الكريمة السامية الأخيرة بقيام ديوان البلاط السلطاني بتمويل بناء 6 مدارس ذات أولوية خلال المرحلة المقبلة بتكلفة مالية تقديرية تبلغ حوالي 8 ملايين و850 ألف ريال عماني تأتي في إطار تلمّس حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لاحتياجات قطاع التعليم في ربوع الوطن العزيز والحرص السامي على توفير البيئة الداعمة والمحفزة له ومدّه بأسباب التمكين باعتباره الأساس في بناء حاضر ومستقبل عُمان.
وفي مجال الاهتمام الأصيل بالبيئة عملت السلطنة منذ بواكير النهضة المباركة على تطبيق سياسة تأمين سلامة البيئة ومكافحة التلوث والمحافظة على النظم البيئية المخـتلفة في إطـــار الأهداف الأسـاسية للتنــمية المـــستدامة وحماية الحياة الفطرية وصون الطبيعة والحفاظ على المـــوارد المتــجددة والعمل على استغلالها بصورة مستدامة.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى