تحتفل السلطنة غدا السبت (17 /10 /2020م) بحلول الذكرى ال 11 ليوم المرأة العمانية، وانطلاقاً من الاهتمامات التي توليها السلطنة للنهوض بالمرأة العمانية منذ بزوغ فجر النهضة المباركة لم تألوا جهداً لإشراكها في خطط التنمية الشاملة وتركيز اهتماماتها على دعمها وتمكينها، ويبدو ذلك جلياً من خلال الرعاية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه- وخطاباته التي ركزت دائماً على دور المرأة الحيوي والهام وأنها الشريك الأساسي الذي بدونه لا تكتمل التنمية في البلاد، كما أولى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه- اهتماما واضحا بمشاركة المرأة العمانية في التنمية الوطنية ودعم دورها وتمكينها في مختلف المجالات .
وشكلت ندوة المرأة العمانية التي أقيمت في عام 2009 منهاج عمل لمسيرة المرأة العمانية خلال الأعوام التي تلتها، ويعد تخصيص يوم للمرأة العمانية منجزاً هاماً من الإنجازات التي نالتها المرأة حيث تحتفي به السلطنة سنوياً ممثلة بوزارة التنمية الاجتماعية حيث تعقد فيه الملتقيات العلمية، وتدشن الدراسات ذات الصلة بالمرأة، وتكرّم النساء الرائدات في مختلف المجالات العلمية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
التشريعات الوطنية
وساهمت التشريعات العمانية ذات الصبغة الاجتماعية المتعلقة بالمرأة والمستمدة من أحكام الشريعة السمحة في إعطاء المرأة العمانية كامل حقوقها، مما ساعدها على لعب دوراً مهما في التنمية وعزز دورها الوطني في مختلف ميادين العمل، ويعد النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني 101/96، والمعدل بموجب أحكام المرسوم السلطاني 99/2011 التشريع الأسمى في السلطنة، والذي يتعين على كافة القوانين والأنظمة أن تصدر بالاتساق مع أحكامه، حيث أفردت أحكامه قدراً كبيراً من العناية ومنها المادة 12 التي تشير إلى أن “العدل والمساواة وتكافـؤ الفرص بين العمانيين دعامات للمجتمع تكـفلها الدولة وأن التعاضد والتراحم صلـة وثقى بين المواطنين، وأكدت هذه المادة على أن الأسرة أساس المجتمع، وينظم القانون وسائل حمايتها، والحفاظ على كيانها الشرعي، وتـقـوية أواصرها وقيمها”، والمادة 17 أكدت على مبدأ المساواة أمام القانون وفي الحقوق والواجبات العامة، وعدم التمييز بينهم في ذلك بسب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي، كما نظم قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني 120 /2004 معايير العمل لتنسجم مع المستويات العالمية من خلال تكافؤ الفرص والعدالة وتتمتع المرأة بنفس فرص التوظيف التي يتمتع بها الرجل، فضلا عن المساواة في الأجور وجميع المزايا الوظيفية وأيام الإجازات، ويشمل هذا الوضع جميع الوظائف بما فيها الوظائف العليا، ويكفل قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني 113 /2011 حقوق المرأة العاملة في القطاع الخاص وخصص باب كامل لحقوق المرأة العاملة، وكذلك نظم قانون الأحوال الشخصية العلاقات الأسرية وحدد سن الزواج بحيث تكمل أهلية الزواج بالعقل واتمام الثامنة عشر من العمر، وحفظ حقوق المرأة في النفقة والحضانة، وعدم التعرض لأموالها الخاصة وضمن لها حق التصرف فيها بكل حرية.
المواثيق الدولية
والتزاما بالمواثيق والمعاهدات الدولية انضمت السلطنة إلى عدد من الاتفاقيات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان ومنها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ” سيداو” بالمرسوم السلطاني 42/ 2005، وفي إطار متابعة تنفيذ هذه الاتفاقية ناقشت السلطنة تقريرها الوطني الأول في 4 أكتوبر 2011، وتقريرها الدوري الجامع للتقريرين الثاني والثالث في 3 نوفمبر 2017 ولقيت هذه التقارير إشادة بما تحقق للمرأة العمانية من إنجازات، ووقعت وزارة التنمية الاجتماعية برنامج تعاون مع المعهد العالي للقضاء لتدريب القضاة وأعضاء الادعاء العام والمختصين القانونيين على اتفاقيات حقوق الإنسان التي تشرف الوزارة على متابعة تنفيذها في مجال حقوق المرأة، والطفل، والأشخاص ذوي الإعاقة، كما يعتبر إعلان ومنهاج عمل بيجين من الالتزامات الدولية التي تحرص السلطنة على متابعة التقدم المحرز في مجالاته ال12 المتعلقة بالمرأة، وتقدم السلطنة تقرير وطني كل خمس سنوات، وقُدم أخر تقرير بيجين + 25 في عام 2019.
التمكين السياسي
لم يميّز قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى الصادر بالمرسوم السلطاني 58/2013 بين الذكر والأنثى في الحق للترشح لعضوية المجلس، حيث أوضحت المادة 34 أن شروط العضوية تتلخص في بلوغ سن 30 عاماً والتمتع بسمعة حسنة ومكانة اجتماعية وخبرة عملية مناسبة، كما ساوى القانون في المادة 46 بين المواطنين ذكورا وإناثاً في الإدلاء بأصواتهم واختيار أعضاء المجلس، وشهدت الفترة التاسعة للمجلس ارتفاعا في عدد المترشحات مقارنة بالفترة الماضية حيث بلغ عددهن 40 مترشحة من بين 717 مترشحا وبلغت نسبة الناخبات 3ر47% من اجمالي عدد الناخبين.
كما صدر قانون المجالس البلدية بالمرسوم السلطاني 116/2011 وأتاح هذا القانون للمرأة العمانية التي لا يقل عمرها عن ال 30 سنة الترشح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية، مما فتح الباب أمام المرأة العمانية لممارسة حقها على قدم المساواة مع الرجل، وشهد تمثيل المرأة في المجال الدبلوماسي تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، وقد احتلت المرأة العمانية مناصب رئيسية في العمل الدبلوماسي كسفيرة ومندوبة للسلطنة لدى وكالات الأمم المتحدة، وغيرها من المناصب الدبلوماسية، وتبين الإحصاءات أن نسبة الإناث في مجلس الوزراء بلغت 15%بنهاية عام 2019، و 17% في مجلس الدولة، و 2.4 % في مجلس الشورى،و4% في المجالس البلدية، وبلغت نسبة الناخبات بالمجالس البلدية 46%.
التمكين والاقتصادي
تعتبر مشاركة المرأة العمانية في المجالات الاقتصادية من الأمور الهامة وذات مساهمة فاعلة في المجتمع. فهي تقوم بدور هام في تنمية كافة قطاعات العمل وتمكنت من إثبات قدرتها وكفاءتها وإبراز إمكانياتها في تأسيس العديد من المشاريع الاقتصادية الحيوية بفضل ما تيسر لها من عون واهتمام وتوفير شتى أنواع التعليم والتأهيل والتدريب المناسب، وقد أنشئت الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالمرسوم السلطاني 36/2013 لتعزيز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ذات القدرة على توفير فرص العمل المتعددة والمتجددة للشباب العماني من الجنسين ومساعدتهم، كما تأسس المركز الوطني للأعمال في عام 2012 ليكون منصة رائدة لدعم رواد الأعمال العمانيين من الجنسين في تطوير مشاريع تجارية ناجحة، ويعد المركز جزءاً من استراتيجية حكومية كبيرة تقوم بدعم واحتضان المؤسسات العمانية الصغيرة والمتوسطة لتساهم في دفع عجلة الاقتصاد العماني للأمام وخلق فرص عمل جديدة في السوق العماني، وتعمل لجان صاحبات الأعمال بغرفة تجارة وصناعة عمان على دعم ومساندة رائدات الاعمال وتترأس هذه اللجان نساء منهن 3 عضوات في مجالس إدارات الغرفة، وبلغ عدد هذه اللجان 8 لجان متوزعة على مستوى محافظات السلطنة وتضم اللجان في عضويتها 98 صاحبة عمل، إلى جانب إطلاق وزارة التنمية الاجتماعية في عام 2016 برنامج ” تمكين” الذي يهدف إلى استثمار طاقة الفرد والأسرة بهدف المشاركة في التنمية، وتحويل الأسر المستفيدة من مظلة الضمان الاجتماعي إلى أسر منتجة ومساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني .
التمكين الاجتماعي والتطوع
تعد استراتيجية العمل الاجتماعي لوزارة التنمية الاجتماعية 2016- 2025 إطاراً عاماً ومرجعياً استوعبت في محاورها الستة المرأة والأسرة، وشكلت مؤشرات النوع الاجتماعي أساساً للخطط التنفيذية لها، وتتضمن الاستراتيجية خطط وبرامج هادفة لتوفير حياة كريمة للمرأة والأسرة ودعم مشاركتها في العملية التنموية المستدامة، وتعتبر زيادة مشاركة المرأة في العمل التطوعي مؤشراً مهما لوضع المرأة ومكانتها في المجتمع، ويعد إشهار جمعيات المرأة العمانية أحد مقومات العمل التطوعي، حيث بلغ عدد هذه الجمعيات بنهاية عام 2019 المنصرم 65 جمعية وفرع، وجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي منهاجا وفكرا يحتذى به في مسيرة البناء والتنمية ومن أهم أهداف هذه الجائزة ترسيخ ونشر ثقافة العمل التطوعي وإبراز دور الأفراد والجمعيات والمؤسسات الاهلية باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية الاجتماعية، وكذلك تفعيل أوجه التعاون والتنافس البناء لخدمة المجتمع وبرزت من خلال هذه الجائزة نساء رائدات في مجال العمل الاجتماعي التطوعي، وكذلك أطلقت وزارة التنمية الاجتماعية برنامج ” تماسك ” لدعم الأسرة للقيام بمسؤوليتها في مجال تنشئة الأطفال وتعزيز تقاسم المسؤولية داخل الأسرة المعيشية والعائلة، ويهدف إلى تعزيز التماسك الأسري وتذليل المشكلات التي تواجه الأسرة، وتوعية المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثاً حول العلاقات الزوجية وتنشئة الأطفال، ولتمكين المرأة من المشاركة الفاعلة في مجتمع عمان الرقمي واستخدام التكنولوجيا تم إنشاء9 مراكز مجتمع معرفية تستهدف المرأة في مختلف محافظات السلطنة يتم من خلالها تدريب النساء في مجال تقنية المعلومات، وتعد هذه المراكز إحدى أهم المحاور التي ارتكز عليها برنامج تدريب المجتمع في مجال تقنية المعلومات، والذي يسهم في تطوير وتنمية مهارات وقدرات المواطنين في مجال التعامل الرقمي والتفاعل مع الخدمات الحكومية الإلكترونية وإتاحة الفرص للوصول إلى آفاق واسعة في مجال تقنية المعلومات.
المرأة والصحة
تضمن النظام الصحي في السلطنة حتى عام 2040 العديد من البرامج والمشروعات الموجهة لصحة المرأة على مدى دورة حياتها، وتضمن ثلاثة أهداف، وهي: القضاء على وفيات الأمهات وحديثي الولادة التي يمكن تفاديها، وتحسين جودة الخدمات الصحية، وإيجاد بيئة معززة لصحة النساء والأطفال، وكفل قانون الطفل في الفقرة 5 من المادة 15 ضرورة أن تتخذ أجهزة الدولة كافة التدابير والإجراءات الوقائية والعلاجية اللازمة لتقديم الرعاية الصحية المناسبة للأمهات قبل الولادة وبعدها، وأيضا تنفيذ البرنامج الوطني لتقديم الخدمات الصحية للمرأة في مرحلة ما بعد سن الإنجاب وذلك على مستوى الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات ويتضمن البرنامج تدريب الكوادر المختصة وتقديم المشورة والتثقيف الصحي حول أعراض وعلامات سن ما بعد الإنجاب مع تهيئة المؤسسات بجميع ما تحتاجه من خدمات، إلى جانب تقديم وزارة الصحة خدمات في مجال الكشف المبكر عن سرطان الثدي للنساء فوق سن الأربعين وحتى النساء تحت سن الأربعين ممن يحملن أحد عوامل خطر الإصابة بهذا النوع من السرطانات.
الآليات المعنية بالمرأة
أنشئت دائرة شؤون المرأة وهي إحدى دوائر المديرية العامة للتنمية الأسرية بالقرار الوزاري رقم 32/84 وتعمل على دراسة وتنظيم وتطوير كافة القضايا المعنية بالمرأة عبر المؤسسات التي تخدم مجال المرأة أو عن طريق الاتصال المباشر بالمرأة في قنواتها المختلفة، وشكلت السلطنة لجنة وطنية لشؤون الأسرة بموجب المرسوم السلطاني رقم 12/2007 والتي تضم في تشكيلها عدد من الجهات الحكومية المختصة تهتم بشؤون الأسرة ووضع السياسات الهادفة للرقي بالأسرة العمانية، وتشكلت اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بالقرار الوزاري 348/2005 بهدف متابعة تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وإعداد التقارير الدورية عن تنفيذ الاتفاقية، كما جاء إنشاء اللجنة العمانية لحقوق الإنسان بموجب المرسوم السلطاني 124/2008 وتعنى بحقوق الإنسان، وتهدف إلى تعزيز التعاون المثمر والبناء بين السلطات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في البلاد، وتتشكل اللجنة من ممثلين للمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب إنشاء المؤسسات والجمعيات التي تعنى بشؤون المرأة،وقد بذلت جهدا لا يمكن إنكاره في دعم المرأة وحمايتها.
الحماية الاجتماعية
كفلت السلطنة الحماية القانونية للمرأة من خلال الإجراءات والتدابير القضائية، عند تعرضها لأي شكل من أشكال العنف، وتعد دعاوي الأحوال الشخصية من الدعاوى المستعجلة ولها صفة الخصوصية والسرية عند نظرها لدى المحاكم بالسلطنة، وأتاح المرسوم السلطاني رقم 55/2010 الحق للمرأة في رفع دعاوي العضل إلى دائرة المحكمة الشرعية بالمحكمة العليا، كما يتيح لها أيضاً التظلم من حكم المحكمة العليا أمام صاحب الجلالة، ويعاقب قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني 12/2011 على الأفعال التي تسيء استخدام تقنية المعلومات واتخاذها وسيلة للإساء تجاه الانثى كإغوائها أو تحريضها على ممارسة الفجور أو الدعارة أو ابتزازها، علاوة على الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد، ولحماية المرأة من العنف بمن فيهن النساء اللائي تعرضن للاتجار بالبشر أنشأت وزارة التنمية الاجتماعية دائرة الحماية الأسرية التي يتبعها دار الوفاق بحيث تقوم الدار بتوفير الإيواء المؤقت للحالات، وتقديم العديد من البرامج الاجتماعية والنفسية والاستشارات القانونية، ومقاضاة الجناة، والعمل على تلبية احتياجات الضحايا، وحل مشكلاتهم، وكذلك كفل قانون الضمان الاجتماعي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 87/84 وتعديلاته للمرأة المحتاجة الرعاية والحصول على معاش ضمان اجتماعي في حالات الطلاق والعجز والمهجورة، والأرامل والبنات غير المتزوجات والنساء المسنات.
المصدر: اخبار جريدة الوطن