احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / الصحف الورقية بين الصمود والاحتضار !

الصحف الورقية بين الصمود والاحتضار !

مارست الصحافة المحلية منذ تأسيسيها ـ وما زالت ـ دورها الوطني في إبراز التنمية الشاملة التي شهدتها السلطنة منذ فجر نهضتها المباركة وحتى يومنا الأجمل، وشهدت الصحف نقلات نوعية في تقديم المحتوى الرصين الذي يعزز قيم المواطنة وتشكيل الهوية الوطنية لدى المجتمع، وما زالت هي المصدر الموثوق عندما تغيب المصداقية عن بعض الوسائل الحديثة، وقد وجهّت الصحف المحلية المجتمع إلى المسار القويم الذي تستهدفه الدولة بمختلف قطاعاتها من خلال الإعلام والإعلان اللذين كانا العصب الرئيسي المساهم في المردود الاقتصادي لهذه الصحف بهدف تشغيلها وتفعيل أهدافها والسمو بها بما يواكب كل مرحلة بالشكل والمضمون القويم.
وقد ركزت رؤية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ منذ بواكير النهضة المباركة في أنّ “صنع الحضارات ومنجزات الأوطان ورقي المجتمع العماني لن يتأتى إلا ببناء الإنسان وتعليمه وتأهيله على مختلف المستويات”، ولا شك أن الإنسان العماني كما أنه عصب هذا التطور في هذا البلد العظيم فأنه أول من أوصل بدوره الفاعل هذه الصحف لمستوياتها المرموقة وساهم في نهضتها إلى وقتنا الحاضر، لذا فأنه من الضروري بمكان إن لم يكن الحفاظ على هذا “الإنسان” فأنه من الضروري السمو به وتعزيز مكانته واستقراره الوظيفي والذهني نحو تطويره والاستفادة منه في تعزيز ذات القيم ومسارات التنمية المستهدفة للجيل الجديد عبر الوسائل الصادقة في طرحها المواكبة لمسيرة التنمية المحافظة على أمن هذا البلد.
إن المساس بهذا العصب الرئيسي الذي قامت عليه النهضة المباركة قطعا سيؤثر على الأهداف المتوخاة ولا يتأتى ذلك بمشاركة الحكومة فحسب بل وبالقطاع الخاص للحيلولة دون وقوع الصحف في مطب الخنق المادي الذي للأسف أصبح منطلقا أول للمؤسسات الحكومية وتتبعها “الخاصة” لترشيد الإنفاق الذي تحدثنا عنه كثيرا، فكانت للأسف ـ الصحف الورقية ـ بعددها القليل في السلطنة هي الضحية الأولى لذلك الترشيد فقلصّت الإعلانات للحد الخانق وألغيت الاشتراكات للحد القاتل في بعض المؤسسات.
إن القرارات غير المدروسة كهذه هي أداة خنق متعمد لهذه المؤسسات الصحفية العريقة وللمواطنين العاملين بها، بل إن بعض المؤسسات لا ترى أنه حتى بنود المسؤولية الاجتماعية تشمل هذه المؤسسات العريقة التي كانت وما زالت تخدم هذا الوطن العزيز في قطاع مهم يتماس مع الناس بل وله التأثير الأكفأ في الاستقرار وتزداد عند التوترات.. نحن نعيش زمنا متقلبا وفي منطقة صراع ملتهبة تتطلب جهودا مضاعفة لدعم المؤسسات الصحفية ومنح الاستقرار لموظفيها المواطنين, حتى يكون كلٍ في موقعه سدا منيعا ودرعا واقيا لوطنه ومجتمعه , عندما تغّث وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يراه البعض “الإعلام البديل” بالذباب الإلكتروني الذي يؤسس لفكرة تستفيد منها الدول الأخرى لزعزعة الأوضاع الآمنة في المنطقة، لذلك فإن أغلب الدول المجاورة انتبهت “عند التوتر” لأهمية دور الصحف في توجيه الرأي العام بل والسعي لمجابهة العدو من خلال الصحف الورقية لذلك عززت دعمها ماديا ومعنويا، وللأسف .. الكثير من المسؤولين لا يدركون السبب الحقيقي الذي يضاعف تأثير الصحف الورقية في مناطق الصراع بل ويعزز مكانتها وصفحاتها كما ونوعا، في حين أننا في منطقة آمنة والحمدلله تركز فيها الصحف على توجهات الدولة وتمارس واجبها الوطني بإمانة وصدق.. ولا شك أن الحكومة تلعب دورا فاعلا في إبقاء هذه المؤسسات وتعزيز مكانتها ودعمها وجعلها آخر الخيارات المُضحى بها في ترشيد الإنفاق المدعو .. لكن الأدهى أن “القول” ما زال قولا… والاستجابة من المؤسسات الرسمية وحتى مؤسسات القطاع الخاص تكاد تكون ـ مشلولة في بعضها و ـ معدومة ـ في بعضها الآخر في الوقت نفسه الصحف “تحتضر” وموظفوها يعانون مرارة متجددة من مستقبل مجهول وللأسف أنه لا جديد يذكر ولا قديم يعاد.

المحرر


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى