يجب أن يشتمل اتفاق السلام النهائي على إجراءات راسخة تعزز أمن اليمن. سوف نغلق للأبد ذلك الملاذات الآمنة للإرهابيين، وسنعمل مجددا مع شركائنا الغربيين والعرب على تطهير أرضنا من الإرهابيين، الذين يخططون لمهاجمة أهداف في الولايات المتحدة وأوروبا والبلدان العربية وغيرها.
بعد مرور عام على تدخل قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وبدعم من الجيش الوطني اليمني، أستطيع أن أقول لشعبي بكل ثقة إننا نعمل بجد من أجل استعادة السلام. فقد ضعف الوضع العسكري للمتمردين الحوثيين، وسوف يتم استئناف محادثات السلام الشهر الجاري. كما سيبدأ سريان وقف إطلاق النار في الـ10 من أبريل الجاري استعدادا للمحادثات. وعلى الحوثيين احترام ذلك.
وعلينا الآن توجيه جهودنا إلى إعادة بناء بلدنا التي دمرتها الحرب.
اندلعت الحرب في اليمن في صيف عام 2014، عندما هاجم المتمردون الحوثيون، المدعومون بقوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، قوات الجيش الحكومي في مدينة عمران. ثم اتجه المتمردون لاحتلال العاصمة صنعاء، وأطاحوا بالحكومة المنتخبة بشكل شرعي في سبتمبر من نفس العام.
وقبل تصعيد قوات صالح والحوثيين العنف، لم تدخر حكومتي جهدا لتجنب حرب شاملة، وكانت البلاد تمر بعملية انتقال سلمي للسلطة. لكن تلك العملية تم تقويضها في الوقت الذي كانت البلد تنفذ فيه قرارات مؤتمر الحوار الوطني، الحوار الذي كان يشارك فيه اليمنيون ويدعمه المجتمع الدولي. وكان الحوثيون أنفسهم طرفا في نقاشات المؤتمر إلى أن قاموا بإذكاء العنف.
ومع سقوط بلادنا في الفوضى، لم يعد أمامنا من خيار سوى طلب العون من أشقائنا في المملكة العربية السعودية، وبلدان عربية أخرى. وبدون التدخل، ربما كان مستقبل اليمن هو بلدا بلا قانون تسيطر عليه العداوات. وبسبب الموقع الهام لليمن من الناحية الاستراتيجية على خليج عدن، فإن تأثير الفوضى المستمرة كان يمكن أن يتجاوز حدودنا، ليصل بلدان الخليج الأخرى وأوروبا والولايات المتحدة.
والآن فقد استطاعت حكومتي وقوات التحالف تغيير ميزان القوى على الأرض، حيث تم تحرير نحو 75% من الأرض التي سبق أن احتلتها قوات الحوثيين وصالح، وهذا هو الذي يفسر سبب موافقتهم على المشاركة في محادثات سلام جادة للمرة الأولى. كما أننا نشهد بالفعل بعض نتائج تلك الجهود السلمية، حيث تقلص القتال على امتداد حدودنا مع المملكة العربية السعودية.
إن بلادي التي تفخر بموروث حضاري وثقافي مشرف يعود لأكثر من 1000 عام، تستحق فرصة للنمو والازدهار مرة أخرى.
إن هزيمة التطرف تتطلب حكومة متماسكة تستطيع توفير الخدمات لمواطنيها. ونحن نطور برنامج انتعاش اقتصادي لمرحلة ما بعد الحرب لمساعدة اليمن على التعافي. غير أنه يجب على العالم الوقوف إلى جانبنا في الوقت الذي نعمل على إعادة بناء بلدنا. فنحن بحاجة عاجلة إلى مساعدات اقتصادية دولية. ونحتاج بشكل خاص إلى توفير فرص عمل للشباب اليمني والاستفادة من حماسهم لمستقبل بلدهم.
وقد بدأ بعض التقدم. وبمساعدة شركائنا العرب والمسلمين، عاد أغلب وزراء الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن للقيام بمهامهم. ونأمل أن تقود المفاوضات في أبريل الجاري بمساعدة الأمم المتحدة إلى استئناف العملية السياسية السلمية في اليمن وتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني، التي تدعو إلى إقامة دولة فيدرالية. وتقدّر حكومتي ما تقوم به الأمم المتحدة لمساعدة اليمن، وسوف نستمر في دعم جهود إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن.
ومع ذلك، فكي يكون هناك اتفاق في محادثات الشهر الجاري، يتعين على قوات الحوثي وصالح قبول قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي يدعو كل الأطراف إلى الالتزام بالمسار السياسي، وبالتوصل إلى اتفاق متين ودائم يسمح للحكومة بالعمل على إعادة النازحين إلى ديارهم، وإصلاح ما أفسدته الحرب.
كما يجب أن يشتمل اتفاق السلام النهائي على إجراءات راسخة تعزز أمن اليمن. سوف نغلق للأبد ذلك الملاذات الآمنة للإرهابيين، وسنعمل مجددا مع شركائنا الغربيين والعرب على تطهير أرضنا من الإرهابيين، الذين يخططون لمهاجمة أهداف في الولايات المتحدة وأوروبا والبلدان العربية وغيرها. وفي الأسبوعين الماضيين، شرعت الحكومة اليمنية بالفعل في شن حملة في عدن ضد المنظمات الإرهابية والجماعات المتطرفة المسلحة. ونجحت الحملة في إعادة الأمن إلى عدن. والآن تعمل حكومتي على شن حملات مماثلة في مناطق أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون واضحا لإيران، التي تسعى لمدّ نفوذها من خلال وكلائها الحوثيين، أن اليمن لن يتخلى عن شبر واحد من أرضه للقوات الأجنبية.
توليت الرئاسة في عام 2012 عندما كانت بلدي تعاني من حالة من الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار. وحتى قبل ذلك، كان هناك كثير من القضايا المتراكمة بدون حل. والآن علينا الالتفات إلى عملية المصالحة العاجلة والملحة.
في السنوات التي سبقت إشعال العنف من قبل قوات صالح والحوثيين للعنف والذي تصاعد ليتحول إلى حرب أهلية، كان اليمن يحقق تقدما كبيرا من خلال خطوط عريضة محددة بشكل واضح رسمها مؤتمر الحوار الوطني. وبنفس الخطوات والإجراءات، يتعين التمسك بتلك الإرشادات التوجيهية عند التعاطي مع تداعيات انقلاب الحوثيين وصالح.
إن حكومتنا تمد يدها بالسلام المستدام ولا تساوم على عملية إعادة بناء الدولة في اليمن. وعلى الرغم من التحديات القائمة، فإن آفاق مستقبل اليمن تبدو أكثر إشراقا اليوم من أي وقت في العام الماضي.
فقد تراجعت وتيرة العنف، وتم تحديد موعد للمفاوضات. وبات السلام قابلا للتحقيق. ونستطيع أن نستشرف مستقبلا يرفل فيه اليمن بالاستقرار والازدهار، ويوفر فرصة متساوية وأوضاعا معيشية أفضل ومكانة متساوية في المجتمع للجميع. وعلينا ألا نتخلى عن الأمل.
عبد ربه منصور هادي رئيس اليمن
خدمة نيويورك تايمز خاص بـ”الوطن”