■ ناصر البحراني
يعيش الناس وبشكل عام في هذه الفترة من الزمن عصر التقنية، وعندما أقول كلمة يعيش فإنني أعني أن التقنية أصبحت داخلة ومختلطة وبشكل كبير في حياة الناس ومعيشتهم وبتصرفاتهم، ولا نستثني فئة عمرية من مجمل الناس، بل قد تكون الفئة الأصغر سناً هي الأكثر استخداماً وتعاملاً مع التقنية، وما أقصده بالتقنية في موضوعنا هذا هو مختلف المنصات التشغيلية والأجهزة الإلكترونية الذكية التي لها القدرة على الاتصال والتواصل من خلال شبكة الانترنت. فشبكة الانترنت مرت بتطورات عدة منذ بداية انطلاقتها لعامة الناس في مطلع التسعينيات، إلى أن وصلت في وقتنا الحالي لأن يطلق عليها بالعالم الافتراضي، حيث أصبحت (الانترنت) انعكاساً تفاعلياً للواقع الحقيقي، فعند زيارتك لموقع ما على الانترنت يجب أن تضع بعين الاعتبار أن هذا الموقع ما هو إلا انعكاس إما لشخص أو مؤسسة وبالتالي وحسب الفطرة الطبيعية البشرية في عمليات التعامل مع الآخرين وجب علينا معرفة هذا الشخص أو هذه المؤسسة لكي تقرر مواصلة الاستمرار في التعامل من عدمه، وهذا للأسف ما يفتقر إليه الكثير من المستخدمين والمتعاملين مع المواقع والتطبيقات، حيث ينظرون إلى المواقع والتطبيقات على انها شيء غير محسوس وغير ملموس وبالتالي يتم التعامل معها بعدم اهتمام أو جدية، والمطلوب بالطبع تغير هذه النظرة إلى العكس، والآن فإن معرفة العالم الافتراضي على الانترنت من قبل أولياء الأمور في الأسر أصبح شيئا مهما للغاية، فهم بالأساس قائمون على تربية الأبناء وتعليمهم كل المتعلقات بالأمور الحياتية بما فيها التعامل مع الغير، فنجد ولي الأمر أو رب الأسرة لدى أغلبية الناس يعرف عن أبنائه أكثر التفاصيل، فعلى سبيل المثال لا الحصر الأصدقاء وأوقات الخروج والرجوع للمنزل وأماكن قضاء وقت الفراغ وأنواع الألعاب والرياضات وهكذا، وهذا بالطبع في الحياة الحقيقية الواقعية الملموسة، ولكنه لا يعرف أن الأبناء لديهم أيضاً عالم آخر غير العالم الذي نعيش فيه، عالم افتراضي على الانترنت أكبر وأشمل وأوسع من العالم الحقيقي ويوجد عليه صداقات وتمارس عليه الأنشطة المختلفة والألعاب ومختلف التعاملات، فيتوجب على ولي الأمر في الأسرة أن يعي ذلك جيداً وأن يقوم بدوره كما في الواقع الحقيقي الملموس وأن يكون فعالاً على الواقع والعالم الافتراضي على شبكة الانترنت.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن عن كيفية القيام بذلك؟ لقد تنبهت الشركات المسؤولة عن انتاج منصات أنظمة التشغيل والبرامج والتطبيقات وبعض أجهزة الربط الشبكي إلى هذا الأمر وقامت بإضافة برامج مخصصة للأهالي لكي يقومون بتنظيم استخدام شبكة الانترنت وإدارة المواقع والتطبيقات التي يتعامل معها الأبناء ومعرفتها، ويطلق على هذه البرامج ببرامج المراقبة الأبوية Parental Control، وتتوفر أيضاً هذه البرامج من قبل شركات أمن المعلومات المسؤولة عن انتاج برامج مكافحة الملفات الضارة بشكل عام بالإضافة إلى بعض الشركات التخصصية في هذا المجال، لذلك فهناك عدة خيارات أمام ولي الأمر ليختار منها الأنسب وعلى حسب احتياجه، فالآن لن تقتصر المراقبة الأبوية على جهاز واحد، فالكثير من المنازل يوجد لديهم أجهزة حاسوب وأجهزة لوحية وهواتف ذكية بالإضافة إلى التليفزيونات الذكية، لذلك وفي مثل هذه الحالة يفضل أن يتم تفعيل إدارة الانترنت ومحتواها من خلال موزع الانترنت بالمنزل، حيث تحتوى الفئة المتقدمة من أجهزة الرواتر Router على برامج تسمح للشخص المسؤول من تحديد أوقات عمل الانترنت للأجهزة والتحكم بمحتواها كمواقع وهذا بشكل عام، أما لو أتينا للقيام بعملية مراقبة أكثر عمقاً وتفصيلاً فهنا سوف يحتاج المسؤول وخاصة للهواتف الذكية لتثبيت برامج مراقبة أبوية على أجهزة المستخدمين من الصغار وبذلك فإن هذا البرامج وبعد ادخال معطيات سن الطفل أو المراهق فإنها تقوم وبشكل تلقائي بمنع المواقع والمحتويات غير اللائقة التي لا تتناسب مع عمره، بالإضافة إلى عمل تقرير يومي يتم إرساله للمسؤول كل أربع وعشرين ساعة عن أكثر التطبيقات استخداماً والوقت الذي قضاه في استخدامه ومن هنا يستطيع ولي الأمر من مراجعة طبيعة الاستخدام ومن ثم القيام باللازم من حيث عملية النصح والإرشاد، كل ذلك مهم ولكن الأهم هو زرع ثقافة التعامل الصحيح التي تعكس التربية الصحيحة لدى الأبناء ومن ثم مراقبة عملية التنفيذ لها، فهل جربتم برامج المراقبة الأبوية؟ ■