ضمن آراء ودراسات لغوية متعددة
متابعة ـ علي بن صالح السليمي:
المؤتمر العلمي الدوليّ العاشر “المبرد الأزدي: جهوده العلمية وآثاره اللغوية والأدبية” ، مشروع ثقافي عملي نحوي نظمته حدة الدراسات العُمانية في جامعة آل البيت في الأردن بالتعاون مع مركز الدراسات العُمانية في جامعة السلطان قابوس، هذا المؤتمر أتى ليوثق ويستذكر المبدِعين ذوي الأصول العُمانيّة في شتى ميادين الحضارة العربيّة الإسلاميّة قديما وحديثا، المؤتمر أيضا تناول الحالة الإبداعيّة عند المبرِّد وأصدائها قديما وحديثا تناولاً علميّا موضوعيّا بعد ما حظي به من اهتمام بحثيّ لدى الباحثين في ظلّ تحقيق آثار علميّة جديدة له تؤكّد مكانته السامقة في التراث اللغويّ والأدبيّ إبّان القرن الثالث الهجريّ.
* نسقية المعرفة اللسانية عند المبرد
الدكتور نواري سعودي من جامعة سطيف بالجزائر ألقى ورقة عمل تحت عنوان ” نسقية المعرفة اللسانية عند المبرد “نموذج المقتضب” تحدث في هذه الورقة عن المبرد كونه يعد أحد أبرز نحاة ولغويي القرن الثالث الهجري في موكب اللسانيات العربية على عهدها الذهبي، وقد عرف بالحفظ والتثبت ودقة النظر وسعة الاطلاع والقدرة على الجدل والمناظرة، مما أهله لأن يكون القيم على المدرسة البصرية في عصره، فإليه انتهت الرياسة فيها، كما يشهد بذلك قول ابن جني فيه بأنه “يعد جيلا في العلم وإليه أفضت مقالات أصحابنا وهو الذي نقلها وقررها وأجرى الفروع والعلل والمقاييس عليها” أو كما وصفه الأزهري في مقدمة التهذيب: “كان أعلم الناس بمذاهب البصريين في النحو ومقاييسه”، ولم يكن اهتمامه بالنحو فحسب، فلقد طاف على فروع اللغة من أصوات وصرف ونحو ومعجم ودلالة وأسلوب وغيرها، ولكن براعته في النحو طارت في الأقطار عبر الزمن بفضل كتابه المقتضب، إن هذا العلم الجم ينم عن منظومة معرفية شاملة يصدر عنها صاحبها ويأوي إليها في الحكم والتقعيد والمحاججة وما يقرره من مقاييس، ما جعله ظاهرا بالحجة ،فيما كان يجمعه بزعيم الكوفيين في عهده أبي العباس ثعلب، ولن ينتقص من قدره ما بث هنا وهناك من تعقبات أو انتقادات، فعلى قول من قال “كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه”. بعدها تطرق الدكتور نواري سعودي إلى أصل المبرد محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمير، بن حسان بن سليم بن سعد بن عبد الله بن يزيد بن مالك بن الحارث بن عامر بن عبد الله بن عوف بن أسلم ـ وهو ثمالة ـ بن أحجن بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث، صنفه الزبيدي على رأس طبقته “الثامنة” من البصريين، فقد انتهت إليه رياسة العلم بعد طبقة الجرمي والمازني اللذين أخذ عنهما النحو وإن كان المازني أكثر تأثيرا في شخصيته العلمية، وهو أكثر تعويلا عليه.
ويقول الدكتور نواري سعودي أن المبرد صنف جملة من الكتب تدل مضامينها على الطابع الموسوعي لمعرفته، هي كما ينقل صاحب الفهرست “كتاب الكامل، كتاب الروضة، كتاب المقتضب، كتاب الاشتقاق، كتاب الأنواء والأزمنة، كتاب القوافي، كتاب الخط والهجاء، كتاب المدخل إلى سيبويه،كتاب المقصور والممدود، كتاب المذكر والمؤنث، كتاب معاني القرآن، كتاب احتجاج القراءات، كتاب الرسالة الكاملة، كتاب الرد على سيبويه، كتاب قواعد الشعر، كتاب إعراب القرآن، كتاب الحث على الأدب والصدق، كتاب قحطان وعدنان، كتاب الزيادة المنتزعة من سيبويه، كتاب المدخل في النحو كتاب شرح شواهد سيبويه، كتاب ضرورة الشعر، كتاب أدب الجليس، كتاب الحروف في معاني القرآن إلى طه، كتاب معاني صفات الله جل وعلا، كتاب الممادح والمقابح، كتاب الرياض المونقة، كتاب أسماء الواهي عند العرب، كتاب الإعراب، كتاب الجامع، لم يتمه، كتاب التعازي، كتاب الوشي، كتاب الفقر، كتاب سيبويه، كتاب العروض، كتاب فقر كتاب الأوسط للأخفش، كتاب الناطق، كتاب البلاغة، كتاب شرح كلام العرب وتلخيص ألفاظها ومزاوجة كلامها وتقريب معانيها، كتاب ما اتفقت ألفاظه واختلفت معانيه في القرآن، كتاب طبقات النحويين البصريين وأخبارهم، كتاب الفاضل والمفضول، كتاب العبارة عن أسماء الله الحسنى، كتاب الحروف، كتاب التصريف” ، ما يعني أنه يضرب في كل علم بسهم، ويشهد له في كل فن بعلو كعب.ويعد المقتضب أهم كتاب له في باب النحو وصناعة العربية، فقد أفرده كله لهذا العلم، كما أننا لا نجده في كتاب الكامل لا يحيل إلا عليه، ولا ينقص من قيمته قول أبي علي الفارسي الذي ينقله صاحب نزهة الألباء : “نظرت في كتاب المقتضب فما انتفعت منه بشيء إلا بمسألة واحدة وهي وقوع إذا جوابا للشرط في قوله تعالى: (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون. )” ولو قبلنا نسبة هذا الكلام لأبي علي لطعن في مكانته، لأن سيبويه كان ذكر في الكتاب (ج1/435)أن إذا الفجائية تؤدي دور الرابط لجواب الشرط واحتج بالآية الكريمة، والمبرد إنما ذكر ما قاله سيبويه في موضعين من المقتضب وما زاد عليه شيئا ، كما لا يمكن أن ينال منه ما ذهب إليه كمال الدين بن الأنباري من أن سبب عدم شيوع المقتضب بين الناس يرجع إلى أن الناس أخذوه عن المبرد بطريق ابن الراوندي المعروف بالزندقة “فكأنه عاد عليه شؤمه فلا يكاد ينتفع به” ، وهذه وغيرها أقوال قد تكون منتحلة ومكذوبة على أصحابها، أو تكون نابعة عما بين بعض هؤلاء وبين المبرد من اختلاف المذهب وتباين المرجعية المعرفية، ولعل مما يعكس قيمة الكتاب، أنه يعد أكثر كتب المبرد نضجا، فلقد كتبه في أخريات حياته بعد تمرس بمسائل النحو وغوامضه. ويشير الدكتور سعودي أن المبرد بصري المذهب، ومعلوم أن البصرة كان توجهها عقليا، يعتمد السماع المستفيض والقياس على ما كثر، وعدم الاعتداد بالشاذ أو القليل، خلاف أتباع الكوفة الذين قد يبنون على ما ندر أو ما لم يطرد استعمالا وإن صح قياسا، من ذلك ما رواه ابن جني من أن العرب استغنت “بـ أينق عن أن يأتوا به والعين في موضعها، فألزموه القلب، أو الإبدال، فلم يقولوا أَنْوُق إلا في شيء شاذ حكاه الفراء” ، كما كانوا يتوسعون في الأخذ عن العرب ممن سكن الحاضرة، فالكسائي مثلا، وهو إمام الكوفة وعلمها الأظهر، “توسع في القياس، فلم يقف به عند المستعمل الشائع على الألسنة ولا عند أعراب البدو بل مده ليشمل ما ينطق به العرب المتحضرون ممن يمكن أن يكون قد دخل اللحن على ألسنتهم.
وعرجا الدكتور نواري سعودي إلى طرح سؤال في هذا الإطار تمثل في (هل هنالك لسانيات عربية) ومن هنا دخل إلى عوالم الأجوبة قائلا: إن البصرة في سعيها لإقامة صرح للسانيات العربية، وهنا نحن نتحدث عن المراحل الأولى وما تلاها إلى غاية الطبقتين الأولى والثانية البصريتين، حاول علماؤها أن يحددوا موضوع دراستهم وهدفها ومنهجها متوسلين في ذلك بما تيسر لهم وعن أمامهم من المصطلحات التي عادة ما تشكل مداخل ضرورية لأي علم أو فن، كما أنها تعبر في الوقت نفسه عن المفاهيم الخاصة بحقل الدراسة وموضوعها.
وقال: لا أحد ينكر أن بواكير الدراسات اللغوية العربية لم تظهر دفعة واحدة، وبالمقابل لا يمكن لمنكر أن يلغي جهدهم الكبير الذي مهدوا به للدراسات التنظيرية، على أننا ـ إذا أردنا أن نقيم المحيط المعرفي الذي نشأت فيه الدراسات النحوية واستوت ـ لا يجب أن نفصل بين الجهود العلمية العربية في بداياتها، والتي وان اختلفت في مواضيعها فأنها تتقاطع في منطلقاتها وأهدافها، لقد نشأت جميعا في جو خدمة العقيدة الإسلامية، ولأجل بواعث دينية خالصة، فالمنطلق والمآب هو خدمة القرآن الكريم والسنة النبوية والحفاظ عليهما وتحصيل الفهم السليم لهما باعتبارهما دعامتي الأمة، سواء كان المشتغل مفسرا أو فقيها وأصوليا أو لغويا أو نحويا، وهذا التداخل هو الذي أوجد لدى المتقدمين ثقافة موسوعية وإن كان يغلب على الواحد منهم تضلع في ميدان بعينه وبراعة في فن مخصوص.
ويشير نواري الى أن الجهود العربية المتقدمة والتي كانت تسعى لبناء نظري متكامل للغة وعلومها كان همها اللغة دون سواها منظورا إليها بطبيعة الحال على أنها وسيلة لغاية وراءها، وحينما نعرض لتعريف اللسانيات على أنها الدراسة العلمية للغة في ذاتها ولذاتها كما يرى رائد اللسانيات الغربية دو سوسير، لا ننسى فكرة أسلمة العلوم، المنطلقة من أنه لا علم يتلقى أو يدرس لذاته، بل إن كل ما يأتيه الإنسان ويذره يجب أن يدور حول غاية عليا رسمها الوحي “قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين” . “فالعرب بحكم مميزات حضارتهم وبحكم اندراج نصهم الديني في صلب هذه المميزات قد دعوا إلى تفكر اللغة في نظامها وقدسيتها ومراتب إعجازها” . أي إن عملهم لم ينفك عن الرسالة الدينية، وهذا لا يعد مطعنا في موضوعية الدراسة والبحث وإنما هو في صميمه عامل من عوامل حفظ مسارهما وتوجيههما على هدي.
أما مقومات العلمية في اللسانيات العربية فقد قصدها نواري سعودي بقوله في هذا الجانب بأنها مجموعة الركائز التي متى توفرت في معرفة ما قيل عنها علم وكانت حقيقة بصفة العلمية، ونشير هنا إلى أهم تلك الركائز ممثلة في ـ تحديد موضوعها: وهو مجال اشتغالها والإطار الذي تبحث فيه، وبالرجوع إلى الدراسات العربية نجدها ومنذ اللحظات الأولى لميلادها قد حددت هدفها والحيز الذي تسائله، وهو اللغة في مختلف فروعها، من صوت وصرف ونحو ومعجم وهلم جرا، حتى وإن لم تلك البدايات الأولى ناضجة بما يكفي، وهي حالات الإرهاص في كل العلوم وعند كل الشعوب، فملاحظات صوتية هنا وإشارات صرفية هناك لكن الملامح كانت واضحة، على الرغم التركيز أول الأمر بشكل واضح على مسألتي المعجم والمناويل المجازة، ولعل هذا أهم ما في اللغة، وما بقية العلوم الفرعية إلا خدم، كما أن الغاية التي كان إليها التوجه العربي الأول، لم يكن إيجاد المعارف الفرعية التي قد لا تؤثر كثيرا في بناء الملكة، بل هو وسيلة الحفاظ على اللسان من الزيغ واللحن الذي فشا صونا لما تبقى من فصاحة العربية وسلامة سليقة العربي، وبناء للملكة عند من يطلبها، لغاية إبقاء سلامة التواصل مع القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وهذا واحد من أهم اهتمامات اللسانيات المعاصرة، أي بناء الملكة وتعليم اللغة، وقد أشار ابن خلدون إلى هاتين الدعامتين في مقدمته في أكثر من موضع، وثانيا ـ المنهج: المنهج هو الطريقة المتبعة في إنجاز أي عمل، أو هو “تدبير نظري لضبط عملية البحث وإدارة شؤونه” ، والمتتبع لعملية التأسيس المعرفي العربي في مجال الدراسات العربية يجد أن ما تم اعتماده من منهجية لها خاصية التنوع من منطلق تنوع مقتضيات البحث، ومراحله، وحاجات الباحث فيه. وفي مظاهر نسقية المعرفة في المقتضب، وهنا يشير الدكتور نواري سعودي أنه لا يمكن بحال الإحاطة بالمنظومة المعرفية لرجل في قامة المبرد الذي يعد نسيجا وحده وشيخ طبقته في مذهبه، فذلك يحتاج إلى بسط وهو أولى بدراسات مستفيضة تضيء كل واحدة منها جانبا من جوانب تلك النسقية التي أهلته لأن يكون كما شهد له الأقران والمخالفون على السواء. فراح المبرد إلى كل ذلك وعقد له بابا مستقلا، نجده في المقتضب تحت عنوان “باب التبيين والتمييز” فهو إذا يعيد صياغة ما يحتاج إلى صياغة إما توزيعا لما اختلفت أبوابه وجمع في الكتاب تحت باب واحد، وإما جمعا لما توزع فيه تحت عنوان واحد، ما يعني أنه لا يسير سير سيبويه حذوك النعل بالنعل في كل شيء كما قد يتوهم، بل يتبع فيما أنه حجة، ويخالف فيما لا يراه يستند إلى أساس صلب. وهذا أحد الأسس المنهجية الثابتة عند المبرد.
* دراسة القضايا النحوية
في الإطار ذاته كان للدكتور مشهور أحمد اسبيتان حديث جاء بعنوان “المبرد الأزدي : جهوده العلمية وآثاره اللغوية والأدبية” حيث تطرق إلى ” القضايا النحوية في كتاب الكامل ” إلى دراسة القضايا النحوية التي وردت في فهرس الكتاب من أجل إبرازها وبيان رأي المبرد فيها , والوقوف على المنهج الذي سار عليه مع تناول هذه القضايا وشرحها ، وموازنة رأيه مع رأي غيره من النحاة . وسار في حديثه وفق المنهج الوصفي تتبع القضايا النحوية في كتاب الكامل , وشرح شواهدها , وموازنة رأي المبرد فيها مع رأي غيره من النحاة ، متناولا سيرة المبرد وأهمية كتاب الكامل أهمية كتاب الكامل فقد قال ابن خلدون :” سمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة دواوين وهي : أدب الكاتب لابن قتيبة , وكتاب الكامل للمبرد , وكتاب البيان والتبيين للجاحظ , وكتاب النوادر لأبي علي القالي ” وكتاب الكامل غني بموضوعاته , جمع أصنافا من العلم والأدب , قال المبرد :” هذا كتاب ألفناه يجمع ضروبا من الآداب ما بين كلام منثور , وشعر مرصوف , ومثل سائر , وموعظة بالغة , واختيار من خطبة شريفة , ورسالة بليغة ويعد كتاب الكامل مصدرا أساسيا للتراث العربي سواء كان ذلك في مادته الأدبية أو في مادته النحوية واللغوية , أو في القضايا النقدية التي تناولها.وقد اعترف الباحثون القدماء بأهمية هذا الكتاب فاهتموا بشرحه ومنهم :ابن السيد البطليوسي المتوفى عام 444هـ , وهشام بن أحمد الوقشي المتوفى عام 489 هـ , ومحمد بن يوسف السرقسطي المتوفى عام 538 هـ، ويضم الكتاب ألوانا من الثقافة العربية الأدبية والإخبارية والتاريخية واللغوية والنحوية والقرآنية , مما جعله واحدا من أنفس وأمتع كتب العربية على زمانه وإلى أزمان أخرى تالية , يثقف النفس , ويهذب الروح , ويصقل العقل , ويوسع الأفق , وينمي في الإنسان ملكة حب المعرفة وعشق التراث.
وهناك واحد اشتمل على القضايا النحوية في فهرس كتاب الكامل وهي : المبني على وزن فعالِ , وما ينصب على المدح والذم ويجوز فيه القطع , وعطف الظاهر على المضمر , ولام الاستغاثة ولام الإضافة , والممنوع من الصرف على وزن فُعَل , وكلمة كائن وأصلها , ولولا عند اتصالها بالضمير. ويقول الدكتور مشهور أن معظم العلماء المعاصرين على المبرد، وكذلك الذين جاءوا بعده على سعة علمه وطول باعه في العلم والأدب وفصاحة اللسان وقوة البيان , ونعتوه بإمام العربية في زمانه , وإليه انتهى نحو البصرة , ووجدنا له كثيرا من المؤلفات في مواضيع شتى , وخاصة النحو الذي خصص له كتاب المقتضب ؛ إلا أنه ضمن كتابه الكامل إعرابا وشرحا نحويا لبعض النصوص , وانفرد ببعض الآراء والقضايا في الكتاب مما جعل بعض الباحثين يصفه بالكاتب اللغوي النحوي.
كما أن الدكتور مشهور أحمد اسبيتان لخص حديثه في هذا الإطار بنتائج خرج بها من خلال البحث والتقصي تمثلت في أن ظهر انتماء المبرد إلى مدرسة البصرة من خلال القضايا النحوية التي طرحها في كتابه الكامل . وكشفت القضايا النحوية التي طرحها المبرد في كتاب الكامل عن مقدرة لغوية ونحوية وأدبية تمتع بها , فاستحق أن يكون إمام العربية في بغداد وإمام نحاة البصرة في زمانه . وظهر منهج المبرد واضحا في كتاب الكامل , فقد أكثر من الاستشهاد بالآيات القرآنية والشواهد الشعرية , ولم يستشهد بالحديث النبوي . ويرى المبرد أن ما كان من المؤنث على وزن ” فعالِ ” فهو مؤنث معرفة معدولٌ , وهو عنده على أربعة أضرب : اسم الفعل , والصفة الغالبة التي تحل محل الاسم , وما عدل عن المصدر , والأعلام الشخصية ويفيد القطع في التوابع أغراضا بلاغية منها المدح والذم , ويرى المبرد أن القطع أبلغ من الإتباع ؛ لأنه يقيم الصفة مقام الاسم . ولم يجز المبرد عطف الاسم الظاهر على ضمير الجر المتصل في القرآن , وأجاز ذلك في ضرورة الشعر , وأجاز عطف الاسم الظاهر على ضمير الرفع المتصل في القرآن بعد تأكيده , وأجازه دون تأكيد في ضرورة الشعر . والاستغاثة : نداء من يخلص من شدة , وحكم المستغاث أن يجر بلام مفتوحة , والمستغاث له يجر بلام مكسورة . أما العدل في الأسماء المشتقة على وزن فُعَل يعني اشتقاق اسم من اسم على طريق التغيير له , وكل اسم علم لرجل على وزن فُعَل يمنع الصرف إذا كان معرفة , ويصرف إذا كان نكرة . وكلمة كائن تفيد التكثير وأحيانا التفخيم والتعظيم , وورد فيها عدة لهجات منها : كائن , وكأي , وكأين , وكيءٍ , ولا يأتي خبرها مفردا , بل يأتي جملة وفي نهاية الأمر ذهب المبرد إلى أن ( لولا ) لا تأتي حرف جر , وهي عنده حرف ابتداء يأتي بعدها الاسم الظاهر أو الضمير المنفصل, ولكن سيبويه وغيره من النحاة أجازوا أن تكون جارة لورودها في شعر العرب.
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / باحثو اللغة يطلعون على المبرد الأزدي وجهوده العلمية وآثاره اللغوية والأدبية