
زهير ماجد
مرة أخرى عن اتفاقية تبدو وكأنها تسعى لتحقيق تسوية، لكن البعض يراها تحتاج لتسوية. في كل الأحوال قد لا يعني التهدئة على الجبهات أن التزام الأطراف الإرهابية قد تحقق، فيما قد يصح القول، إن وقف النار لو تحقق بالفعل وضمن البنود المقترحة، فهذا يكشف بصراحة، كم هو التأثير المباشر للكبار على المنفذين، وقبلها على الدول الواسطة بينهما، والتي تتحمل عبء التمويل والدعم وتقديم الاحتياجات الكاملة الشاملة للمقاتل المسلح .
لا تتوقف النار إلا إذا كان ثمة أمر صدر للجميع، ما يعني السيطرة المعنوية والمادية على الحرب الدائرة على سوريا. فليس هنالك كما قررنا وقلنا مرارا، قوى عسكرية ولها تفاصيلها المتعددة ولدت من فراغ، لا بد لها أب وأم، ومعركة من هذا النوع لإسقاط دولة ونظام ورئيس وتفتيت جيش وربما شعب وتقسيمه، بمعنى تغيير كامل شامل، لا بد أن لها أبوة تملك كل مفاتيح السيطرة المطلقة وليس لأحد أن يعاندها في كل صغيرة وكبيرة .
وزير الخارجية الأميركي كيري لا يتصرف إلا إذا كان عالما بأذرعته المسيطرة على تلك الحرب التي هي صناعة دولته، مثلما تتكشف الأخبار عن حروب عديدة صنعتها الولايات المتحدة وفي طليعتها الحرب اللبنانية التي دامت خمس عشرة سنة بالتمام والكمال ولم تنتهِ إلا برضاها وتصميمها واعتمادها الشكل القانوني الذي كان اتفاقية الطائف .. ثم إذا رجعنا إلى الرسالة التي تلقاها ما يسمى “جيش سوريا الحر” من الأميركيين من أجل إطلاعهم على بنود الاتفاق إياه، وكيف رد هذا “الجيش” رافضا له، نعرف بالتالي بابا أوليا يأخذنا إلى ما يشبهه في كل تفاصيل الحرب على سوريا من “طأطأ لسلام عليكم” كما يقول المثل .
بدءا من الساعات التي مرت سيتكشف حقيقة الاتفاق الذي لا يمكن للروسي وحده أن يرسمه دون مشاركة الأطراف الرئيسية من سوريا إلى إيران إلى حزب الله إلى أكثر من سبعين ألف مقاتل إلى جانب الجيش العربي السوري، بمعنى وحدة قتالية متجسدة على أرض حرة تدافع عن ذاتية مستوعبة لأمة .. هذا الكم برأيي لا يكفي والمطلوب مئات الآلاف من المؤمنين بأن الدفاع عن سوريا إنما دفاع عن الأمة كلها، بما يصح القول المتكرر إننا كلنا سوريون، وإن الشام عروستنا التي ننام على ذراعها.
إذن، نحن مع وقف للنار لا يكون تركيبة مؤقتة كما قلنا سابقا من أجل إعطاء النفس للمسلحين قوة وعددا وسلاحا وإعادة تنظيم، حيث كما نعرف أن كل يوم يمر يدخل إلى سوريا من تركيا المئات أو ربما الآلاف الجدد منهم وجل ما يعتقده هؤلاء الغرباء أنهم يخوضون الجهاد، لكن ضد من، هو ما لا يعرفونه، وتلك مشكلة مفتوحة على المدى سيتحملها عالم متعدد إذا ما قيض للحرب على سوريا أن تنتهي يوما ما .
نحن لسنا أمام اختبار طالما أن المسيطر على المسلحين والمحاربين والممولين والداعمين يمسك بأوراق الحرب جميعها ولديه سحر الكلمات الرنانة التي تأمر فيطاع. لكننا نعتقد أن هدف الحرب لم يتم التوصل إليه، وبالتالي فإن إمكانيات كتابة النهاية لها ما زال مبكرا .