زهير ماجد
كثيرا ما سمعت البروفيسور في الأمراض السرطانية باميركا اللبناني فيليب سالم وهو يردد أنه يتعامل مع مريضه على أساس الزمن، اي تأجيل الشفاء لمن بلغوا مرحلة خطيرة، فلربما بعد شهور تم اكتشاف علاج جديد يسعفهم شهورا انتظارا لعلاج آخر وهكذا. مثل هذا يحدث في الأزمة السورية، رهان على الزمن من بوابة الأمل بحدوث اختراق ولو ضئيل يفضي الى مشروع حل أو رؤية لحلحلة او تفاهم وما الى هنالك من تشابه.
والرهان لابد أن يقوم ايضا على تغير في مواقف الدول، وخصوصا الفاعلة، مثل الولايات المتحدة، ثم أوروبا، وان كان ينقص بعض العرب وتركيا. والواضح أن السوريين مازالوا يؤمنون بأن الحل يعتمد على الميدان العسكري، لكن الارهاب مازال يستشرس، محركوه يرسلون المزيد من الارهابيين ومن السلاح المتطور لعلهم يخترقون وصولا الى تحقيق تقدم يفرض واقعه في السياسة. كلما تقدم الجيش العربي السوري في الميدان، أصيبت جبهات الارهاب بالاحباط ، لكنه لايعني تراجعا دائما بقدر ماهو تكتيك مؤقت باتت سوريا تفهمه، وبات الجيش العربي السوري يضع نصب عينيه كل السيناريوهات التي قد يقوم بها الارهابيون، ولهذا باءت كل محاولاتهم بالفشل، وتمكن الجيش من إعادة السيطرة بعد معارك عنيفة.
أية قراءة لطبيعة المعارك منذ بدايات الاحداث وحتى الآن، تقدم الدليل على كم من الخبرة بات يحققها الجيش السوري، دون أن ننسى أن الارهابيين ايضا لهم خططهم وخبراتهم وحسابات الميدان بالتالي وقراءة مسبقة لما قد يتخذه الجيش. صار الحراك العسكري مكشوفا للجميع، والجميع يخوض معاركه واضعا نصب عينيه خطط الخصم وقدراته.
نحن الآن في السنة السادسة للحرب على سوريا، وأبسط ما يمكن وصفه لها أننا أمام حرب صعبة التعقيد، لكن مفاعليها السياسية تطغى عليها .. كل نتيجة لها في الميدان خطوة في السياسة وفي المفاوضات وفي المواقف، والكل يراهن على الوقت والزمن. ومع أن مباحثاتها في جنيف وغيره لم يقطف أحد ثمارها حتى الآن، سوى أن ما يسمى بالمعارضة الخارجية إما أن تنسحب او تعلق دورها منتظرة حصول مفاجآت عسكرية تمكنها من فرض شروطها، لكن هذا لم يحدث حتى الآن، اضافة الى ان تلك المعارضة باتت معارضات غير متفاهمة وفي بعضه على الحد الادنى، مما يجعلها هشة الحضور والموقف، اضافة الى انها لافعل لها في التأثير على الميدان، كونها والمسلحون الارهابيون يخضعون لداعم وممول مشترك هو من يريد حصد النتائج لصالحه في النهاية.
أثبتت الدولة السورية حتى الآن كم لها من قدرات وامكانيات وسيطرة على الوضع، فالميدان العسكري كاشف مهم لهذا كله، وما يحققه الجيش هو من خلال ملكات قوة الدولة والنظام ، إضافة الى الصمود الشعبي. والذين يراهنون على تقسيم سوريا أو فدرلتها، إنما هي فكرة تدميرية للوطن كله كما قال الرئيس الاسد، وبالتالي لابد من اسقاط المؤامرة العسكرية كيلا تنجح المؤامرة في سوريا الوطن.
صحيح أن الزمن يعني الانتظار بمفهومه الممل والصعب، الا ان الوعي الشعبي بات سباقاعلى دولته في التزام الصبر المضني وفي رفد جيشه المقدام، ثم لابد من الانتصار، الحقيقة الوحيدة التي تفرض نفسها في معارك المصير لتربح في السياسة.