زهير ماجد
لننتبه جيدا إلى حركة الآليات العسكرية التركية التي تطل على بلدة عين العرب الكردية، فعلى سفوح تلك البلدة يحدق خطر بالمنطقة كلها، ونكاد ان نقول ان تغييرا قد يحصل في شكل الصراع في المنطقة ان تدحرجت القوات التركية إلى البلدة، فهي بالتالي قد تتمدد أكثر، والحديث التركي عن حرب برية سمعناه عدة مرات في الآونة الاخيرة، كأنما يمهد الأتراك لتغيير مسار الحرب على طريقتهم ومن خلال عملية الشد على سوريا ان وقع هذا المحظور.
خلوا العيون على شكل التحرك التركي في تلك البلدة الصامدة فهو مبعث للتساؤل ومعرفة كيفية جنوح الأمور في المنطقة، حتى لنكاد ان نقول ان زيارة مسؤول الأمن القومي علي شمخاني إلى سوريا واجتماعه بالرئيس الأسد تفاهما حول مفاجأة من هذا النوع، عندها سيكون من المؤكد ان ايران لن تبقى مكتوفة الأيدي اتجاه السلطان العثماني الجديد اردوغان الذي نخاف أن يصرف نجاحاته الاقتصادية في تركيا على صراع كبير يكون تكملة لصراعات العثمانيين مع ايران والتي استمرت عقودا.
نتمنى ان لا يخطئ التركي في قراءة ما خلف الصورة وما تنبئ عن احتمالات تتأهب لها روسيا وايران وقوى ممانعة اخرى .. أما سوريا فأكاد اتوقع ان تكون قراءتها تصب في هذا المنحى ايضا .. لكن مشاهداتها لما تقوم به طائرات التحالف من قصف للمواقع النفطية تدفعها لقراءة البعد الانتقامي الاميركي، اضافة إلى ما يخبئه الأمل الاميركي بإعادة بناء تلك المواقع من خلالها. فالأميركي وكثير من دول الغرب يضحك في سره ظنا ان السوري سوف يحتاجه لاحقا في عملية البناء، وكل مزيد من الدمار يفرحهم ويثلج صدورهم..
نحن امام مرحلة مختلفة اذن، عنوانها الرئيسي رسم الخارطة النهائية لـ “داعش” وليس قتله وتصفيته نهائيا. ومن خلال ذلك الاتجاه ستحصل مفاجآت، وخلالها ستقوم طائرات التحالف بعمليات اغارة ستسبب المزيد من الدمار وستتخذ اشكالا منوعة قد تصيب نقاطا حساسة نرجو ان لا نصل إليها كمثل الاحتكاك بالجيش العربي السوري اذا تطلب الأمر، أو مؤازرة بعض التنظيمات كذلك الذي يسمى بالجيش الحر.
لن يكون مفاجئا في كل الاحوال ما قد تقدم عليه الولايات المتحدة التي انتظرت طويلا مهمة السيطرة الفوقية على واقع الأمور في المنطقة وليس في سوريا والعراق فقط، فهي الزمت نفسها ومن معها بـ ” قتال داعش ” كما قالت في مناسبات عدة، وعليه كل سماء المنطقة مفتوحة على مصراعيها امامها وليس من احد يمكنه قولة لا.
في بلدة عين العرب يلعب كل على طريقته اوراقا محددة، الداعشي يريد تهجير ما يمكن من اهلها كي يفرغها تماما وسيوفه جاهزة لقطع الرقاب، اما التركي فلديه على ما يبدو خطط ومفاهيم وافكار لتغيير مسار اللعبة في سوريا، والتي بدورها ستتغير في المنطقة كلها وربما فيما هو ابعد.
بانتظار صورة عين العرب التي ستتكون في لحظة الحسم، سيكون لكل خطوة فيها معنى من المعاني، ربما اكثرها قراءة ما سيقوم به التركي، نرجو ان لا تصل به الأمور على ما نكتبه ونعتقده كي لا يصنع جديدا مؤثرا في منطقة شديدة الحساسية وجاهزة للاشتعال الفوري.