زهير ماجد
في كل الحروب قصص من معاركها تكاد أن تكون خيالية بقدر واقعيتها وحقيقتها.. لكن الأميركي قدم لنا في العديد من أفلامه عن حروبه المتعددة فيها الكثير من البطولات الوهمية الأميركية التي تجعل الجندي الاميركي بطلا يخترع الأعاجيب، يقاتل برشاش لاينتهي رصاصه، يمر بمصاعب تحبس الأنفاس ثم يتخلص، ينتصر في النهاية.
أما على الأرض السورية فثمة قصص من البطولات الفردية والجماعية سجلها الجيش العربي السوري وحلفاؤه لايجب أن تمر مرور الكرام بقدر تسجيلها والاستفادة من معنوياتها العالية، تماما كما فعل مقاتلون عراقيون أثناء الحرب العراقية الإيرانية من تسجيل معاركهم نالوا على أثرها جوائز قيمة، بعد ان كان الحكم في هذه المسألة خير المثقفين العرب وهو جبرا ابراهيم جبرا الذي أفتى بالقصص المهمة.
على أرض مدينة ” سلمى ” السورية مثلا والتي تم تحريرها بعد معارك ضارية، جرت قصص مع أبطال سوريين من الجيش العربي السوري فيها الكثير من الشجاعة والشهامة ونكران الذات.. وفي تدمر تؤكد أخبار معاركها تكرار ما جرى في “سلمى”، ولابد من حدوث التفاصيل ذاتها في معارك أخرى خاضها هذا الجيش وأبلى فيها بلاء مميزا يصح أن يقال فيها إنها تصلح للتدريس في اكبر جامعات ومعاهد العالم.
كنا نرى الأميركي في أفلام الحروب دائم القوة مثلما هو الحال في فيلم ” رامبو” الذي لايمكن تصديق تفاصيله نظرا للخوارق المعتمدة في رجل واحد تمكن أن يحقق غايات يعجز عنها جيش بكامله. وكذلك الحال في أفلام مستوحاة من الحرب الفيتنامية، أو تلك التي جرت اثناء الحرب العالمية الثانية ضد الجيش الياباني وغيره. هذه البروباجندا الاميركية الكاذبة ساهمت كثيرا في تصنيع الاميركي على انه سوبرمان وبقية العالم توابع له..
صحيح أنه لم يحن الوقت لكتابة مذكرات ابطال المعارك في الجيش العربي السوري، نظرا للانشغالات العسكرية، لكن من المؤكد أن لكل جندي في هذا الجيش المقدام قصة او قصصا يجب أن لاتختبيء في الذاكرة الشخصية فقط، او يمحوها الزمان فتتحول الى حكايات يرويها الجنود لأقاربهم ولأهلهم فقط، بل لابد أن تتصدر حكايات المعارك وقصصها ومروياتها الى افلام ومسلسلات وكتب تقوم الدولة رغم انهماكها بقضايا الوطن المتعددة بإصدارها ودعمها وتبنيها، وتلك هي مسؤولية أساسية في عملية اظهار حقائق يجب ان لا تموت مع صاحبها، او تظل حبيسة ذاكرته حتى الرمق الاخير.
البطولات التي حدثت اثناء معارك سوريا الكبرى والصغرى امانة في عنق الدولة السورية، ومن الممكن ان تكون اسماء الافلام مثلا او الكتب مأخوذة حرفيا من اسماء المعارك ومواقعها كي يستدل على ان ماجرى ليس خيال كاتب، بل هي حقائق من معارك جرت بالفعل، ويحق لكل من عاشها او نفذها ان يقدم افكاره الميدانية في اعلام مدروس هدفه معنويات جيش من اجل معنويات أمة تريد ان تعيش ماعاشه على الجبهات من قصص وحكايات واحاسيس ذاتية لاشك ان كل جندي وضابط عاشها وهو يستعد لخوض معركة المصير.
هنالك لحظات في منتهى الأهمية تعتمد على أفكار الجنود والضباط في الساعات الحاسمة، وأن تنال الاهتمام من قبل المسؤولين في حرب المصير الوطني والقومي التي من شأنها ان تبدل الكثير من المفاهيم والأفكار وأن تضيف لشعبها ماهو بحاجة لمعرفته عن الصورة الخفية التي لايعلمها سوى الجيش.