زهير ماجد
كلما جرى نقاش حول تاريخ انتهاء الأزمة في سوريا، تبعثرت الكلمات والأرقام، ولم يعد لها نفع طالما أن لا أحد يمكنه التبصير متى تنتهي ومتى يحق لسوريا أن تعلن إقفال الأبواب المشرعة على جغرافيتها.
الحرب على سوريا قائمة ولن تتوقف، تتغير فيها المعادلات وتختلف، لكن الأوامر بسحق هذا البلد قائم، والقوى التي تتغذى من أطراف عربية وغير عربية معروفة ما زالت تعمل على الأراضي السورية. الأميركي الذي يسخر من أن يكون له أعداء، ولا يجاهر بالأصدقاء الذين لا يثبت على ودهم، تراه أقرب إلى الاعتراف بالهزيمة على الأرض السورية .. تلك البراغماتية ليست جديدة عليه، لطالما كانت كلمات الرئيس الأميركي وغيره من بطانته تصر على التغيير في سوريا، فإنها الآن تسلم بأن التغيير يجب أن يكون سياسيا، وإذا ما أرسل أوباما إلى المرشد الإيراني علي خامنئي رسالة سرية حول العمل سويا بين إيران وأميركا لمقاتلة “داعش”، فإن المنطق يقول إن هذه الجملة تطول سوريا في الصميم .. فالأميركي عندما يجاهر إنما يكون قد وصل إلى مرحلة القنوط، والقبول بالأمر الواقع، بل إنه أفلس من كل واقع قائم متحليا بإمكانية الانتقال إلى واقع متخيل يأمل منه الحصول.
إذا كان هذا الأميركي وصل إلى قرار من هذا النوع، فمتى تنتهي الأزمة في سوريا، ومتى تقود أميركا الأطراف التي لا تزال تغذي الإرهاب على سوريا إلى وقف ما ضخته من أموال ومساعدات ومن مقاتلين ومن لوجستيات مخلتفة.
لا شك أن الأميركي هو الوحيد المؤهل لهذا الدور، وهو القادر على أن يصوغ شكل الخروج من الأزمة، ومساعدة الأطراف المربكة أو الحائرة حول كيفية الخروج .. لقد حاول طرف عربي معروف بدوره في تمويل ودعم الإرهاب على سوريا أن يقارب ملف التهدئة والاقتراب من السوريين لإعلان ما يشبه التوبة، لكن السوري رفض، طالما الشعب السوري برمته لا يمكنه قبول مصافحة من تلطخت يداه بدمه .. بعض المعلومات تقول، إن مباحثات سرية تجري بين الأميركي وطرف عربي آخر لاعب ماهر في الأزمة السورية، حول الكيفية التي يراها الأميركي إخراجيا، لكن السوري رفع سلفا لاءاته الثلاث، لا مصافحة ولا مصالحة ولا مقاربة مع كل من أساء إلى سوريا إساءات وصلت إلى حد تخريب المجتمع وقتل أبنائه وتدمير المدن والقرى والأرياف، وتهجير الشعب إلى بلاد الله الواسعة وسرقة مصانعه ومعامله وتراثه وحتى صروحه الدينية والفكرية والثقافية والإنسانية والاجتماعية وغيرها .. سوريا تتأوه من شدة الظلم الذي وقع عليها من أبناء العم العرب قبل غيرهم، لذلك فهم في حسابها بحجم الخطر الذي شكله الصهيوني عليها تاريخيا.
إذا كان من أمل وحيد للتراجع عن ارتكاب الخطايا، فهو التوقف عن دعم الإرهابيين بكافة الأشكال المعروفة، وإغلاق الحدود أمام ذلك الإرهاب المتسلل من خلال بعض دول المنطقة .. ليس غير هذا ما تعترف به سوريا اليوم، والتترك الأمور الأخرى إلى التاريخ وحده.
إذا كان الأميركي قادرا على ممارسة هذا الدور، فهو الوحيد الذي يمكنه لعبه لأن باقي الأطراف هي أدوات تنفيذية لا غير، ولا قيمة لها ولرأيها في ما تقوله أو تفعله إذا لم يكن الأميركي هو الطرف المحرك والضامن.