محمد بن سالم الكلباني:
تمثل ثمار النخيل المحصول الأول في عمان، وتحتل المركز الأول كذلك من حيث ارتباطها المباشر بالإنسان العماني منذ القدم، وتنتشر شجرة النخيل في أغلب الأرض العمانية، ولا يكاد يخلو من ثمارها بيت من بيوت العمانيين.
لذلك يعد المردود الاقتصادي لشجرة النخيل في غاية الأهمية للإنسان العماني، حيث تمثل ثمارها مصدر رزق، سواء كتجارة أو كمادة غذائية يعتمدها العماني في حياته بشكل أساسي.
ولكي لا أبتعد عن جوهر الموضوع، سأعرج على بعض المشاهدات، ففي صبيحة أحد الأيام وأثناء حصة رياضية صباحية على شاطئ ولاية السيب شد انتباهي العدد الكبير لأشجار النخيل على طول الشاطئ، وأثار دهشتي تلك الثمار المتنوعة من حيث اللون والصنف، وهالني ما رأيته من عدم الاهتمام واللامبالاة بهذه النعم الربانية التي يمنحنا إياها الخالق مرة في كل عام والتي من المفترض أن ننتظرها بشوق، كما كنا في الأمس القريب.
بعض تلك الأشجار ذات أصناف من الدرجة الأولى، ثمار بعضها بشكل جيد والبعض الآخر رديء نتيجة عدم تلقيح الثمر في بداية الموسم، تتساقط التمور على الأرض ويداس بعضها بالأقدام والعياذ بالله.
يحدث هذا في بلد النخيل ومع أهل النخيل! ألم نكن بالأمس القريب نتهافت منذ الصباح الباكر لالتقاط حبات التمر المتساقطة أثناء الليل؟ نقوم بجمعها ثم نشرها تحت أشعة الشمس حتى تجف! ألم تكن النخلة مصدر غذاء ودخل مادي للعماني؟!
للأسف الشديد ذات المنظر يتكرر ليس في محافظة مسقط فحسب، بل في أغلب المحافظات والولايات إن لم يكن جميعها.
يا ترى من المسؤول عن إهدار هذه الثروة الثمينة؟
لا أملك إحصائية لعدد أشجار النخيل في الأماكن العامة، ولكن أجزم أن أشجار النخيل المنتشرة على الطرقات وفي أسوار المؤسسات الحكومية والمتنزهات تتجاوز آلاف الأشجار، وبالتالي فإن إنتاجها قد يتجاوز آلاف الأطنان من التمور المتفاوتة الجودة، والتي لو تم تجميعها بطريقة مثلى ووجدت العناية اللازمة لشكلت رافدا ماليا واقتصاديا لا يستهان به.
إن الاعتناء بأشجار النخيل لا يقتصر على زراعتها وريها وتنظيفها فحسب، بل الأهم من ذلك كيفية الاستفادة من إنتاجها الاستفادة المثلى.
ولتحقيق ذلك يتوجب وضع آلية للاعتناء بالثمار منذ البداية لتشمل عملية تلقيح الثمار “التنبيت” بالشكل المطلوب بواسطة أيدٍ عاملة لديها خبرة في هذا المجال، ثم تأتي مرحلة ما قبل النضج لتشمل تغطية الثمار بالشباك للحفاظ عليها، والحصول على كامل الإنتاج، كما يتوجب توفير كامل المعدات والآلات المناسبة من أجل حصادها.
وإذا ما أردنا أن نضرب مثالا على عملية الاهتمام بجمع ثمار النخيل فيمكن لأي زائر لبعض دول الجوار أن يرى مدى الاهتمام بمحاصيل النخيل المنتشرة على الطرقات قبل المزارع، وكيف يتم الاعتناء بها ثم تجميعها وتصديرها، وبكل أسف أصبح استيرادنا من التمر بالأطنان، في حين أننا نفقد أطنانا من التمر كذلك.
وقبل الختام سأعرج على بعض الحقائق الأخرى وسأستند إلى الاستراتيجية الوطنية التي حددتها وزارة الزراعة والثروة السمكية للنهوض بنخيل التمر، وسأتناول بعض بنودها نصا كما وردت.
البند رقم 4 (رفع إنتاجية النخلة وتقليل كلفة مدخلات الإنتاج).
البند رقم 5 (وقاية النخلة وحمايتها من الآفات والأمراض وتقليل الفاقد من إنتاج النخيل قبل الحصاد وبعده).
فمن قراءة البندين يتضح مدى الحرص الكبير على رفع الإنتاجية وتقليل الفاقد من ثمار النخيل، ولكن الأمر ليس كما جاء في تنظير الاستراتيجية الوطنية وهذا ما يؤسف له حقا، فلو تتبعنا حال أشجار النخيل المنتشرة في مختلف الأماكن لاكتشفنا حجم الإهمال والإهدار لمنتجات النخيل.
خلاصة القول، أتمنى أن يكون هناك دور بارز لكل المعنيين على مستوى البلد، وأن تتضافر الجهود لوضع آلية عمل مشترك تؤدي في النهاية إلى الاستفادة القصوى من تلك المحاصيل.
المصدر: اخبار جريدة الوطن