فيما يعد الكشف عن أقدم كتابة في السلطنة بالأبجدية العربية الحالية تأريخا لإسهام عماني في الحضارة العربية يضاف إلى إسهامات أخرى في حضارات سابقة .. فإن هذا الكشف أيضا يعد بمثابة دعوة لاستمرار الإسهام وبدء حلقة جديدة في سلسلة الحضارة.
فبعد أن تم الكشف عن أول أبجدية تستخدم في عمان تعود للفترة بين الألف الثالث والأول قبل الميلاد، تمكن الباحث حارث بن سيف الخروصي المتخصص في دراسة الكتابات والرسوم الصخرية من الكشف عن أقدم كتابة بالأبجدية العربية الحالية مؤرخة مكتشفة في السلطنة بوادي بني خروص تعود لشهر رجب من عام ثمان وتسعين وثلاثمئة هجرية لشاذان بن مالك.
وتنضم هذه الكتابة إلى عدد كبير من الكتابات الصخرية العربية التي تعد مخزونا فكريا مهولا عبر العصور بعضها يؤرخ لأحداث مناخية أو أحداث أخرى شهدتها السلطنة أو وثائق تاريخية مثل عقد الامامة للخليل بن شاذان (أحد الإئمة السياسيين في القرن الخامس الهجري) وكتابات تؤرخ لرحالة مروا بالمكان ووصول السلطان سعيد بن سلطان (الجد السادس لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم) إلى بندر عباس وغيرها من الأحداث.
كما أن الموقع الذي شهد الكشف عن أول أبجدية عربية يعد ذاكرة تاريخية حيث ينتشر به عدد كبير من الرسومات التي تعود إلى عصور قديمة تمثل نشاطات الإنسان القديم وأدوات الصيد والترحال ومنها رسومات لاستخدام الأسهم واسلحة النفخ بالهواء (السبطانة) والرماح كما تنتشر في الموقع النقاط الغامضة التي وجد ما يشابهها في أماكن متفرقة من العالم.
هذه المكتشفات مثلما تدعو إلى توثيقها وحفظها عبر إصدارات تحفظ التاريخ من أي عبث يتعرض له مستقبلا فإنها أيضا تشير إلى دأب الإنسان العماني على التوثيق بالرسم والكتابة كل ما مر به من أحداث الأمر الذي يدعو إلى تكثيف الإنتاج الفكري والثقافي والأدبي بصوره الحديثة المكتوبة والمرئية والرقمية لصون التاريخ وأيضا الاستعداد للمستقبل بالتوثيق للحلقة الحالية من سلسلة الإسهام الحضاري والمتمثلة في النهضة المباركة.
المحرر
المصدر: اخبار جريدة الوطن