كل التصريحات الصادرة عن المسؤولين السوريين بشأن تطهير إدلب من الإرهاب التكفيري تؤكد أن المحافظة ستعود إلى حضن الدولة السورية قريبًا، إما عبر الخيار السلمي والتفاوض الذي تفضله الحكومة السورية دائمًا، ليقينها التام أن التفاوض والحوار هما أسلم وأنجح وسيلة لتجنب إراقة الدماء والدمار والخراب، وللحفاظ على سلامة المدنيين والسكان وتجنيب منازلهم التدمير فيبقون فيها آمنين مطمئنين، وذلك من خلال الوصول إلى تسوية تفضي بتسليم الإرهابيين أسلحتهم، وتسوية أوضاعهم، أو مغادرة المنطقة في حال رفضوا ذلك. وإما عبر الخيار الثاني وهو العمل العسكري الذي يكون بمثابة آخر العلاج الكي بالنار، فلا مفر ساعتئذ من تطهير الأرض من رجس الإرهاب التكفيري، وإنقاذ المدنيين من الممارسات والسلوكيات المنحرفة والشاذة والمعتقدات المتطرفة التي تفرضها عليهم التنظيمات الإرهابية التكفيرية.
وكما هو معروف، فالقرار السوري باستعادة محافظة إدلب من براثن الإرهاب التكفيري قد اتخذ منذ فترة، واليقين السوري هو أن المحافظة ستعود حتمًا إلى سيادة الدولة السورية حالها في ذلك حال أي محافظة أو مدينة كحلب وحمص والقصير وريف دمشق ودرعا وغيرها، غير أن التريث السوري ـ مثلما هو ثابت مع كل الخطوات التي يتم بموجبها تطهير أو استعادة منطقة ـ يريد أن يعطي التنظيمات الإرهابية أولًا الفرصة الكافية لمراجعة نفسها، والتذكير بأن ما تقوم به من إرهاب وقتل وعنف وتدمير هو عمل مجرم شرعًا وقانونًا ومدان، ويرتب عليها عقوبات مغلظة، كما أن الوضع في إدلب هذه المرة يختلف عن الوضع الذي كان في حلب أو الغوطة أو حمص أو جنوب سوريا وذلك بإخراج الإرهابيين الذين يرفضون تسوية أوضاعهم إلى منطقة سورية أخرى، فالوضع في إدلب إما التفاوض على الرحيل خارج سوريا وتسليم السلاح ممن أتي بهم من أصقاع العالم أو من السوريين الذين غرر بهم ويرفض تسوية أوضاعه، وإما المواجهة العسكرية التي لن تكون في صالح الإرهاب التكفيري مهما حاول الرعاة والداعمون تقديم الدعم والإسناد، ومضاعفتهما، فلن يكون ـ بحول الله ـ مختلفًا عن ما سبق في حلب وحمص والغوطة وجنوب سوريا، هكذا حال لسان كل سوري شريف يكره الإرهاب ويرفض وجوده على أرضه، وأصابه الأذى منه.
يعلم رعاة الإرهاب التكفيري في سوريا أن قدرتهم على مواصلة تعطيل الرغبة السورية بتطهير محافظة إدلب من الإرهاب، محدودة، وأن الحسابات والخيارات تضيق مع كل يوم يمر، لذلك يحاولون اليوم تدارك هزيمتهم في إدلب بالتحرك في شرق الفرات، حيث عمليات نقل إرهابيي تنظيم “داعش” من سوريا إلى العراق والعكس صحيح متواصلة، والعمل على مواصلة الرهان على بعض المكونات الكردية التي اختارت طريق الخيانة، وبيع الوطن والذمم لأعداء سوريا، وإسناد مخطط تقسيم سوريا، وخصوصًا محاولة فصل مناطق الثروات شرق الفرات لكي تكون نواة المخطط، وقد بدا لافتًا ما صرحت به قيادات كردية، مبدية عزمها السير وراء مخططات أعداء سوريا والمنطقة ومشروعاتهم، وتحقيق أهدافهم وأجنداتهم. لكن في النهاية وكما يعلمنا التاريخ ويؤكده السوريون الشرفاء أنه لا يصح إلا الصحيح، والإرهاب مندحر والأعداء والمرتزقة والخونة إلى زوال وإلى مزابل التاريخ.
المصدر: اخبار جريدة الوطن