يسارع كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب الزمن للاستفادة الكبرى من الدعم الذي توفره له إدارة الرئيس الأميركي ترامب، باتخاذ خطوات تصعيدية على الأرض عبر التوسع في بناء المستوطنات، أو تمرير قوانين عنصرية تهضم ما تبقى من الحقوق الفلسطينية، مثل سعي الحزب الرئيسي في الائتلاف المتطرف الذي يحكم الكيان إلى استصدار قانون يضم الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان،ناهيك عن دعوات المتطرف أفيجدور ليبرمان لبناء وحدات إضافية من المستوطنات في القدس المحتلة، وصولًا لتماديه في الإعدام الميداني، الذي يعتمده الكيان الإرهابي كسلاح في وجه أي مقاومة فلسطينية. وبرغم هذا السلاح،إلا أنه يسعى إلى استصدار قانون يوفر غطاء قانونيًّا داخليًّا لإعدام الفلسطينيين الأسرى، رغم مخالفة ذلك للأعراف والقوانين الدولية كافة والتي تعطي الحق للشعوب المحتلة في حق المقاومة بكافة أشكالها.
فهذا القانون الإرهابي الجديد يأتي فيما نصت المادة الثانية من لائحة لاهاي للعام 1907، على تعريف الشعب القائم تحت الاحتلال أو المنتفض في وجه العدو بأنه “مجموعة من المواطنين من سكان الأراضي المحتلة، الذين يحملون السلاح ويتقدمون إلى قتال العدو، سواء أكان ذلك بأمر من حكومتهم أم بدافع من وطنيتهم أو واجبهم”. وأقرت المادة أن هؤلاء المواطنين المقاتلين يعدون في حكم القوات النظامية وتطبق عليهم صفة المحاربين.
ووفق تعريف الصليب الأحمر الدولي فإن أسرى الحرب هم أفراد القوات المسلحة والميليشيات المرافقة المستوفية للشروط المحددة في اتفاقية جنيف الثالثة (المادة 4 ألف، 2) ؛ وهم يتمتعون بالحقوق الممنوحة في الاتفاقية. هذا وتحمي اتفاقية جنيف الرابعة كل الأشخاص الآخرين الموجودين في الأراضي المحتلة (اتفاقية جنيف الرابعة) بخلاف عدد محدود جدًّا من الاستثناءات مثل رعايا القوة المحتلة أو حلفائها. ومع ذلك، لا يجوز بأي حال من الأحوال معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم لأسباب تتعلق بحالة الاحتلال على نحو يقع خارج الحد الأدنى من المعايير العرفية المكفولة في المادة 75 من البروتوكول الأول. يجب إطلاق سراح أسرى الحرب والمحتجزين من المدنيين دون تأخير فور انتهاء العمليات العدائية. ويبقى جميع المعتقلين محميين بموجب القانون الدولي الإنساني ما داموا تحت سلطة المحتل، وإلى أن يتم الإفراج عنهم(المادة 5 (1) من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 6 (4) من الاتفاقية الرابعة، باختصار رغم تدخل الدول الاستعمارية فقد منعت المواثيق الدولية إعدام المقاومين، بل حرصت بتوصيفهم قانونيًّا بأسرى الحرب.
إن المصادقة على مشروع قانون الإعدام جزء من مجموعة من التشريعات الإرهابية التي تستهدف نضال الفلسطينيين، في محاولة لإرهاب مقاومي فلسطين ومنعهم عن مواصلة مقاومة المحتل، فقد مهد كيان الاحتلال لهذا القانون بتفعيل أنظمة الطوارئ، وعمد الكيان الإرهابي مع اندلاع الهبة الشعبية بالقدس المحتلة على تشريع قانون “مكافحة الإرهاب”، بغرض شيطنة المقاومة في محاولة للالتفاف على المواثيق الدولية وصبغ نضال الشعب الفلسطيني بالإرهاب، ما مهَّد لإعدامات ميدانية، وفرت الحماية لجنود الكيان للإفلات من جرائمهم.
ويبدو أن كيان الاحتلال الإسرائيلي لم يتعلم من تاريخ الصراع؛ إذ إن هذه الإجراءات الإرهابية ـ التي تتنافى مع كافة المواثيق والأعراف الإنسانية الدولية ـ لن تثني إرادة الشعب الفلسطيني المنتفض بوجه جلاده، بل إنها تأتي بأثر عكسي يؤجج من الغضب الفلسطيني ويشعله، لدرجة أثارت قلقًا داخل مؤسسات الكيان، فما يسمى جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) حذر من إقرار هذا القانون بشكل نهائي، وأشار إلى أن إقرار القانون سيؤدي إلى موجة من عمليات الاستهداف لكل من ينتمي للكيان ليس في الدول العربية أو الإسلامية فحسب، بل في بلدان غربية أيضًا، ما سيفتح نطاق الصراع.
المصدر: اخبار جريدة الوطن