يمثل المسح الوطني الاستقصائي (المصلي) لعدوى مرض فيروس كورونا “كوفيد 19” والذي بدأت السلطنة ممثلة في وزارة الصحة تنفيذه اعتبارًا من أمس الأول، حدثًا وطنيًّا يجب أن يحظى بأسباب الاهتمام من قبل جميع شرائح المجتمع، وخصوصًا تلك الشرائح أو العيِّنات التي سيشملها المسح، وصولًا إلى الأهداف التي يتوخاها المسح، وانتهاء بالفهم الحقيقي والوعي اللازم لأبعاد هذا المسح، وإدراك الخطورة البالغة التي أخذت تحاصر الجميع (مواطنين ومقيمين).
لذلك فالتعاون مع وزارة الصحة المُعِدَّة للمسح لا يقبل المحاججة أو التراخي لما قد يحمله من نتائج وقرائن تعطي الفهم الواسع في سياق المواجهة القائمة ضد جائحة فيروس كورونا، والقدرة على معرفة الحدود والإمكانات والوسائل والآليات ذات العلاقة بالمواجهة، لا سيما وأن هناك ما يحث على إجراء مثل هذه المسوحات الاستقصائية والدراسات البحثية ألا وهو الارتفاع المقلق والمخيف لمنحنى الإصابات التي لازمت حاجز الألف إصابة ونيف، لتقترب مرات إلى حاجز الألفي إصابة، وهذا مؤشر خطير عند مقارنته بالدول الأخرى التي توصف بأنها موبوءة بالنظر إلى عدد السكان.
صحيح أن المسح الوطني الاستقصائي (المصلي) لعدوى فيروس كورونا يعد جهدًا إضافيًّا آخر في سياق الجهود التي تبذلها الحكومة ممثلة بوزارة الصحة، لكنه في المقابل يجب أن يمثل نموذجًا في التضامن والتعاون والفاعلية، وخصوصًا من قبل المجتمع بأسره وفي مقدمته أولئك الذين يشملهم المسح، حيث مقتضيات الضرورة وطبيعة الأخطار المحدقة والتي باتت تهدد كل منزل، وكل مواطن وكل مقيم، تفرض التعاطي مع المسح بروح المسؤولية الوطنية والوعي، وذلك لتمكين الواقفين وراء المسح من فهم حيثيات انتشار المرض ووسائل الحد من انتشاره، وبما يمكنهم من النهوض بدورهم في هذا الجانب.
المسح سيشمل فحص ما يقارب (5000) عيِّنة في الدورة الواحدة أي خلال خمسة أيام بواقع 380 إلى 400 عيِّنة لكل دورة من كل محافظة بإجمالي 20 ألف عيِّنة خلال فترة المسح. كما سيشمل جميع محافظات وولايات السلطنة، وسيكون على شكل مسح متسلسل مقطعي، على أن يتم اختيار العيِّنات من جميع السكان من مختلف الأعمار بمن في ذلك الوافدون. ويهدف المسح الوطني في المقام الأول ـ حسب وزارة الصحة ـ إلى قياس مدى انتشار عدوى مرض “كوفيد19” في المجتمع العُماني كجزء من الاستراتيجية الوطنية للفترة القادمة من التصدي لجائحة “كوفيد19”، وسيتم استخدام نتائج المسح كمؤشر للوقت الذي يمكن فيه رفع القيود المفروضة على الحركة، وإعادة فتح الخدمات المغلقة داخل البلاد، بالإضافة إلى جملة من الأهداف التي ستحققها هذه الدراسة كتقييم مدى انتشار العدوى حسب الفئات العمرية، ورصد الحالات غير المشخصة مخبريًّا، وتقدير مستوى العدوى على مستوى الولايات في السلطنة ونسبة العدوى دون ظهور الأعراض، والعدد التراكمي لحالات الإصابة بالعدوى، إضافة إلى تقدير مدى تأثير مستوى المعيشة على مدى انتشار المرض في الولايات وتقييم آثار الإغلاق على انتشار الوباء مقارنة بالمناطق غير المغلقة.
لسنا بوارد استعراض حجم الأخطار والمعضلات التي تنشب أظافرها في وجه الجميع في ظل الارتفاع المخيف والمقلق لمنحنى الإصابات وحتى الوفيات، ولكن جرعة التحلي بالوعي وبالمسؤولية الوطنية، والتزام المنازل والتقيد بالتعليمات الصحية والإجراءات الاحترازية والوقائية بات تناولها ضروريًّا من قبل أولئك الذين اعتلوا بردعة الاستهتار والتهاون وعدم المبالاة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن