شكل إسقاط الولايات المتحدة طائرة حربية سورية من طراز “سو 22″ مفاجأة جديدة في مسار التدخل السافر في الشؤون الداخلية للدولة السورية بقيادة واشنطن، بعد الاعتداء على قاعدة الشعيرات بصواريخ كروز، وهو ما يتنافى جملةً وتفصيلًا مع ما أعلنته الولايات المتحدة أنها لا تنوي الاشتباك مع الجيش العربي السوري، ومع قولها إنها تحارب إرهاب تنظيم “داعش”.
المشكل أن استهداف المقاتلة السورية وإسقاطها جاء أثناء عمليات تقوم بها ضد فلول تنظيم “داعش” الإرهابي الذي يدَّعي تحالف الولايات المتحدة الستيني محاربته فوق سماء سوريا والعراق وعلى أرضهما، وكما هو بات ثابتًا فإن الطيران الحربي السوري والروسي يقوم بملاحقة فلول التنظيم الإرهابي بعد فتح واشنطن وميليشياتها الانفصالية الكردية مسارات لفلول التنظيم وتوجيهها نحو دير الزور لمواجهة الجيش العربي السوري هناك، حيث يتم تجميع فلول التنظيم الإرهابي وجحافله في مدينة الميادين، وبالتالي قيام الطيران الحربي السوري والروسي باستهداف هذه الجحافل وهي في طريقها إلى دير الزور من شأنه إفشال مخطط الإعداد المراد لمواجهة الجيش العربي السوري؛ إما لتعطيله وعرقلته عن مواصلة تحركه نحو البادية وإحكام قبضته بالحدود السورية مع العراق والأردن، وإما لتكبيده خسائر، أو لتحقيق الاثنين معًا، وفق العقل المخطط لتحالف الولايات المتحدة الساعي إلى بعثرة أوراق سوريا وحلفائها، وإنجاز مخططه في تدمير الدولة السورية وتقسيمها.
لذلك محاولة واشنطن ليَّ عنق الحقيقة ـ وهي دعم تنظيم “داعش” الإرهابي في مواجهة الجيش العربي السوري ولخدمة مخططاتها ـ والادعاء بأن إسقاط المقاتلة السورية هو من أجل الدفاع، وأن المقاتلة اقتربت من ميليشيات كردية موالية لها، هي محاولة غير مهضومة ولا يقبلها كل ذي عقل ومنطق وفهم لطبيعة الصراع القائم على أرض الميدان السوري، وحقيقة المخطط المبيَّت ضد الدولة السورية.
من الواضح أن هناك ألمًا يشعر به معشر المتحالفين ضد سوريا جراء النجاحين اللافتين اللذين أنجزهما الجيش العربي السوري وحلفاؤه، وهما: أولًا: الوصول إلى الحدود السورية ـ العراقية، وملاقاة الجيش العراقي والقوات الرديفة له، وعزل الميليشيات الإرهابية التي دربها المتحالفون ومن معها من خبراء وضباط وجنود عسكريين واستخباراتيين من دول التحالف المعادي لسوريا، وإسقاط الخطوط الحمراء التي أراد أن يرفعها المتحالفون، وثانيًا: الاستهداف المباشر من قبل المقاتلات السورية والروسية لتحركات جحافل تنظيم “داعش” الإرهابي الموجَّهة من الرقة باتجاه دير الزور، يضاف إلى ذلك أمر آخر وهو تهديد مخطط الاستيلاء على المناطق السورية الواقعة عند الحدود مع العراق والأردن وهي مناطق غنية بالثروات الطبيعة وثروات الطاقة، فضلًا عن قيام الجيش العراقي بسد جميع المنافذ مع سوريا أمام فلول التنظيم الهاربة من أرض المعركة في الموصل، ما يعني أن كل الرهانات الموضوعة على أكتاف تنظيم “داعش” الإرهابي آخذة في السقوط الواحد تلو الآخر، فلم يتبقَّ سوى أن تنقل البندقية لمواجهة الجيش العربي السوري من كتف “داعش” الإرهابي إلى كتف منتِجيه وداعميه ومشغِّليه، هذه هي الحقيقة لمن أراد أن يعيها.
المصدر: اخبار جريدة الوطن