يبدو أن احتراق كل الأوراق التي راهن عليها معسكر التآمر والإرهاب على سوريا بدأ يأخذ مفاعيله على الأرض السورية بحرق كل من عليها، على طريقة اتباع سياسة الأرض المحروقة، في سبيل استعادة ولو نصف ورقة في الميدان السوري يمكن أن يمارس بها هذا المعسكر سياسة الابتزاز في أي مفاوضات قادمة.
فمن الواضح أن الخيارات بدأت تضيق على الولايات المتحدة كونها قائدة المعسكر المعادي لسوريا وشعبها وجيشها وقيادتها، بعد أن حشرتها في الزاوية الضيقة دبلوماسيتها المتأرجحة حينًا والمخادعة أحيانًا ومعها أدواتها المتهالكة ـ الجديدة منها والقديمة ـ لجهة انكشافها لدرجة الافتضاح أنها لا ترغب حقيقة في حل الأزمة في سوريا سياسيًّا بقدر ما تسعى عبر سلاح الإرهاب الذي دعمته وغذته ليتوحش مراهنة عليه إلى تحويل سوريا ودول المنطقة التي ترفض سياسات الاحتيال والاحتلال والابتزاز والاستعمار ونهب الثروات في المنطقة، وتدعم القضايا العربية العادلة كالقضية الفلسطينية إلى أطلال.
ويبدو إزاء الواقع الجديد الذي نتج عن التدخل العسكري الروسي وتغيير الموازين لصالح الدولة السورية، بما يحفظ وحدتها واستقلالها وسيادتها، أن المتآمرين الساعين إلى إلحاق سوريا بالعراق وليبيا وغيرها مأخوذين بأحقادهم تجاه سوريا وكراهيتهم رؤيتها دولة موحدة، ولذلك لا بد من البحث عن وسائل تجعل سوريا دولة ممزقة، وهذا لن يتأتى إلا بالاستمرار في الرهان على الإرهاب القاعدي وترسيخ جذوره والمتمثل في ذراعيه “داعش والنصرة” ومن معهما من التنظيمات الموصوفة أميركيًّا بأنها “معتدلة”، ومحاولة الالتفاف على التفاهمات الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة والتي تنص على أن “داعش والنصرة” تنظيمان إرهابيان محظور التعامل معهما أو دعمهما، وذلك بمحاولة تعويم إرهاب ما تسمى “جبهة النصرة” لكونها التنظيم الأقوى والمسيطر على مساحات واسعة من مدينة حلب وغيرها، والتي بتعويم إرهابها وشمولها بالهدنة يعطي معسكر التآمر والإرهاب ورقة قوية في ممارسة سياسة الابتزاز والمضي نحو تحقيق الأهداف الموضوعة حيال سوريا. غير أن قوة الموقف الروسي الرافض لخرق قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بـ”داعش والنصرة” لا يزال يحول دون تحقيق المبتغى.
ولذلك التصعيد الإرهابي والإعلامي الحاصل يعبِّر عن مدى اليأس والانكسار والخيبة الذي مُني به معسكر التآمر والإرهاب، ولأجل استعادة زمام المبادرة
كان لا بد من النبش في الدفاتر القديمة للإرهاب الذي افتتحت به المؤامرة ضد سوريا، بارتكاب المجازر بالجملة بحق المدنيين السوريين وإلصاق الاتهامات الباطلة والمفتراة بالجيش العربي السوري بالتزامن مع تدوير تروس الماكينات الإعلامية الموالية لمعسكر التآمر والإرهاب لتتولى توزيع هذه الاتهامات لجهة محاولة بناء رأي عام مع صور المجزرة للتأسيس على ذلك نحو بلورة مخططات وخطوات مضادة لسوريا وحلفائها.
فجريمة استهداف مخيم الكمونة القريب من بلدة سرمدا يوم أمس والذي يأوي عائلات نازحة من محافظة حلب والتي سقط جراءها 28 قتيلًا، واتهام الجيش العربي السوري بها، تعيد إلى الأذهان ما سبق من مجازر كمجزرة الحولة وخان العسل وحي جوبر والغوطة التي استخدم فيها السلاح الكيماوي، حيث كانت تتزامن مع مؤتمرات واجتماعات تخص الأزمة السورية، كمؤتمر جنيف، ومؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة، واجتماع مجلس الأمن، وما يسمى “مؤتمر أصدقاء سوريا” من أجل التأثير على سير هذه الاجتماعات وأخذ سكة الأزمة إلى حيث ما يريده المتآمرون على سوريا. واليوم جريمة مخيم الكمونة هي إحدى الوسائل الرخيصة للتشويش وخلط الأوراق مع ما تعبِّر عنه من أحقاد وكراهيات ووحشية متأصلة ومتجذرة ضد الشعب السوري ومطاردته حيثما كان، وذلك بهدف الضغط على الجانب الروسي ـ السوري للقبول بتعويم إرهاب “جبهة النصرة” التي أكد الجيش العربي السوري أنها هي المرتكبة لهذه الجريمة النكراء، مع نفيه القاطع لكل الاتهامات الباطلة المنسوبة إليه، فضلًا عن أن هذه الجريمة البشعة تزامنت أيضًا مع قيام “جبهة النصرة” بالتنسيق مع تنظيم “داعش” ومن معهما من التنظيمات الإرهابية الأخرى المصنفة أميركيًّا بأنها “معتدلة” بشن هجوم مباغت على بلدة خان طومان، وهذا بدوره يؤكد من المرتكب لهذه الجريمة التي أريد بها تشتيت جهود الجيش العربي السوري، والتشويش عليه حتى لا يتمكن من صد الهجوم أو استعادة خان طومان.
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / رأي الوطن: استهداف مخيم الكمونة جريمة تدل على حقيقة مرتكبيها