يعد الأمن الغذائي إحدى الخطوات الضرورية التي تسعى الدول لتحقيقها خصوصًا، مع النمو السكاني المطرد، وهو مفهوم يتعلق بقدرة الحكومات على تلبية حاجات مواطنيها من الغذاء والمحاصيل الزراعية على أنواعها من حبوب وخضار وفواكه من خلال إنتاجها المحلي من المحاصيل، وتتفاقم المشكلة مع وجود قلة في المناطق الزراعية، كما هو الحال في السلطنة. ومن هذا المنطلق تقوم حكومة السلطنة بعدد من الخطوات التي تسعى إلى تحقيق أكبر قدر من الأمن الغذائي، يضمن غذاء مواطنيها في ظل شح عالمي في المنتجات الغذائية.
وترتكز جهود تحقيق مفهوم الأمن الغذائي في السلطنة إلى السعي لزيادة إنتاج الغذاء الزراعي والحيواني والسمكي المحلي، ولدى وزارة الزراعة والثروة السمكية خطة طموحة تسعى لتحقيقها لتعزيز الإنتاج بحوالي 1000 طن في 2020، حيث يبلغ إجمالي الدعم المقدم في قطاع الزراعة والثروة السمكية نحو 31 مليون ريال عماني، وتقوم مساعي السلطنة نحو الأمن الغذائي على تعزيز دور الشباب أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، عبر إقامة عدد من المشاريع الجاذبة لهم خصوصًا خريجي الكليات والمعاهد، عبر إنشاء مزارع نموذجية تقوم على الزراعة الاعتيادية التقليدية ومشروعات الاستزراع السمكي. وهنا يجب مواصلة جهود تمكين الشباب العماني في مجال تنمية المجتمعات الريفية، ومواصلة الجهود التي تقوم بها وزارة الزراعة والثروة السمكية في توفير الأراضي الزراعية، والسعي إلى إيجاد مخططات زراعية للاستثمار الزراعي المستقبلي، والعمل على ترشيد الاستخدام للمياه وإدخال أنظمة الري الحديثة، بالإضافة إلى التوسع الأفقي الزراعي في المحاصيل ذات العائد الاقتصادي المجدي، وتركيز برامجها التنموية والاستثمارية على حسن إدارة واستغلال المخازن السمكية لرفع مساهمتها في منظومة الأمن الغذائي وضمان استدامتها. وتتواكب تلك المخططات مع استكمال إنشاء العديد من البنى الأساسية التي تنهض بالقطاع الغذائي، مثل الموانئ والمحاجر، وهي جهود تصب جميعها في جهود تحقيق الأمن الغذائي. إن تحقيق الأمن الغذائي هو غاية كبرى تحقق الأمان للأجيال القادمة، وتبعد السلطنة عن مخاطر عدم وفرة الغذاء، فجميعنا يذكر أزمة الصقيع التي ضربت روسيا منذ بضع سنوات، وكيف تأثر بها العالم أجمع، وتأثرت بها الأسواق الخليجية جراء ارتفاع الأسعار، ومع توجه البلاد نحو تنويع مصادر استيراد السلع كحل مؤقت، توجهت نحو إقامة مشاريع أمن غذائي تنوعت ما بين الاستثماري، وما بين مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
حيث قامت الشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة، بتأسيس شركة مزون للألبان بمحافظة البريمي، وتستهدف إنشاء مزرعة متكاملة للألبان التي تعد أول مشروع حكومي متكامل لمنتجات الألبان بالسلطنة وهي مملوكة بنسبة ١٠٠٪ لحكومة السلطنة وبمشاركة العديد من الصناديق والشركات الاستثمارية، حيث تقترب استثمارات الشركة من 250 مليون دولار، وسيتم الانتهاء من المشروع في أواخر عام 2017م بعدد يقدر بـ4000 بقرة حلوب إلى أن يصل عدد القطيع إلى حوالي 25000 بقرة حلوب بحلول عام 2026م، وسيصل إنتاج الشركة من الحليب في عام 2026م إلى 202 مليون لتر، وفي عام 2040م من المتوقع أن يصل الإنتاج إلى 985 مليون لتر، ما يؤدي إلى تقليل نسبة الاستيراد من الخارج من 69 بالمئة في عام 2014م إلى 13 بالمئة في عام 2026م. وكذلك تأسيس شركة النماء للدواجن بولاية عبري بمحافظة الظاهرة. بتكلفة إجمالية بلغت 100 مليون ريال عماني، ويتوقع أن يصل الإنتاج من لحوم الدواجن في عام 2020م إلى 60 ألف طن متري، وسوف ترتفع نسبة الاكتفاء الذاتي للسلطنة من لحوم الدواجن من36 بالمئة حاليًّا إلى حوالي 70 بالمئة في عام 2030م، كما يبدأ اعتبارًا من أغسطس المُقبل فتح باب التسجيل لطلبات مشاريع الاستزراع السمكي التجارية، بنوعيها البري والبحري للمؤسسات والشركات العمانية، الراغبة في إنشاء مشاريع استزراع الأحياء المائية التجارية؛ حيث تطرح وزارة الزراعة والثروة السمكية عددًا من المواقع التابعة للوزارة والمخصصة لاستزراع الأحياء المائية للمشاريع التجارية في محافظات مسقط وجنوب الشرقية والوسطى.
وبعيدًا عن الأمن الغذائي وأهميته فإن هذه المشاريع تقوم بتنمية الريف في البلاد، وتساعد كثيرًا من الشباب على اقتناص فرص عمل في بلداتهم، كما يسهم ذلك في تأصيل عادات موروثة مثل زراعة النخيل وتربية النحل، الذي أخذ بُعدًا اقتصاديًّا، حيث وصل عدد النحالين في البلاد حوالي 4500 نحال، وبلغ عدد خلايا النحل حوالي 100 ألف خلية موزعة على محافظات السلطنة، وهو توجه مع المزارع السمكية والمرأة الريفية، يفتح أبواب رزق للأسر الفقيرة خصوصًا في المناطق النائية، ليعم خير النهضة المباركة على كافة ربوع عُمان.