لليوم الثالث على التوالي، تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى وتدنيس حرمه وباحاته من قبل المحتلين كافة سواء كانوا قوات أو قطعان مستوطنين أو متطرفين وإرهابيين أو مسؤولين إجراميين، وكل ذلك يجري على مرأى ومسمع العالم أجمع بما فيه عرب “الحريق العربي”، وعصابات إرهابه وإجرامه التي التقت مع دولة الإرهاب الإسرائيلي في أكثر من مربع على الأرض العربية تنسيقًا وتعميمًا للإرهاب.
فعلى وقع هذا التلاقي بين أذرع الإرهاب ومنتجيها ومشغِّليها وداعميها، وعلى وقع الطائرات الحربية المالئة لسماء المنطقة، وقذائفها وصواريخها الملوثة لأجوائها وبرها وبحرها في سوريا والعراق وليبيا وغيرها، يتحرك كيان الاحتلال الإسرائيلي نحو إكمال ما بدأه من اغتصاب كامل للأرض الفلسطينية، ولم تكن القدس المحتلة وأقصاها الشريف سوى وجه ودلالة على معطيات “حريق العرب” ونتائجه، ولم تكن عمليات التهشيم والتدمير وحوك مؤامرات التقسيم ضد سوريا والعراق وليبيا وغيرها إلا تعبيرًا عن إرادة جمعية لأعضاء نادي “الحريق العربي” لتكون تصفية هذه الدول جواز عبور نحو التصفية النهائية للقضية الفلسطينية، ولم تكن الدماء المسفوكة ظلمًا وعدوانًا، والتهجير القسري للأبرياء وإبادتهم في البر والبحر سوى خدمة جليلة وعظمى تقدم لدولة الاحتلال والإرهاب الإسرائيلي وعربونًا مجانيًّا لتصفية فلسطين.
ولذلك ما تبثه جميع القنوات الإعلامية بما فيها عربية وداعمة ومتبنية لـ”الحريق العربي” من جرائم وانتهاكات إسرائيلية في مدينة القدس المحتلة وتحديدًا في باحات المسجد الأقصى وتدمير عدد من الزجاج الأثري وتدنيس منبره (منبر صلاح الدين) والاعتداء على المرابطين، وإغلاقه أمام المسلمين وفتح بواباته أمام قطعان المستوطنين الإرهابيين وبإشراف وتنظيم مباشرين من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أول ما يشير إلى حالة الأريحية المطلقة لكيان الاحتلال الإسرائيلي وقطعانه الإرهابية، وحالة الانتشاء والشعور العميق بالاطمئنان لدى قادة جرائم حربه، بموت الضمائر وخبوء فلسطين وأولى القبلتين من دائرة الاهتمام ومن الذاكرة، بعد أن شرب أصحابها نخب كؤوس “الديمقراطية والحرية الغربية وحقوق الإنسان”.
إن كل ذلك يمضي وفق ما هو مرسوم ومخطط له، وقد نجح معشر المتآمرين على الأمة في تحويل الإرهاب إلى تيار متكامل، منبع فكرته الغرب الاستعماري، وامتداداته في الوطن العربي والعالم، وأدواته عصابات وتنظيمات شاذة وبنيت في الشذوذ وغذيت بالشذوذ الذي به نمت وتوحشت، وعلى مساراته كونت هذه العصابات عقائدها السوداء وأفكارها الشاذة ومناهجها المنحرفة، وخياراتها عبر القتل والتهديم وإنجاز الموت كمادة بشرية تبعث السعادة عند المنحرفين كلما تغولت الجريمة وتوغلت في سفك الدم البريء؛ ولهذا ستمتد يد الإرهاب والإجرام والدنس الإسرائيلية ليس إلى الأقصى وكل شبر فلسطيني فقط، وإنما إلى كل مقدس وكل ذرة تراب عربية، وستواصل عربدتها على وقع هذا الشذوذ غير المسبوق الذي طغى في المنطقة.