أعطى المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله وطيب ثراه ـ مبدأ الشراكة الفعلية والحقيقية بين مختلف مكونات المجتمع وبين الحكومة، وبين القطاع العام والقطاع الخاص أهمية بالغة؛ ليقينه التام ـ غفر الله له ـ بأن هذا الوطن العزيز لا ينهض إلا بسواعد جميع أبنائه دون استثناء، ولكي يتحقق ذلك لا بد أن تكون هناك شراكة قائمة وحقيقية وفعالة، وأن يكون مبدأ الشراكة جزءًا لا يتجزأ من إيمان كل مواطن ويسري في جسده مسرى الدم من العروق؛ لأن بذلك تتحقق الأهداف والغايات، وتمضي مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة قدمًا وفق ما رسم لها من خطط وبرامج وسياسات.
لذلك وفق هذا المبدأ، ليس ثمة أحد معذور عن القيام بواجبه ومسؤولياته من منطلق الإيمان بأن ما يتمتع به الفرد من حقوق لا بد أن يقابله واجبات ومسؤوليات، ومتى ما قام كل فرد من أفراد المجتمع بواجباته ومسؤولياته تحققت الأهداف والغايات، وتحقق معها المزيد من الحقوق، ومن خلال هذه المعادلة يتقدم الوطن ويرقى ويتطور، وتمضي مسيرته الخيرة نحو المزيد من الإنجازات والمكتسبات.
وما يحسب للنهضة المباركة التي قاد مسيرتها بكل حكمة واقتدار جلالة السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ أنها أعلت من قدر الإنسان العماني، وجاءت بوصلة أهدافها وغاياتها مصوبة نحوه؛ فاعتبرته أنه أساس التنمية وهدفها وغاية لها وفي الوقت ذاته أداة لها، ولم تميز بين رجل وامرأة، ولا بين مؤسسة حكومة ومؤسسة خاصة، بل عدتهم جميعًا شركاء في الحقوق والمنافع والواجبات والمسؤوليات، فهذه النظرة الحكيمة لجلالة السلطان الراحل ـ طيب الله ثراه ـ حفظت الكرامة والقيم والمبادئ والأخلاق وبنت الإنسان العماني بحق، وصانته من وسائل الابتذال والانتهاك، فعاشت المرأة بجوار أخيها الرجل مكرمة معززة مصونة، مشاركة في مسيرة البناء والتنمية، فتبوأت المناصب أسوة بأخيها الرجل وعملًا بمبدأ المساواة والعدالة، وغدت السلطنة محل احترام وتقدير في أعين العالم أجمع عبر رعايتها واحترامها لحقوق الجميع مواطنين ومقيمين.
فلم تقتصر مسؤولية المرأة العمانية على ما يسند إليها من مناصب إدارية، وإنما أخذت تسهم وهي في بيتها بتوليها تربية أجيال صالحين يمدون المجتمع بالخير والطاقات والإبداع، وشجعتها النهضة المباركة على استغلال طاقاتها ومواهبها وقدراتها وإمكاناتها في أعمال تعود عليها بالنفع وعلى مجتمعها، كما أتاحت لها النهضة المباركة وحرصًا من جلالة السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ على أن العمانية مشاركة في بناء وطنها، حق عضوية مجلسي الدولة والشورى، وقد شجعتها على المشاركة في المسيرة الشوروية ترشيحًا وتصويتًا اعترافًا بدورها الحيوي في تنمية المجتمع، فقد حثها جلالة السلطان الراحل ـ طيب الله ثراه ـ على أن تبادر إلى الإسهام بخبراتها ومهاراتها في العمل العام وخدمة المجتمع ومن بين ما قاله جلالته ـ غفر الله له: (إننا ندعو المرأة العمانية في كل مكان، في القرية والمدينة.. في الحضر والبادية.. في السهل والجبل.. أن تشمر عن ساعد الجد، وأن تسهم في حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. كل حسب قدرتها وطاقتها، وخبرتها ومهارتها وموقعها في المجتمع. فالوطن بحاجة إلى كل السواعد من أجل مواصلة مسيرة التقدم والنماء، والاستقرار والرخاء).
وتمضي هذه النظرة الحكيمة وتستمد ألقها لتتواصل مسيرة النهضة المباركة، محافظة على مبدأ الشراكة وتعظيمه في وجدان جميع المواطنين دون استثناء، حيث أكد ذلك حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في خطابه السامي الذي تفضل بإلقائه في الثالث والعشرين من فبراير الماضي قائلًا: “إن شراكة المواطنين في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني، ونحرص على أن تتمتع فيه المرأة بحقوقها التي كفلها القانون، وأن تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب، في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها، مؤكدين على رعايتنا الدائمة لهذه الثوابت الوطنية، التي لا محيد عنها ولا تساهل بشأنها”.
المصدر: اخبار جريدة الوطن