يحاول كيان الاحتلال الإسرائيلي تدكيك وتدريع الجبهات التي أخذت تتهشم رويدًا رويدًا بفعل الصمود والاستبسال، والدور الطليعي الذي يقوم به المدافعون والمناضلون عن أرضهم وعرضهم وكرامتهم، سواء في سوريا أو في فلسطين المحتلة. فمثلما يواصل الجيش العربي السوري تحطيم منظومة الإرهاب المركبة في الجنوب السوري؛ القنيطرة ودرعا وحماة والسويداء، بطريقة القضم والتطهير المتدحرج، بما يوجه في النهاية ضربة قاصمة لجميع المشروعات الاستعمارية والإرهابية والتدميرية، يؤكد في المقابل المناضلون الفلسطينيون في جبهة قطاع غزة أنهم قادرون على خلط الأوراق، وإلحاق الوجع بعدوهم الإسرائيلي المحتل، بما يتوافر لديهم من إمكانات متواضعة.
من يتابع سير الأحداث والمواجهات في كل من جنوب سوريا وحتى الجولان السوري المحتل، وفي قطاع غزة المحاصر، سيجد أن كلًّا من الجبهتين تؤديان دورًا مؤثرًا في منع التعدي الإسرائيلي، والتمادي في انتهاك السيادة والحقوق، وما يؤكد هذه الحقيقة هو ردود الفعل المتوالية الصادرة عن كيان الاحتلال الإسرائيلي ومؤسساته العسكرية والأمنية والسياسية، وعن حلفائه وأتباعه وأدواته.
وإذا كانت المطالبة الملحة من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي بالعودة إلى العمل على اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974 والذي يرسخ وقف إطلاق النار بين سوريا والكيان الإسرائيلي المحتل تعكس الإخفاق والفشل، وحالة الهلع والقلق، فإن مطالب جيش الاحتلال الإسرائيلي من السلطة السياسية داخل حكومة الاحتلال بزيادة الضغوط على المدنيين في قطاع غزة لإجبار الفلسطينيين على التوقف عن إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة من القطاع باتجاه المستعمرات الاستيطانية، تعبِّر هذه المطالب عن حالة العجز والشلل، وتظهر حقيقة جيش الاحتلال، وأنه على عكس ما دأب الإسرائيليون يصفونه بأنه “الجيش الذي لا يقهر”.
وحسب إعلام كيان الاحتلال الإسرائيلي، فإن جيش الاحتلال ومخابراته (الشاباك) اقترحا تشديد الإجراءات على المعابر التي تدخل منها البضائع والأغذية والأدوية إلى قطاع غزة بسبب اقتناع قادتهما أن المستوى السياسي في كيان الاحتلال الإسرائيلي يسعى لشن عملية عسكرية على القطاع، ضمن سيناريوهات متعددة تشمل عملية محدودة لعدة أيام لضرب أهداف استراتيجية تابعة لحماس، وصولًا إلى سيناريو متطرف يشمل اجتياح قطاع غزة، وهي خطوة يرفضها الجيش حاليًّا. مع العلم أنه في الأيام الأخيرة، فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من العقوبات على قطاع غزة شملت إغلاق معبر كرم أبو سالم بشكل كامل، باستثناء إدخال الأدوية والمواد الغذائية، اعتبارًا من أمس الأول الثلاثاء، إضافة إلى تقليص مساحة الصيد من 6 أميال بحرية إلى 3، بدءًا من يوم الاثنين.
إن مطالب جيش الاحتلال الإسرائيلي بمضاعفة انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، وتضييق الخناق عليه، لا تعطي انطباعًا بحالة استسلام قد وصل بلغها هذا الجيش المحتل فحسب، وإنما تعطي انطباعًا أنه يدرك خطورة شن عملية عسكرية ضد قطاع غزة، وأنه يوقن أن هذه الحماقة لن تكون نزهة، بل سيدفع خلالها ثمنًا باهظًا، ربما هذه المرة تكون مختلفة في الأسلوب والأداء للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عما سبق أثناء محاولة الاجتياح العدواني الإسرائيلي الأخير على القطاع. فالغلبة دائمًا في صف صاحب الأرض والحق.
لذلك، صوت العقل مطلوب بقوة الآن قبل ارتكاب أي حماقات مدمرة، فالفلسطينيون لا يبحثون ولا يريدون أكثر من حقوقهم المعروفة والمنصوص عليها في شرعة الأمم المتحدة وفي القرارات الصادرة عنها، بإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس، ورفع الحصار وجميع أشكال الإجرام والإرهاب التي يمارسها المحتل الإسرائيلي عليهم صباح مساء.
المصدر: اخبار جريدة الوطن