احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / رأي الوطن: اللاجئون السوريون والتوظيف لعرقلة الحل السياسي

رأي الوطن: اللاجئون السوريون والتوظيف لعرقلة الحل السياسي

لا يزال موضوع اللاجئين مبعث قلق وارتباك، وموضع تمييز ينتهك حقوق الإنسان بشكل صريح لدى عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وهو ما عكس حقيقة الشعارات التي رفعتها هذه الدول ومن يتبع لها ومن تستخدمه وظيفيًّا حيال تدخلها السافر في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وفي مقدمتها سوريا، حيث اتخذت الولايات المتحدة وأوروبا وتوابعهما من حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية والعدالة شعارات وعناوين لتبرير تآمرها وعدوانها على سوريا.
وعلى الرغم من مرور ست سنوات على هذه الشعارات والعناوين فإنها لاتزال تراوح مكانها جراء التوظيف اللافت لها لمواصلة مخطط تدمير الدولة السورية، وكثيرًا ما يحضر الوضع الإنساني في سوريا عند أي تطور لافت يصب لمصلحة الدولة السورية، ولا يخدم معسكر التآمر والإرهاب والعدوان، فهناك محطات كثيرة طوال الأزمة السورية كان تصدير الوضع الإنساني وإسالة دموع التماسيح لا يكونان إلا حين ينجز الجيش العربي السوري مهمة ميدانية في إطار ملاحقته فلول الإرهاب في المناطق السورية التي تلوثت برجسه، ما ينتج عنها انهيار وانكسار لافتان في معنويات التنظيمات الإرهابية التي أنتجها ويدعمها معسكر التآمر والإرهاب والعدوان، ولعل ما حدث في مدينة حمص القديمة وحي الوعر، ومؤخرًا في حلب وخاصة أحياءها الشرقية، والذي تزامن مع مؤتمر جنيف وفيينا، خير دليل على ذلك.
لقد كان صفة لازمة التوظيف السياسي للوضع الإنساني والحديث عن حقوق المواطن السوري وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين السوريين الذين تحاصرهم التنظيمات الإرهابية لجهة تحقيق أمرين: الأول محاولة ابتزاز الدولة السورية وحلفائها لتقديم تنازلات مؤلمة من خلال شن حملة إعلامية تحريضية تتفتق نفاقًا وزورًا وتدليسًا واضحًا لدى كل متابع لها بموضوعية وعقلانية، وذلك من أجل تعويض ما خسره معشر المتآمرين في الميدان عبر السياسة. والأمر الثاني إيصال المساعدات الإنسانية إلى التنظيمات الإرهابية بما يمكِّنها من البقاء والتمترس والاستمرار في ممارسة إرهابها بحق المدنيين السوريين والبنية الأساسية للدولة السورية، ولقد فضحت عملية تحرير الأحياء الشرقية من حلب من الارهابيين هؤلاء المتباكين على الشعب السوري إذ لم يرسلوا حتى حبة دواء لسكان تلك الأحياء بعد تحررهم من قبضة الارهابيين.
وعودة الحديث عن ما يسمى “المناطق الآمنة” واللاجئين في سوريا لا يختلف سياقها عن السياقات السابقة التي حضر فيها هذا الأمر، فهو اليوم يتزامن مع تطورات سياسية وميدانية تميل لصالح الدولة السورية، كاتفاق وقف إطلاق النار الشامل، وفصل تنظيمات إرهابية نفسها عن “تنظيم جبهة النصرة” الارهابي، وانعقاد مؤتمر أستانا للتمهيد للبدء ببحث سبل الحل السياسي، فهذه التطورات غابت عن مسرحها الولايات المتحدة وتوابعها، وبالتالي تحاول واشنطن مع الإدارة الأميركية الجمهورية بقيادة دونالد ترامب أن تقول للأطراف الثلاثة (روسيا وإيران وتركيا) إنها موجودة وقادرة على خلط الأوراق، وأن لا تقدم إلى الأمام نحو الحل السياسي بدونها؛ ولهذا جاء حديث ترامب عن “المناطق الآمنة” في سوريا كمقدمة لعزم إدارته على الانخراط في الأزمة السورية والعمل على تحقيق ما تسعى إليه من أهداف، وربما عرقلة الحل السياسي وسيلة من الوسائل لتحقيق الأهداف.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ـ كعادته ـ جاء رده على المخاوف ـ التي تكون مفتعلة في أغلبها ـ حيال اللاجئين وأزمة الهجرة ردًّا دبلوماسيًّا بأن “التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا ودول أخرى في الشرق الأوسط، وعودة الحياة الطبيعية في المنطقة بسرعة، يسهم بالتأكيد أيضًا في إنهاء أزمة الهجرة الحادة في أوروبا كلها”. أي أن الحل السياسي هو وحده الذي بإمكانه أن يقضي على المخاوف والقلق والارتباك؛ لأنه سيسمح بعودة اللاجئين إلى بلدانهم، وسيوقف الهجرة، أما عدا ذلك كبدعة “مناطق آمنة” وغيرها لن يكون مجديًا وسيفاقم من الأزمة، وسيعمق مشاعر القلق والارتباك ويرفع منسوب المخاوف؛ لأن الدولة السورية لن تسمح بإقامة مناطق آمنة تنتهك بها سيادتها وتكون بداية لتقسيم سوريا كما حصل من قبل في العراق وبالتأكيد سيناصرها حلفاؤها في موقفها هذا.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى