تتكامل صور المشهد الإرهابي عبر أذرعه في المنطقة من خلال ما نراه من كوارث ومآسٍ وفواجع تمس الجسد العربي بصورة مباشرة وتصيبه في مقتل، حيث تفعل أيادي الإرهاب الخبيثة فعلها في فلسطين المحتلة وفي سوريا قلب العروبة وفي العراق ومصر وليبيا ولبنان واليمن والحبل على الجرار.
هذا التكامل لأذرع الإرهاب يؤكد ما ذهبنا إليه من أن ما سمي “الربيع العربي” لم يعد سوى مؤامرة سونامية تقف خلفها قوى غربية استعمارية تسعى من خلالها إلى إعادة رسم خريطة المنطقة على أساس الثروات، يُنصَّب عليها كيان الاحتلال الإسرائيلي شرطيًّا عليها، وبالتالي لم يكن الاتكاء على مبادئ حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية إلا مجرد ذرائع لتبرير أشكال التدخل والعدوان والتآمر بهدف تحطيم البنى التحتية والأساسية وتدمير البنية الحيوية لعقل المواطن العربي وهدم وعيه وثقافته بحقيقة الصراع العربي ـ الإسرائيلي وحقيقة كيان الاحتلال الصهيوني ككيان احتلالي عنصري تآمري توسعي، وبحقيقة الأوطان ومكانتها وقيمة مكتسباتها ومنجزاتها، وثرواتها، ومعنى تطورها ورقيها وتحضرها ومستوى الفكر والثقافة والعلم والتقدم لدى شعوبها، ومحاولة تصدير ثقافات وأفكار لغزو الفكر والعقل العربي، وتسطيح المفاهيم والمصطلحات.
وللأسف هذا الغزو المدمر قد أحدث فعله لدى نفر غير قليل من أبناء الأمة ما سهل اختراق الثقافة والوعي فانعكس على مستوى التفكير والأخلاق والسلوك، وسهل بالتالي اصطياد هؤلاء وتحويلهم إلى جيوش ضد أوطانهم وأنفسهم وأهلهم وإلى حلفاء لأعداء الأمة والمنطقة، معلنين ولاءهم وتبعيتهم، ومعطين لتمردهم وإرهابهم ضد أوطانهم مسميات من وحي من يقاسمونهم الولاء، فأصبح القتل والتدمير في سوريا والعراق ولبنان ومصر واليمن وليبيا باسم “الثورة” و”الإسلام”، في تشويه واضح ومتعمد للثورة والإسلام، في حين أن ألوان القتل والتدمير والإرهاب والتهجير والعنصرية وجرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية التي يمارسها مجرمو الحرب الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني هي باسم “الدفاع عن النفس”، و”محاربة الإرهاب”.
إن هذه المغالطة الممجوجة انطلت على كثير من الشباب والمثقفين، فأصبحوا عاجزين عن فهم حقيقة أن القتل والتدمير والإرهاب والعنصرية بيد جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين في فلسطين المحتلة هو مساوٍ في الفعل والجرم من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا أو العراق أو اليمن أو ليبيا أو مصر وغيرها، وهذا يبرز النجاح الكبير للغزو الغربي الاستعماري في استهداف شرائح متعددة من أبناء الأمة، لتثبيت ركائز الاحتلال الصهيوني وتأمين بقائه ليكون على الدوام خنجرًا مسمومًا في خاصرة الوطن العربي، وللأسف وصل هذا الغزو إلى حدود العبث بالخرائط ومكوناتها العرقية والطائفية والمذهبية، وذلك في إطار البحث عن قوى وطوابير تتواءم مع النموذج الجديد للهيمنة على المنطقة.
ولذلك، ليس مبالغة القول إن هناك تكاملًا بين أذرع الإرهاب المتحكمة بمصير المنطقة بدءًا بذراع الإرهاب الكبرى المسماة “إسرائيل” والأذرع الأخرى المنتحلة لمسميات لا تمت لواقع الإسلام والعروبة في شيء.