إن حقوق الإنسان تمثل الجانب المضيء لدول العالم من حيث ما تحرص عليه من مبادئ وقيم، وتسنه من سياسات وأنظمة وتشريعات تُعنى باحترام حقوق الإنسان وحماية الأفراد وهم أجنة في بطون أمهاتهم ثم مولدهم وشبابهم وحتى رحيلهم عن الدنيا.
وفي هذا المضمار سجل الكثير من دول العالم صفحات ناصعة البياض وأعطت البراهين والأدلة على تاريخها في المجال الإنساني، ونظرتها العالية والمتبصرة إلى الإنسان ودوره في الحياة والتنمية والعطاء والإنتاج، وأن الحياة ومظاهرها لا تستقيم بدون هذا الكائن الذي ميزه الله سبحانه وتعالى عن سائر الخلق بالعقل والتفكير والذكاء والمشاعر والعواطف ووهبه من القدرات التي يتفرد بها عن غيره من المخلوقات، بل إنه رتب حكمًا كثيرة من خلقه وفي هذا الكون وكلفه بمهام ومسؤوليات تتناسب مع قدراته وطاقاته ومواهبه.
لقد أصبح تعظيم دور الإنسان واحترام حقوقه معيارًا من معايير النجاح الذي أحرزه الكثير من دول العالم ولا تزال، وأحد مداميك هذا النجاح، ومقياسًا لحكمة السياسات والرؤى، لذا تبرز قيمة الإنسان وحقوقه من خلال التشريعات والأنظمة والقوانين الموضوعة من أجل حماية الإنسان وصون حقوقه.
وحين نقلب صفحات الدول وسياساتها في مجال حقوق الإنسان، لا بد لنا وأن نجد بلادنا في مصاف الدول التي لها سجل حافل في هذا المجال يشار إليه بالبنان، حيث نظرت نهضة السلطنة المباركة إلى الإنسان العماني على أنه أساس التنمية وهدف وغاية لها، وأنه قطب رحى التنمية، وانطلاقًا من هذه الرؤية الحكيمة والنيرة جاءت حقوق الطفل إحدى قواعد العمل التي تتوقف عليها تنمية الإنسان العماني؛ لكونه القادر على قيادة قاطرة التنمية، وبالتالي من الأهمية بمكان أن تحترم حقوقه وهو طفل، وأن يحاط بشتى أنواع الرعاية من حيث التعليم والرعاية الصحية والعلاجية، ومنع الإساءة عنه، وردع كل من يسيء إليه قولًا أو فعلًا. ويعد النظام الأساسي للدولة، بالإضافة إلى انضمام السلطنة إلى المعاهدات الخاصة بحماية الأطفال واحترام حقوقهم، كفيلًا بتقديم البراهين ليس على سياستها ونضجها فحسب، وإنما على إيمانها التام بأهمية الطفل ودوره واحترام حقوقه؛ لأنه رجل المستقبل الذي سيحمل راية البناء والتعمير والتنمية، وقيادة الوطن إلى الرقي والتطور، وسيرًا على النهج الإسلامي والنبوي في تقدير الإنسان وحمايته منذ هو جنين في بطن أمه وحتى رحيله عن الدنيا، حيث جاءت التشريعات القرآنية والتوجيهات النبوية واضحة وموجهة ومرشدة.
وتأتي استضافة السلطنة اليوم لأعمال “المؤتمر الدولي لحماية الأطفال من سوء المعاملة” لعام 2019م، والذي يعقد بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس ووزارة التنمية الاجتماعية وجمعية “الأطفال أولًا” ومكتب اليونيسف بالسلطنة، تعبيرًا عن اهتمام السلطنة بحقوق الطفل، ومرآة صادقة تعكس دور السلطنة في إيلاء هذه الحقوق العناية والرعاية اللازمتين، وتذكير العالم بذلك، والتحرك الأخلاقي لإنقاذ الأطفال في هذا العالم من جميع أشكال الإساءات التي تأتي من بينها الحروب والصراعات التي تتسبب بصورة مباشرة في الإساءة إلى الأطفال إما بتعرضهم للقتل أو الإصابات أو الحرمان من شتى حقوقهم من التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وفقدان الوالدين أو أحدهما أو فقدان الأسرة بأكملها، أو تجنيدهم في الحروب، وتقارير الأمم المتحدة في هذا الشأن صادمة ومحزنة ومخزية في الوقت ذاته لانتهاك حقوق الأطفال.
المصدر: اخبار جريدة الوطن