أدرك الفكر السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أهمية التعليم في تحقيق النهضة المباركة، فنادى منذ بواكير عصر النهضة بتحقيق نهضة تعليمية شاملة، وأمر بالتعليم ولو تحت ظل شجرة، كما صاحب الاهتمام بهذه الرغبة الحقيقية إقامة تعليم واعد، واهتمام بالكادر البشري الذي يعد أساسًا للعملية التعليمية، فلا يوجد تعليم ذي جودة عالية دون معلم يكون قدوة ومثالًا ناصعًا لأبنائه الطلاب، لذا حرص جلالته ـ أبقاه الله ـ بجانب الاعتناء بإقامة المدارس وتوفير البرامج التأهيلية والتدريبية للمعلمين على دعوتهم إلى أن يكونوا قدوة حقيقية ومثالًا طيبًا لتلاميذهم، وأن يغرسوا في نفوس النشء تعاليم الدين الحنيف، ويربوهم على الأخلاق الفاضلة ويوقظوا في نفوسهم الروح الوطنية.
فالتعليم رغم أهميته في الفكر السامي، لكنه ارتبط بتقديم ما هو نافع للناس المستوحى من الدين الحنيف والتراث العماني التليد، والتمسك بالقيم والأخلاق الفاضلة، وهذه الرسالة كان ولا يزال يحملها المعلم العماني الذي أصبح نموذجًا يشار إليه بالبنان، فقد استطاع عبر استيعابه الكامل للفكر السامي أن يكون متصدرًا للمشهد التعليمي في السلطنة وإحدى أهم نقاط قوته، فالمعلمون كانوا دائمًا أساس التطور الكبير الذي تشهده العملية التعليمية في السلطنة، وشريكًا فاعلًا في تنفيذ الخطط المتتالية للعملية التعليمية في السلطنة وبرامج وزارة التربية والتعليم التطويرية، وحرصوا دائمًا على أن يكونوا في مقدمة المشاركين بكل إخلاص واجتهاد وتفانٍ في الارتقاء بمسيرة التعليم في البلاد، وحرصوا على أن يحملوا رسالة مفادها تقديم تعليم ذي جودة عالية، يتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية الحميدة، ويزرع في نفوس النشء هذه القيم والمبادئ ليتصدوا بها لمعتركات الحياة، ويضعوا كافة ما تعلموه في سبيل نهضة وطنهم الغالي عمان.
ومع احتفال السلطنة بيوم المعلم العماني الذي يصادف الرابع والعشرين من فبراير من كل عام والذي يأتي تأكيدًا على الدور الفاعل للمعلم في العملية التعليمية باعتباره المحرك الأساسي في هذه المنظومة، والقادر على غرس قيم المواطنة والتسامح وخدمة المجتمع في نفوس طلابه، وتوجيههم نحو الطريق القويم، حيث يمثل الاحتفال بهذا اليوم وقفة تقدير واعتزاز بما يبذله المعلمون في مدارس السلطنة خدمة لأبناء هذا الوطن العزيز على امتداد مساحته، وهو فرصة للتعبير عن أسمى عبارات التقدير والامتنان، على عطاء المعلم وعظيم بذله في سبيل الارتقاء بالعملية التعليمية، كما أنه مناسبة للتأكيد على رفعة وأهمية رسالة التربية والتعليم ومنحها باب الأولوية، وفرصة للتأكيد على المضي قدمًا في إيلاء المعلمين المكانة الرفيعة التي يستحقونها، من حرص شديد على تسليح المعلمين بالتدريب المتواصل، وتعزيز خبراتهم في مسايرة كافة المستجدات على الساحة التربوية حتى يتمكنوا من المساهمة في خدمة هذا الوطن الغالي، والمشاركة في ازدهار مسيرته التنموية بكل اقتدار، والحرص على تقديم كل ما من شأنه تحقيق النمو الذاتي للمعلم وبناء الشخصية التربوية وتقديم الخدمات المتميزة له، بما يتناسب ودوره ومكانته الرفيعة في المجتمع.
إن الاحتفاء بمناسبة يوم المعلم تعد محطة تسلط الضوء على عطاءات معلمينا وإخلاصهم وتفانيهم في سبيل القيام بالرسالة السامية لمهنة التعليم، متحدين في ذلك كافة التحديات التي قد تواجههم؛ خدمة لأبناء هذه الوطن العزيز، لذا فكافة الاحتفالات هذا العام بهذا اليوم العظيم، تهدف إلى إبراز هذه الفعالية داخل محيط المدرسة بشكل عام، وتعزيز دور المعلم ومهنته لدى الأجيال المقبلة، وتتضمن تكريم الطلاب وأولياء الأمور للمعلمين، واحتفال المعلمين أنفسهم بهذا اليوم، واحتفاء عمان من أقصاها إلى أقصاها اعترافًا بدور المعلم، فلهم منا أسمى التهاني في يومهم.
المصدر: اخبار جريدة الوطن