أظهرت البيانات والإحصائيات الواردة في تقارير البنك المركزي العماني في السنوات الثلاث الأخيرة وجود العديد من المؤشرات على نجاح جهود التنويع الاقتصادي بما يساعد الاقتصاد الوطني على مواصلة النمو بدعم رئيسي من نشاط القطاعات غير النفطية، حيث يعد أداء القطاعات غير النفطية المحدد الأهم لنجاح التنويع الاقتصادي، إلا أن السلطنة لا تزال بحاجة إلى سياسات إضافية ترفع وتحفز مساهمتها في دعم الاقتصاد وذلك بحثًا عن الانعتاق من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل؛ لذا فقد اعتمدت السلطنة في خطتها الخمسية التاسعة على خطوات تسهم في تسريع عمليات التنويع الاقتصادي.
ويعد مشروع (تنفيذ) الذي جاء بمباركة سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ كآلية عمل لتحقيق أهداف الخطة الخمسية التاسعة من خلال تصحيح أبرز أوجه القصور في بيئة الاقتصاد، والتغلب على العوائق التي تحول دون تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي، ونمو حجم الاقتصاد العماني بما في ذلك إجراء التعديلات اللازمة على القوانين واللوائح، وتحديد الأولويات، وتوفير التمويل اللازم للمشاريع، والاتفاق على المهام والمسؤوليات ومواعيد الإنجاز، وصولًا إلى زيادة الناتج الإجمالي المحلي، وتعزيز استثمارات رؤوس الأموال، وتوفير فرص وظيفية للمواطنين، وجعل القطاعات المستهدفة في الخطة الخمسية التاسعة بديلًا فاعلًا عن الاعتماد شبه الكلي على النفط، ويعمل (تنفيذ) على صياغة آلية عمل واضحة المعالم ووفق جدول زمني محدد، ومؤشرات لقياس الأداء يبدأ تطبيقها مع مطلع العام القادم.
ومع انطلاق المرحلة الثانية من البرنامج، وهي مرحلة المختبرات التي تمتد لستة أسابيع، والتي سيتم فيها وضع إطار البرنامج التنفيذي للقطاعات المختلفة، ويتضمن تحديد أولويات تشجيع الاستثمار في المشاريع الاقتصادية، كتعيين مواقع الاستثمار في مختلف المحافظات ووضع الخطوات الكفيلة بتعزيز ودعم القطاعات، كما ستقوم الحلقات بالمواءمة بين مؤهلات القوى العاملة العمانية ومتطلبات كل قطاع مع مراعاة متطلبات واحتياجات كل من صاحب العمل والعاملين. وسوف تتم الاستفادة من تجربة هذه المرحلة في قطاعي التعدين والثروة السمكية.
كما أن المختبرات ستبحث مستجدات قطاع التمويل من خلال مسارين أساسيين يعنى الأول بتعزيز إيرادات الخزينة العامة للدولة من خلال السعي لتحقيق الكفاءة في الإنفاق وإيجاد مصادر جديدة للدخل، ويهتم الثاني بالبحث خارج الموازنة العامة للدولة عن مصادر جديدة وآليات لتمويل المشاريع من خلال إشراك القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية للسلطنة.
ومن الطموح الذي ينتظر من هذا البرنامج، بكم عظم التحدي، حيث يعمل البرنامج وفق عدة محاور أساسية فرضتها طبيعة المرحلة الحالية المرتبطة بالوضع الاقتصادي المتأثر بالانخفاض المتواصل لأسعار النفط، وهو برنامج يتواءم مع الرؤية المستقبلية 2020، خصوصًا في مرحلتها الأخيرة في الخطة الخمسية التاسعة (2016/2020)، كما أنها تفتح الطريق للرؤية الاقتصادية المستقبلية (2040)، وهو حلقة الوصل بين الاستراتيجيات المختلفة لكل من القطاعات المستهدفة، إلى جانب تقديم منصة للشراكة المستدامة بين القطاعين الحكومي والخاص لخدمة المجتمع.
لذا وجب أخذ الإطارات العلمية لضمان النجاح الأمثل للبرنامج الذي يأتي كمبادرة وطنية تسعى إلى تعزيز التنويع الاقتصادي عبر تعظيم الفائدة مما تم إنجازه من بنية أساسية خلال الخطط الخمسية المتلاحقة السابقة مع التركيز على القطاعات الأساسية المستهدفة ضمن برنامج التنويع الاقتصادي وفق الخطة الحالية كما حددها المرسوم السلطاني السامي رقم 1/2016 وهي الصناعات التحويلية، حيث تسعى الحكومة إلى تشجيع المشاريع الممولة ذاتيًّا لتعزيز النمو الاقتصادي، والاستعانة على نحو فعال باستثمارات القطاع الخاص التي تدفع عجلة التنمية، على أن يرتبط ذلك بشكل مباشر بالمستوى المعيشي في السلطنة، وبمستوى النهوض بالاقتصاد الوطني، والخطط الطموحة لتوفير فرص العمل، وتحسين قطاع الخدمات بكل مرافقه، وهي عملية متكاملة تدخل في إطار عملية التنمية الشاملة في محافظات السلطنة كافة، ومرتبطة بالخطط التنموية والاقتصاد الوطني والتمويل، للتمكن من إيجاد الحلول والبدائل الممكنة للتغلب على كافة التحديات.