التوجيهات السامية والكلمات المُوجِّهة والمُرْشِدة التي تفضل بها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ خلال ترؤسه لمجلس الوزراء الموقر ببيت البركة أمس تشكل منهاج عمل واضحًا من أجل مواصلة مسيرة البناء والحفاظ على ما أنعم به المولى عز وجل من إنجازات ومكتسبات وخيرات ومقومات لهذا الوطن العزيز، ومن أجل بناء مستقبل أفضل للوطن والمواطن، فجلالته ـ كما عهدناه ـ دائمًا نعم المُوجِّه والمُرشِد إلى أصائل الأعمال وواضح المنهج القويم لكل إنجاز من المنجزات التي نعيش في أكنافها، والتي يشهد بها الواقع دون تجمل أو تزين.
فاستهلال جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الاجتماع في كل مرة بالتوجه إلى الله عز وجل بالحمد والثناء على نعمائه، لهو استهلال دال على التواضع الجم، والتسليم بمشيئة الخالق عز وجل، والثقة بواجد الوجود ومدبر كل شيء ومقسم الأرزاق بقدرته وحكمته، ومن ثم الداعي الخلق إلى التوكل على الله والأخذ بالأسباب “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى” و”هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه”.كما أن الثقة بالله مع السعي والتوكل عليه انعكست في ارتياح جلالته ـ أبقاه الله ـ من مسيرة التنمية في البلاد، وحرصه على أن يضيف منجزًا جديدًا في كل يوم جديد وفريد إلى رصيد نهضة عُمان الحديثة وذخيرة الوطن والمواطن للأجيال الحالية واللاحقة.
والاجتماع الذي تفضل بترؤسه جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ مثلما جرت العادة يأتي استهلالًا لبداية العام الميلادي الجديد (2016)، إلا أنه يكتسب أهمية كبيرة ودلالاته العميقة وأبعاده الوطنية، لكونه يجيء بعد تفضل جلالته ـ أعزه الله ـ بالتصديق على الخطة الخمسية التاسعة والميزانية العامة للدولة، وفي ظل وضع اقتصادي عالمي يشهد تراجعًا في نسب النمو جراء انهيار أسعار النفط، وتحدي تنويع مصادر الدخل بخاصة للدول المنتجة للنفط الأسود.
وانطلاقًا من هذا الوضع الاقتصادي العالمي وهذا التحدي، جاء توجيه جلالة عاهل البلاد المفدى لحكومته ملامسًا لواقع الحال، وداعمًا للجهود المبذولة للتغلب على ذلك، فلا تزال توجيهات جلالته نبراسًا يضيء الدرب أمام المعنيين الباحثين عن حلول إبداعية لمواجهة حالة التداعي لأسعار النفط، والثقة غير محدودة في جلالته وبصيرته النافذة في اجتراح المعالجات السليمة التي تحافظ على مصلحة الجميع وطنًا ومواطنين، حيث أكد جلالته على أهمية التنويع الاقتصادي وتشجيع الاستثمار في المشاريع الإنتاجية ذات النفع العام وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ومن المؤكد أن النجاح في تدارك تحديات تراجع أسعار النفط وإيجاد البدائل المناسبة ومصادر دخل متنوعة ستكون له انعكاساته الإيجابية على الخطط التنموية وخاصة الخطة الخمسية التاسعة التي أثنى جلالة السلطان المعظم على تنفيذها لمراعاتها البعدين الاجتماعي والاقتصادي للتنمية، وتضمنها استدامة استقرار الاقتصاد وتحقيق معدلات مناسبة من النمو للناتج المحلي، مع إعطاء الأولوية القصوى للتنمية البشرية وتوفير التدريب والتأهيل لها للالتحاق بكافة مجالات العمل.
ما من شك أن الدور الأكبر في عمليات التنمية والتنويع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل يبقى منوطًا بالقطاع الخاص بقطاعاته المختلفة المصرفية والصناعية والتجارية والتقنية وغيرها والذي يحظى بالكثير من الرعاية وجهود تذليل العقبات.
فالقطاع الخاص لديه آفاق واسعة في عمليات الاستثمار، وبإمكانه تحقيق تحسن كبير في هذا الاتجاه، والاستفادة من الحوافز لتشجيع الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية، لا سيما وأن الحكومة مستمرة في اتخاذ العديد من التدابير والإجراءات والتشريعات التي تهدف إلى تطوير الإطار التنظيمي والقانوني للقطاع الخاص وقوانين الاستثمار والضرائب وتطوير قطاع المال وتبسيط الإجراءات.
ومن الدلالات المهمة على اهتمام جلالة عاهل البلاد المفدى بالسلم والأمن الإقليمي والدولي تأكيد جلالته على ثوابت السياسية الخارجية العمانية إقليميًّا ودوليًّا، وحرصه على التوازن الدقيق بين مصالح كل الأطراف في المنظومة الدولية حتى ينعكس هذا التوازن بالأمن والسلم والاستقرار والخير على الشعوب جميعًا.
فليبارك الله خطاك يا قائدنا المفدى، لتظل لعُمان والعالم من حولها نعم الركن الركين والناصح الأمين.