اختتم مؤتمر جنيف الثاني أعماله أمس بعد جولات ماراثونية استطاع خلالها الوفد السوري الرسمي أن يؤكد عدالة القضية التي يحملها، وأن ينقل حقيقة ما تتعرض له سوريا من مؤامرة كونية وما يدبر لها ولشعبها من مكائد وإرهاب، حيث انكشفت خيوط المؤامرة من خلال الرفض المطلق من قبل وفد ما يسمى “الائتلاف” المسمى اصطلاحًا بـ”المعارضة” للورقة السياسية التي قدمها الوفد السوري الرسمي والتي تمثل قاعدة حقيقية لانطلاق الحل السياسي وتجنيب سوريا ويلات الإرهاب ومخاطر التمزق والتفكك، وتجنيب الشعب السوري شرور الإرهاب ومآسي التهجير والانتهاكات ضد الإنسانية التي تمارسها عصابات الإرهاب ضده، ومن شأن الورقة أيضًا تحقيق تطلعات السوريين نحو المستقبل، كما انكشفت خيوط المؤامرة وحقيقة الدور الذي يلعبه وفد ما يسمى “الائتلاف” لصالح مشغِّلِيه وصانعيه ومُعدِّيه، من خلال رفضه مشروع البيان المقدم من الوفد السوري الرسمي حول مكافحة الإرهاب والذي (أي المشروع) يؤكد ضرورة التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب والتصدي له بجميع الوسائل لما يشكله من خطر على الأمن والسلم الدوليين استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن الدولي ولا سيما القرارين 1373 لعام 2001م و1267 لعام 1999م.
اللافت للنظر في مؤتمر جنيف الثاني أن وفد “الائتلاف” المسمى اصطلاحًا بـ”المعارضة” كان حريصًا على إفشال أي نقاط التقاء مشتركة مع الوفد السوري الرسمي، وفي كل مرة يقدم فيها الوفد الرسمي السوري مبادرة أو ورقة حل يعمد وفد ما سمي “الائتلاف” إلى القفز عليها بمبادرة أو ورقة مضادة، أو يحاول أن يتلفع بالقشور للتنصل من المبادئ الجوهرية والأساسية في الأزمة، كما هو واضح من خلال رفضه وقفزه على الورقة السياسية التي نصت على نقاط الارتكاز الجوهرية لحل الأزمة السورية ومشروع البيان حول مكافحة الإرهاب لما يمثله هذا المشروع من ضمانة لبلورة الرؤى المشتركة وصولًا إلى الحل السياسي بما يؤدي إلى الحفاظ على سلامة سوريا ووحدة ترابها وحقن دماء الشعب السوري من جرائم الحرب والإرهاب التي ترتكبها العصابات الإرهابية المدعومة من قبل معسكر المؤامرة.
إن هذا الرفض من قبل وفد ما يسمى “الائتلاف” المسمى اصطلاحًا بـ”المعارضة” يعبر عن تصميم المتآمرين ضد سوريا وشعبها على المراهنة على الإرهاب كخيار في مواجهة انتفاء التدخل العسكري الخارجي المباشر وتعثر محاولات خلق مسوغاته ومبرراته، ما يؤكد أن مؤتمر جنيف الثاني لم يكن خيارًا ومخرجًا لتجنيب سوريا وشعبها مخاطر الإرهاب والدمار، وإنما هو وسيلة لتكريس الإرهاب ومحاولة إضفاء الشرعية عليه، وهذا ما يعبر عنه الرفض المطلق من قبل المشغَّلين والموظَّفين الذين أُتِيَ بهم من أروقة الاستخبارات الغربية وغرف الفنادق الفخمة في أوروبا والولايات المتحدة.
من المؤكد أن الشعب السوري وهو يشاهد الأدوار الوطنية من قبل الوفد السوري الرسمي والمتمثلة في المبادرات والأوراق والمشاريع الهادفة إلى حماية السوريين وتحقيق مطالبهم وتطلعاتهم والتخفيف عن كاهلهم آلام الإرهاب، يقف على صورة واضحة المشاهد والتفاصيل لا غشاوة ولا غبار يغطي شيئًا منها، خاصة وهو يرى الدفاع المستميت عن الإرهاب ورفض منطلقات الحل السياسي من قبل الطرف الآخر المسمى اصطلاحًا بـ”المعارضة” الذي يدَّعي أنه يدافع عن الشعب السوري.
الخلاصة هي أن الوفد السوري الرسمي استطاع أن يثبت عدالة القضية السورية وينقل آلام ومطالب الشعب السوري، ويُعرِّي في الوقت ذاته المواقف ويضع الشعب السوري بين من يدافع عنه بكل ما أوتي من قوة، وبين من يسعى إلى إبادته وإفنائه، إنها جولة سورية كاملة النقاط مقابل خسارة وتعرية واضحتين لمعسكر المؤامرة والمتحالفين مع الإرهاب والداعمين له.