تتحول بلادنا هذه الأيام إلى خلية عمل لافتة من خلال الحراكات والنشاطات المتعددة الأوجه والمجالات ومن بينها المجالات الاقتصادية والصحية، والمتمثلة في الزيارات والمؤتمرات والاجتماعات التي تمحورت حول تحقيق جملة من الأهداف المشتركة والبحث عن الفرص الاستثمارية، واستثمار المقومات والإمكانات فيما يخدم التنمية بوجه عام.
وما يدعو اليوم إلى هذا النوع من الحراكات المتعددة الرغبة الأكيدة في تمتين الاقتصاد ومواصلة برامج التنمية بما يكفل تحقيق مظاهر العيش الكريم والاستقرار والسلم الاجتماعي، من خلال تلبية متطلبات الحياة المعيشية، وتوفير فرص العمل للمخرجات التعليمية والباحثين عن عمل، وتحسين قطاع الخدمات، وكذلك التحديات الاقتصادية والمالية العالمية التي أرخت سدولها على المناخ الاقتصادي العالمي، خصوصًا مع أزمة انهيار أسعار النفط، فباتت الدول مدعوة إلى تنشيط جهودها وتوظيف إمكاناتها ومقدراتها ومقوماتها، وكذلك دبلوماسيتها من أجل إحداث معالجات سريعة للحفاظ على اقتصاداتها والإبقاء على ما حققته من مستويات نمو.
وتأتي زيارة معالي كينتارو سونورا المستشار الخاص لدولة رئيس الوزراء الياباني للسلطنة من أجل التعرف على الفرص الاستثمارية تعبيرًا عن عمق العلاقات العمانية ـ اليابانية القائمة، والرغبة في تعزيزها وتطويرها عبر المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، وتعزيز أوجه الشراكة بين البلدين، حيث أكد معاليه عمق العلاقات القائمة بين البلدين الصديقين، وأن الهدف من زيارته للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم والوفد المرافق له هو استكشاف الفرص الاستثمارية المتوافرة بالمنطقة، انطلاقًا من الحقيقة الثابتة بشأن الموقع الاستراتيجي للمنطقة، والقناعة لدى المسؤولين اليابانيين بجدوى الاستثمار في هذه المنطقة الواعدة والتي تعد بكرًا بالنسبة لخبرات عريضة ومتراكمة لدى دولة اليابان الصديقة في جميع المجالات، لا سيما المجالات الاقتصادية؛ فالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تشهد قيام العديد من المشروعات الاقتصادية العملاقة، وآخذة في التوسع والنمو، حيث تتواصل حيالها الجهود الحكومية لتكون قبلة اقتصادية واستثمارية. ولعل ما لقيه الوفد الياباني من شرح بشأن الإمكانات والحوافز التي تقدمها هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم من حوافز للمستثمرين تتضمن إعفاءات ضريبية وتسهيلات متنوعة كفيل بتعزيز القناعة لديه، فضلًا عن استمرار الاستثمارات الحكومية في المنطقة من أجل إقامة بنية أساسية قوية وجاذبة.
على الجانب الآخر، وفي إطار توجه السلطنة نحو أهمية تنويع مصادر الدخل، تواصل الحكومة جهودها تجاه إثراء مصادر الطاقة (النفط والغاز) وتنشيطها بالتوازي مع المصادر الأخرى. وفي هذا الصدد يأتي “مؤتمر ومعرض النفط الثقيل” الذي يختتم أعماله اليوم، حيث يسلط المؤتمر الضوء على أهمية تحويل سلسلة القيمة بالنفط الثقيل وتطوير الاستراتيجيات والخطط المتوسطة والطويلة الأجل لنمو القطاع. وحسب معالي الدكتور محمد بن حمد الرمحي وزير النفط والغاز فإن السلطنة لم تقم بتخفيض الاستثمارات في مجال الاستكشاف والتنقيب عن النفط خلال أزمة انخفاض أسعار النفط، وإن سعر بيع البرميل خلال العام الجاري سيتراوح بين 70 إلى 80 دولارًا أميركيًّا.
إن توقيت المؤتمر يكتسب أهميته من جهة أن الطلب العالمي على الطاقة آخذ في النمو، ويتوقع أن يرتفع الطلب ـ حسب المؤتمرِين ـ بنسبة 28 بالمئة عبر الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (آسيا) خلال العقود المقبلة، فالنفط ما زال المصدر الرئيسي للطاقة في الشرق الأوسط بزيادة تقدر بـ20 بالمئة، إضافة إلى وجود انخفاض بإنتاج النفط الخفيف والمتوسطة نتيجة لارتفاع إنتاج النفط الثقيل، وإنتاج مخزون النفط الثقيل ـ الذي سيصل إلى 23 بالمئة في العام 2023م ـ يقدر بتريليون برميل تم إنتاج 10 بالمئة منه فقط، الأمر الذي يجعل السلطنة تحذو حذو غيرها لمواصلة عمليات الاستكشاف والتنقيب عن هذا المورد الاقتصادي، حيث ستعزز استكشافاته التجارية المستوى الاقتصادي، لتتكامل مع بقية الموارد والمصادر الأخرى، وبما يحقق سياسة التنويع الاقتصادي ويضاعف من قوة دوران عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
المصدر: اخبار جريدة الوطن