سطَّر الشَّعب العُماني ملحمةً وطنيَّةً خالدة، ستظلُّ تُروى ويتعلَّم منها العالم أجمع؛ ففي مِثل هذا اليوم توحَّد أبناء عُمان خلف قيادتهم الجديدة، وعقدوا العزم على مواصلة طريق نهضتهم المباركة التي بدأها المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ. فاليوم ذكرى تولِّي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحكم في البلاد، وهو اليوم الذي وعد فيه جلالة القائد المُفدَّى بتجديد شباب النهضة العُمانيَّة المباركة، رغم عِظَم التحدِّيات وتواليها على العالم أجمع، وقاد الربَّان السفينة بحكمة واقتدار ورؤية ثاقبة مستنيرة، وعمل على مواجهة الأنواء بعزمٍ وصلابة، كبحَّار عُمانيٍّ قديم يَثقُ في أدواته. واستطاعت سلطنة عُمان خلال السنوات الثلاث الماضية أنْ تُجدِّد نهضتها، وتُعيدَ إليها رونقها المعهود، فالنتائج التي تحققت نتيجة الاستثمارات البَشريَّة والماديَّة والاستراتيجيَّات الوطنيَّة التي وجَّه بها جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ أعزَّه الله ـ ووضعها منذ تَولِّيه مقاليد الحُكم، فاقت كُلَّ التوقُّعات، وتجاوزت الطموحات حتى باتت السَّلطنة في ظلِّ القيادة الحكيمة في مصافِّ الدُّوَل المتطوِّرة على كافَّة الأصعدة، وإحدى الدُّول التي استطاعت الخروج بقدرة واقتدار ـ وبتوفيقٍ من المولى جلَّت قدرته ـ من تداعيات الأزمات العالميَّة المتوالية، وأضحى الحادي عشر من يناير يومًا من أيَّام عُمان الخالدة، الذي يؤكِّد أنَّ عُمان قادرة على استيلاد المُنجَز من رحْمِ أعْتَى التحدِّيات وأشدِّها ضراوة، حيث راهن جلالتُه على الاستثمار في المواطن العُمانيِّ، ووضعه على سلَّم الأولويَّات.
إنَّ سرد ما تمَّ إنجازه في السنوات الثلاث الماضية يحتاجُ مجلَّدات كُبرى، بالنظر إلى حَجْمِ المُنجزَ الذي يُثلج الصَّدر، والتوجُّهات التي وضَعت الأمور في نصابها الصحيح والسليم، حيث استطاع جلالة السُّلطان المُعظَّم برؤيته الثاقبة أنْ ينتقل بالاقتصاد العُمانيِّ إلى مستوى متقدِّم، تؤكِّده الأرقام المسجلة بتحسُّنِ الناتج المحلِّي الإجمالي في عام 2022م ليصل إلى 9ر44 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2022م بمعدَّل نُموٍّ بلغ 4ر32 بالمائة مقارنة بعام 2021م، وتحقيق فائض ماليٍّ يُقدَّر بنَحْوِ مليار و146 مليون ريال عُماني. ورغم أنَّ العالم أجمع يعاني من تراجع في الأداء وارتفاع كبير في معدَّلات التضخُّم، إلَّا أنَّ الوضع في البلاد جاء مختلفًا، حيث نالت الجوانب الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة في عام 2022م اهتمامًا ساميًا انعكس على ارتفاع صافي الإنفاق العام بنَحْوِ (958) مليون ريال عُماني، وجِّهت لصالح أبناء عُمان في العديد من القِطاعات الاجتماعيَّة.
إنَّ هذه السياسة السَّامية الناجعة قد تميَّزت بحُسن إدارة الموارد الماليَّة والبَشريَّة، ووازنَتْ بَيْنَ السَّعي نَحْوَ إصلاح ماليٍّ يُقلِّص الدَّيْن، وبَيْنَ الاحتياجات الاجتماعيَّة التي فرضتها الأزمات العالميَّة، حيث تمكَّنت حكومة جلالة السُّلطان المُعظَّم من سداد جزءٍ من المديونيَّة العامَّة وإدارة المحفظة الإقراضيَّة بنهاية العام الماضي؛ ما أسهم في خفض إجماليِّ حَجْم الدَّيْن العامِّ، وقاد استمرار تنفيذ إجراءات ضبط الأوضاع الماليَّة إلى رفْع التصنيف الائتمانيِّ لسلطنة عُمان، ما انعكس إيجابيًّا في حجم الاستثمارات الأجنبيَّة المباشرة، حيث بلغت حتى الرُّبع الثالث من عام 2022م حوالي (18) مليارًا و(140) مليون ريال عُماني بنسبة زيادة (4ر10) بالمائة مقارنة بالفترة نَفْسِها من عام 2021م، ناهيك عن ارتفاع حجم التبادل التجاري مع دوَل العالم لتبلغ (30) مليارًا و(4ر421) مليون ريال عُماني حتى شهر سبتمبر من عام 2022م بنسبة ارتفاع قدرها (18ر46) بالمائة، حيث سعى جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى الاستفادة من العلاقات الدبلوماسيَّة، وتوظيفها في التعاون الاقتصاديِّ مع كافَّة الدوَل الصديقة والشقيقة.
وفي الختام لا يسَعُنا إلَّا أنْ نرفَعَ أجمل التهاني والتبريكات إلى مقام جلالة السُّلطان المُعظَّم بمناسبة تَولِّيه مقاليد الحُكم، سائلين المولى عزَّ وجلَّ أنْ يُعيدَ عليه المناسبةَ وأمثالَها سنواتٍ عديدة وأزمنةً مديدة، وأنْ يكلأه بعَيْنِ رعايتِه وعنايتِه، ويُوفِّقه لِمواصلة هذه المَسِيرة الظافرة، ويجعله ذخرًا وفخرًا وسندًا لهذا الوطن العزيز ولأُمَّته.. إنَّه سميع مجيب.. فعُمان المَجْد اليوم من أقصاها إلى أقصاها السَّنَد المَتِين لجلالته وقيادته الحكيمة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن