احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / رأي الوطن : رحمك الله يا باني نهضة عمان الحديثة

رأي الوطن : رحمك الله يا باني نهضة عمان الحديثة

بأنفس راضية مؤمنة بقضاء الله وقدره، شاءت إرادة الله أن تفقد عمان مساء أمس الأول رمزها وباني عزها ومفجر طاقاتها، وحامي حماها وباني سلامها وأمنها وأمانها واطمئنانها واستقرارها وتنميتها، ومؤسساتها؛ المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله ـ حيث جاء بيان مجلس الدفاع ناعيًا بأن باني نهضة عمان الحديثة ورجل السلام الذي شهدت له الأرض قاطبة بأن رجله وفارسه الذي لا يشق له غبار قد شاءت إرادة الله أن يترجل عن صهوة جواده في الدنيا، إيذانًا بتدوين تاريخ هذا المصاب الجلل ـ الجمعة الرابع عشر من جمادى الأولى لعام 1441 للهجرة الموافق العاشر من يناير لعام 2020 للميلاد في التاريخ العماني ـ كتاريخ الثالث والعشرين من يوليو المجيد لعام 1970 للميلاد، ليكون هذان التاريخان ذاكرة خالدة في العقل الجمعي، والذاكرة الجمعية لأبناء عمان خاصة، وللعالم عامة.
إنها لحظة تاريخية من عمر عمان أن تتشح فيها بالأسى والحزن على فقد قائد فذ حكيم أودع الله فيه صفات القيادة، وسمات السمت وحسن السياسة والحكمة والإرادة وبُعد النظر واستشراف آفاق الحاضر والمستقبل، قائد وهبه الله عمان التي أحبها خير خلقه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم ودعا لها بالخيرات، وأشاد بها بين الأمم والحضارات قائلًا: “لو أهل عمان أتيت ما سبوك وما ضربوك”، بل خصها الله بهذا القائد ليمضي بعمان كما عرفها الله وأحبها رسوله ودعا لها وأشاد بها، لتظل عمان واحة السلام والأمان والاطمئنان، وقبلة للعالم ومحجة للباحثين عن السلام، والحلول والقويمة والنظرة السليمة والتشخيص الدقيق للقضايا والمشلات.
يحق لأبناء عمان الأوفياء أن يحزنوا ويعبِّروا عن مشاعر حزنهم وحجم الأسى والفقد الذي يتملكهم، كيف لا؟ وهؤلاء عايشوا وجايلوا هذا القائد الأب الحنون والقلب على هذا الوطن وأبنائه، مسخِّرًا حياته وجهده من أجل عمان ورفعتها، ومن أجل أبنائها ورفعتهم ورخائهم وسعادتهم.
حين يعبِّر العمانيون عن حزنهم وأساهم لمصابهم الجلل بفقد أبيهم وقائدهم، وباني عزهم ومجدهم بالدعاء له بالرحمة والمغفرة، وأن يسكنه فسيح جناته، مبتهلين إلى المولى جلت قدرته بأن يحسن إلى أبيهم القائد كما أحسن إليهم، فتكتظ المساجد والبيوت والمجالس ووسائل التواصل والإعلام بالدعاء بالرحمة والمغفرة، وأن يجعله الله مع الأنبياء والصديقين والشهداء، نعلم حينها قيمة الفقيد وقدره ومكانته في وجدان عمان وأبنائها الأوفياء.
إن ما نشهده اليوم من مواقف عظيمة يبديها أبناء عمان الأوفياء تجاه قائدهم المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله ـ تمثلت في ملازمة الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وأن يجمِّل صبرهم بتقبل دعائهم، لهي أجمل لحظات الصدق والوفاء تجاه من بادلهم بذلك، لتؤكد تلك العلاقة الراسخة والمتينة التي دامت خمسين سنة من العطاء والتكاتف والتلاحم والمحبة والألفة والانسجام والولاء والعرفان والانتماء.
يرحل عنا اليوم جلالة السلطان قابوس بن سعيد رجل السلام، بعد أن أقام دولة السلام والتنمية والاستقرار، دولة المؤسسات تتمتع بكل المقومات، يرحل عنا مطمئنًّا أن بها شعبًا وفيًّا، وعائلة حكيمة وفية، وأن فيها من يسير على نهجه، فتأتي حكمتها باتفاقها عرفانًا وتقديرًا لجلالة المغفور له على تنصيب من أوصى به في وصيته، لتعطي عمان درسًا آخر في معاني السلام في دولة السلام الحديثة ليرقد مؤسسها بسلام، مستبشرين (أبناء عمان) بمن اختارته حكمة جلالته وبُعد بصيرته بأن يكون حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور المعظم هو من يحمل الأمانة من بعده، وليكون خير خلف لخير سلف، داعين الله عز وجل أن يعينه عليها، معاهدين المغفور له بإذن الله، وعاهل البلاد المفدى بأن يكونوا على العهد بأن يحفظوا هذا الوطن ومكتسباته، وأن يمضوا خلف جلالة السلطان هيثم بن طارق، بارين بما عاهدوا الله عليه.
اللهم إنا نشهدك بأن جلالة السلطان قابوس بن سعيد قد أكرمنا فوق الأرض وأحسن إلينا وزيادة، وأدى الأمانة وقام بها خير قيام، اللهم كما أكرمنا وأحسن إلينا فأكرمه وأحسن إليه وزيادة، واجزه عنا خير الجزاء، واجعله مع من شملتهم برحمتك ومغفرتك في عليين مع الأنبياء والصديقين والشهداء، واكتب الخير والأمن والسلام والاستقرار لبلادنا، وأعن جلالة السلطان هيثم بن طارق على حمل الأمانة وأدائها، واكتب له التوفيق وسدد خطاه.. إنك سميع مجيب الدعاء.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى