في ظل ثورة عصر التكنولوجيا والمعلومات والمعرفة تعددت الكثير من المفاهيم والطرق والوسائل التي تدخل في مجالات الحياة والاقتصاد والتجارة والتنمية والتواصل وغير ذلك، ما أعطاها أبعادًا وانعكاسات كثيرة بات الجميع يلمسها، ليس من جهة الرفاه والعصرنة والتقدم فحسب، وإنما أيضًا من جهة ما أخذت تجره من فوائد وإيجابيات عديدة على السالكين لدروب التقنيات الحديثة والمواكبين لها.
ويعد ما يعرف بالاقتصاد الرقمي أو التجارة الإلكترونية واحدًا من المفاهيم والإفرازات والنتائج لهذا العصر التقني والمعلوماتي، وفي طبيعة الدور والهدف يمكن أن يوصف هذا النوع من التجارة بأنه رديف ومكمل للتجارة العادية المتعارف عليها بين الناس، إلا أن التجارة الإلكترونية أخذت تحرز تقدمًا بفضل التقنيات الحديثة التي تختزل عامل الزمن والمكان والجهد، حيث أصبح بإمكان رائد الأعمال أو صاحب الشركة والمؤسسة أو المستهلك أن يرتاد الفضاء السيبراني وبضغطة زر يحصل على ما يريد من خدمة أو يعرض ما لديه من سلع، حيث تقوم فكرة التجارة الإلكترونية على عملية البيع والشراء ذاتها المعروفة بين الناس، إلا أنها تمتاز بأنها مفتوحة الزمن والمنافسة، وغير مقتصرة على سوق واحد محلي أو خارجي، وإنما يمكن أن تشملهما معًا، وذلك من خلال المواقع الإلكترونية التي تشبه صالات العرض والبيع أو المتاجر أو المحلات الكبيرة، والتي يمكن وصفها بأنها سوق يتم فيها العرض والطلب والتبادل التجاري، ومن خلال انتقال الباحث عن السلعة أو الخدمة بين هذه المواقع وبضغطة زر يمكنه أن يتعرف على الأسعار العالية والمنخفضة، فضلًا عن التعرف على السلع ومنشئها وخصائصها.
والملتقى العربي الثالث لرواد الأعمال الذي اختتم أعماله أمس بمجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة عمل منظموه على مواكبة العصر بتقنياته ومعلوماته الحديثة عبر عنوانه اللافت “الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال”، إدراكًا منهم للدور الكبير الذي تلعبه التقنيات الحديثة في عمليات البيع والشراء والترويج والعرض والطلب والسرعة، وما تسهم به في إسناد رواد الأعمال الطامحين إلى الانتشار والتوسع في عرض خدماتهم وسلعهم والترويج لها، فمن خلال هذا النوع من التجارة يمكن أن تتم عبره عمليات الوساطة والإعلان والترويج والعرض والطلب والبيع والشراء وحركة النقد عن طريق التحويلات المالية للحسابات البنكية، واللافت أن هذا النوع من التجارة يمكن أن يشمل المنتجات الكبيرة كالعقارات والآلات وغير ذلك.
وحسب الملتقى الذي أصبح من ضمن الملتقيات التي يشار إليها بالبنان في الوطن العربي بلغت معادلات التجارة الرقمية العالمية وفقًا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن قيمة التجارة الإلكترونية وصل إلى 4ر22 تريليون دولار تتم بين الشركات، بينما وصل حجم التجارة الإلكترونية بين الشركات والمستهلكين 9ر2 تريليون دولار سنويًّا، وجاء ذلك نظرًا لاستثمارات الشركات الدولية التي أسهمت في مجال التجارة الإلكترونية ووجود قطاع سريع للنمو من الصناديق الاستثمارية. وتكمن أهمية الملتقى في أنه يمثل تجمعًا واسعًا للأفكار والخبرات وتبادلها والاستفادة منها، خصوصًا خبرات ذوي الاختصاص في الثورة المعلوماتية والتقنيات الحديثة، والذين لهم تجارب كثيرة وباع طويل في التعامل مع هذا النوع من التجارة، وكيفية توظيف هذه الوسائل في ذلك وإخضاعها لتحقيق أهدافهم ومبتغاهم، كما يمثل فرصة طيبة للقاء بين المستثمرين ورواد ورائدات الأعمال من مختلف الدول العربية، وتكوين الشراكات التجارية، والتعرف على المناطق الصناعية والسياحية، وفرص الاستثمار المتاحة لدعم وتطوير عجلة التنمية الاقتصادية، وتعزيز فرص الاستثمار والتنوع بها. وكذلك التعرف على كيفية تصميم المواقع الإلكترونية وجعلها مواقع جاذبة تتيح طرق العرض والترويج والإعلان وعمليات البيع والشراء بصورة سهلة وعملية وآمنة، فليس هناك ما يجعل رائد/رائدة العمل مضطرًّا إلى السفر لعقد صفقة أو توقيع عقد، كما ليس هناك وقت لافتتاح المتجر أو السوق ولإغلاقه، بل هو مفتوح باستمرار.
المصدر: اخبار جريدة الوطن