احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / رأي الوطن : سقطة أخلاقية

رأي الوطن : سقطة أخلاقية

مجددًا تثبت الولايات المتحدة الأميركية أن العالم أضحى في أمس الحاجة لإحداث تغيير حقيقي في منظومته الأممية، فواشنطن التي بلغ دفاعها عن كيان الاحتلال الإسرائيلي حد الشطط، وبلغ معه التبجح الأميركي مبلغه، حيث لم تكتفِ برفع الفيتو في وجه مطلب أخلاقي ومشروع، جاء استخدامها لحق النقض في مجلس الأمن الدولي بعد مذبحة جديدة ارتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي، سقط فيها مئات الشهداء من الفلسطينيين العزل من كل سلاح، لكسر العزيمة النابعة عن إيمان راسخ بحق أصيل، وحلم لم تخمد نيرانه في الأنفس الفلسطينية الأبية وهو حلم العودة، بل قامت واشنطن راعية كيان الإرهاب الإسرائيلي دون منازع بعرض مشروع قرار يدين الوسيلة الفلسطينية الوحيدة للذود عن الحقوق من البربرية التي ينتهجها كيان الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن القرار قد قوبل برفض جماعي، حيث رفضت 11 دولة مشروع القرار الأميركي وامتنعت ثلاث دول عن التصويت.
إن ما ارتكبته الإدارة الأميركية الحالية لن نستطيع أن نجد في قاموس اللغات الحية، أو حتى الميتة لفظًا أكثر تهذبًا مما استخدمه وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، حيث وصف الدبلوماسي الفلسطيني تصرفات واشنطن في مجلس الأمن بـ(السقطة الأخلاقية)، ومؤكدًا أن هذه التصرفات تعبِّر عن انعزال أميركي عن الواقع، وعمى سياسي، وتجاهل للإجماع الدولي بشأن الجرائم والممارسات التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن إفشال مجلس الأمن، واستخدام الفيتو هو منح الحصانة لـ”إسرائيل”، وتعزيز لسياسة الإفلات من العقاب، وبمثابة تشجيع على القتل وتشجيع لمجرمي الحرب الإسرائيليين بمن فيهم ذلك الذي قتل بدم بارد المسعفة رزان النجار، وهي ترتدي ثياب الإسعاف، وهو تعبير مهذب يحمل بين طياته الكثير من الحسرة والألم من هذا التعنت الأميركي الذي لم يراعِ أبسط القواعد الأخلاقية أو الإنسانية.
ولعل الوزير الفلسطيني أراد أن يذكر العالم وضميره بأن تعطيل مجلس الأمن الدولي، وتقويض دوره في حفظ الأمن بهذه الرعونة الأميركية، يعد مدخلًا لصراعات لن تبقي ولن تذر، وسيجعل الأجيال الفلسطينية والعربية الحالية والقادمة تحمل غصة هذا التحامل والإرهاب من الكيان الغاصب، وفق الحماية الأميركية تلك، أو أنه يريد أن يذكر العالم بأن هذا الفيتو رقم (66) ضد القضية الفلسطينية من بين (92 فيتو أميركي) في مجلس الأمن، ما هو إلا ضوء أخضر لكيان الاحتلال الإسرائيلي وآلته الحربية، يحثه على ارتكاب مزيد من الجرائم، ما يسقط رهان السلمية من يد المفاوض الفلسطيني، ويعلي من رهان المقاومة الذي يرى بعض الفلسطينيين أن وقته ليس الآن، وأنه لا يزال لديهم فرصة، ويعبر عن عدالة قضية فلسطين وصمود شعبها وتضحياته، ودعم دول المجتمع الدولي المتسقة مع مبادئها، ومبادئ القانون الدولي، في تمكين هذا الشعب المناضل من الوصول إلى أهدافه بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق الاستقلال، وعودة اللاجئين إلى ديارهم بناء على القرار 194.
وبعيدًا عن الجانب الفلسطيني، فهذا الفيتو الأميركي يعد ردًّا جيدًا على الداعين للتطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، فهو وإن كان متوقعًا بقدر كبير لدى الخبراء والسياسيين، فإنه يضع هؤلاء المرحبين بالتطبيع في موقف محرج، وزنق أخلاقي، ويقضي على أي أسباب أو مبررات يسوقونها عبر رغبتهم الآثمة في هذا التطبيع، كما أنه يؤكد استهتار صانع القرار الأميركي بهؤلاء الحلفاء، والتقليل من دورهم التبشيري بهذا التطبيع المجاني، فواشنطن وكيان الاحتلال لم يمكنوا المطبعين من الظهور بمظهر المطالب بالحقوق العربية والفلسطينية المشروعة، كما أن هذا الفيتو الجديد رسالة متطابقة يؤكد استهتار الأميركان وحلفائهم في كيان الاحتلال الإسرائيلي بأي تحرك دولي، أو بالقوانين الدولية، واعتمادهم الرئيسي على مبادئ غطرسة القوة فقط.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى