إن إعلان كيان الاحتلال الإسرائيلي عن إسقاطه مقاتلة سورية فوق الأراضي السورية بالجولان السوري هو عدوان سافر وانتهاك للسيادة السورية، وخرق واضح للقانون الدولي يأتي في سلسلة الخروقات والانتهاكات التي يقوم بها هذا الكيان الغاصب ضد دول الجوار بين الحين والآخر. إلا أنه انتهاك لا يخفي مدى ما يعتري كيان الاحتلال الإسرائيلي من عداء وكراهية ضد الدولة السورية التي لا يزال يرى فيها القوة الممانعة والمانعة لمغامراته الطائشة ومشاريعه الاستعمارية والاحتلالية والتفتيتية في المنطقة، فسوريا كما كانت ولا تزال تقدم نفسها على أنها العرين الذي لا يضام للشعب الفلسطيني وللمقاومة الفلسطينية واللبنانية، وعلى أنها القوة القادرة على إيقاف مشاريع التدمير والتخريب والتآمر بفضل صمود شعبها الأبي وجيشها الباسل وقيادتها الحكيمة، والدعم المخلص والأمين من قبل حلفائها.
على أن الأهم في العدوان الإسرائيلي الجديد هو أنه يأتي غداة قيام الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي لكيان الاحتلال الإسرائيلي بشن غارات على مواقع تنظيم “داعش” الارهابي في الأراضي السورية، وحسب الخارجية السورية أن واشنطن أبلغت دمشق عبر المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة التي أبلغت مسبقا الدكتور بشار الجعفري مندوب سوريا الدائم لدى المنظمة الدولية بأنه سيتم توجيه ضربات ضد “داعش” في الرقة. وبالتالي فإنه من الواضح أن العدوان الإسرائيلي السافر على سوريا جاء محاولة للتشويش على ذلك وخلط الأوراق باستفزاز سوريا للرد ليبني عليها كيان الاحتلال الإسرائيلي ما يدور في جعبته من خطط تآمرية يرى أنها قد تكون الشرارة التي تقود إلى ما بُيِّت ضد سوريا بدءًا من القرار 2170 بمحاربة ما يسمى تنظيم “داعش” في العراق، ومن ثم الإعلان عن مد الضربات إلى الأراضي السورية دون الحاجة إلى الموافقة على ذلك من دمشق، وهو ما اعتبرته سوريا عدوانًا وانتهاكًا للسيادة السورية، والتلويح باستهداف الطائرات المخترقة للسيادة.
إن العدوان الإسرائيلي هو دليل إضافي لما سبق من أدلة يؤكد عمق العلاقة العضوية بين الإرهابيين الصهيوني ورديفه والخارج من رحمه المغطى بثوب إسلامي وعربي، ويندرج في سياق التحرك الإسرائيلي السريع نحو بناء جيش لحد جديد في منطقة الجولان السوري المحتل، وتمكين الإرهاب الذي تمثله ما يسمى “جبهة النصرة والجبهة الإسلامية والكتائب المقاتلة والجيش الحر” وغيرها ليكون خط دفاع متقدمًا يواجه به الجيش العربي السوري الذي أصبح تنامي قوته وخبرته الميدانية صداعًا مزمنًا لكيان الاحتلال الإسرائيلي ومعاهد أبحاثه ودراساته الأمنية والاستخبارية والعسكرية. ولذلك ليس من الغريب أن يتم استثناء ما يسمى “جبهة النصرة” من القرار الأممي 2170 .. فمن الواضح أن هناك ضغوطًا إسرائيلية كبيرة في أكثر من اتجاه لتوتير الأوضاع لدرجة التفجير داخل سوريا، كما أن ثمة استعجالًا إسرائيليًّا لتمكين التنظيمات الإرهابية في الجولان السوري من السيطرة عليها بشكل كامل تهيئة لتكون منطلقًا للهجمات الإرهابية باتجاه العاصمة دمشق، ومنطقة حظر جوي يسعى إلى إقامتها كيان الاحتلال الإٍسرائيلي.
وفي عمق المشهد، معلوم أن كيان الاحتلال الإسرائيلي لا يشن عدوانًا ينتهك به السيادة السورية إلا بعد التنسيق مع حلفائه وعملائه على الأرض وفي الجو، ليبدو المشهد في ظاهره تنسيقًا مع الحكومة السورية بشن ضربات ضد “داعش”، على أن يتكفل كيان الاحتلال بعمليات الفعل والاستفزاز وجر رد الفعل لتتخذ ذريعة لاستهداف مواقع الجيش العربي السوري وإرباك الجيش وتشتيت جهوده، وحتى لا يتمكن من ملء المساحات الفارغة من عناصر تنظيم “داعش” بفعل الضربات.
وفي تقديرنا أن كل هذه المحاولات العبثية مكشوفة ومفضوحة، ومن لا يزال يدير معاركه لأكثر من ثلاث سنوات ونصف بكل كفاءة وحكمة وشجاعة وبسالة محققًا إنجازات كبيرة وكثيرة، قادر على المضي في ذلك وفك خيوط اللعبة والتشابك، وكما كانت سوريا شعبًا وجيشًا وقيادةً عظمًا شائكًا في حلقوم أعدائها، ستظل كذلك.