خطت السلطنة خطوات واسعة نحو ترسيخ سياسة التنويع الاقتصادي، خاصة مع دخول الخطة الخمسية التاسعة حيز التنفيذ، وما يشملها من اهتمام بقطاعات اقتصادية تنموية واعدة مثل الصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية، والسياحة، والثروة السمكية، والتعدين، وتؤدي المطارات والموانئ التي استثمرت فيها السلطنة على مدار عقود العوائد النفطية، الدور الأساسي في تعظيم العائد الاقتصادي من تلك القطاعات، حيث تلعب المطارات دورًا جوهریًّا في جذب الأنشطة الاقتصادیة والاستثماریة المباشرة، وغیر المباشرة إلى المناطق الاقتصادية والحرة والصناعية، فهي تسهم بصورة فعالة في تطویر وتنمیة البیئة الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة والسیاحیة بها، مع الاهتمام بالثروة البشریة؛ لذا ترتبط دائمًا المطارات والموانئ بحركة تجارية فعالة ترفع من القدرات الوطنية الاقتصادية والاجتماعية، وتؤدي إلى تنمية شاملة فعالة بكافة ربوع الوطن.
وكانت المطارات على الدوام تأتي في مقدمة المشروعات العملاقة التي تتبناها السلطنة، حيث تشكل أحد أهم الصروح الحضارية والمحطات المضيئة في الانطلاقة التنموية التي شهدتها السلطنة في اختزال غير مسبوق للزمن خلال العقود الماضية، على اعتبار أن المطارات هي الواجهة الأولى للوطن والنافذة الكبرى التي نطل منها على العالم، فالسلطنة اقتربت وبشدة من الانتهاء من صروح نهضوية كبيرة كمطار مسقط وصلالة اللذين يرتبطان بشكل فعال بشبكة المطارات الموجودة في السلطنة، والتي دخل بعضها الخدمة جزئيًّا كمطار صحار والدقم، والتي ستسهم في تنشيط الحركة التجارية والسياحية للبلاد، وستوفر المزيد من فرص العمل الواعدة للقوى العاملة الوطنية، خاصة وأن هذه الصروح العملاقة أنشئت وجهزت بخدمات تضاهي أرقى المطارات العالمية، بل وتتفوق على مطارات دول عديدة كان لها السبق التاريخي في عالم الطيران، خاصة إنها ارتبطت بتخطيط سليم يعرف الجدوى الاقتصادية، ويسعى لمواكبة الحركة التنموية المطردة منذ بزوغ عصر النهضة المباركة، وفق رؤية سامية شاملة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه.
ومع جاهزية مطار مسقط الدولي يستعد قطاع الطيران في السلطنة لمرحلة انتقالية مهمة، كونه سيمثل نقطة انطلاقة حقيقية لتطور صناعة النقل الجوي في السلطنة، ويأخذ مساره في العمل التنموي إلى جانب كافة القطاعات الأخرى، ليتبوأ مركز الصدارة بين مطارات العالم عبر تبني الخطط الطموحة خاصة فيما يتعلق بالجاهزية، وتشغيل وتدريب الكوادر الوطنية، والتأسيس للكثير من المشاريع والتوجهات التي ترتقي بصناعة المطارات في السلطنة، حيث أضحت تمتلك مطارات فخمة تتسم بالرقي العصري ولكن بلمسة ولمحة عمانية، حيث يتسم التصميم المعماري للمطار الجديد بإبراز الأصالة والعراقة العمانية، كما أن البيئة العمانية سترتسم ملامحها وتتجسد في أجنحة مبنى المسافرين، حيث إن الجناح الشمالي سيمثل الجبال في السلطنة، أما الجناح الجنوبي فيجسد الصحراء العمانية، كما أن هناك جناحًا آخر سيمثل الأودية في السلطنة، وكلها إبداعات عمانية تسابق الزمن حتى تخرج للنور.
إن مطار مسقط الدولي الجديد ليس مجرد تطوير في منظومة المطارات العمانية، لكنه يمثل خطوة ضخمة في النهوض بصناعة الطيران ما يتلامس معها من قطاعات مثل السياحة والتعدين والزراعة والنقل اللوجستي بالطبع، فقد صمم المبنى لخدمة 12 مليون مسافر سنويًّا وبمساحة إجمالية قدرها 334.995 متر في المرحلة الأولى، وتمت مراعاة إمكانية توسعته للزيادة المتوقعة في أعداد المسافرين في المستقبل، حيث خطط لتوسعات على ثلاث مراحل لاحقة لتعزيز قدرة المطار السنوية إلى 24 مليون مسافر سنويًّا في المرحلة الأولى، ومن ثم إلى 36 مليون مسافر سنويًّا في المرحلة الثانية و48 مليون مسافر في المرحلة الثالثة لتلبية الزيادة المستقبلية في أعداد المسافرين.
لذا فلنا الحق أن نفخر مع انطلاق أول رحلة طيران تجريبية من مبنى المسافرين الجديد بالمطار، حيث تأتي هذه الرحلة كخطوة مهمة في مراحل التشغيل التجريبي وتقدم سير العمل بالمشروع العملاق، حيث تم خلالها محاكاة التشغيل الفعلي للمطار من خلال مرور المسافرين بجميع المراحل المعتادة للسفر باستخدام جميع المرافق والأجهزة والأنظمة الخاصة بذلك.
المصدر: اخبار جريدة الوطن