أضحى الإبداع أهم الأدوات في بناء المستقبل، فوسط التنافسية التي يشهدها العالم في كافة القطاعات والمجالات السياسية منها والاقتصادية وحتى الاجتماعية، بات الابتكار هو أداة الفرز الحقيقية، التي تصنع الاختلاف بين هذا المنتج أو هذه الخدمة ومثيلاتها محليًّا أو إقليميًّا أو دوليًّا، فالابتكار والإبداع وكل مرادفات هذا المعنى هي الأدوات الحقيقية لصناعة التميز المبنية على قراءة عميقة للحاضر، واستشراف مذهل للمستقبل، حيث يسعى المتنافسون إلى استحضار نمط تفكيري غير بديهي، يبتعد عن التفكير التقليدي، الذي يفتح الآفاق دائمًا، وهي صفة تسعى الدول على اختلاف مستوى الدولة الاقتصادي إلى غرسها وتأصيلها في الأجيال الجديدة، التي ستحمل الشعلة وتقود القادم نحو تنمية شاملة مستدامة، تحافظ على ما تم تحقيقه من منجز، بفضل سواعد الآباء الفتية، وتفتح المجال أمام الشباب للتشمير عن سواعد الجد لبناء حاضرهم ومستقبل من يليهم من أجيال.
وبرغم أن الابتكار والإبداع ليسا لهما عمر عند الأفراد المبدعين، لكن غرس وبناء مفاهيم الإبداع والابتكار داخل الفرد لا بد أن تبدأ من التنشئة، خصوصًا في عمر الشباب، وتوظيف الجميع مدارس وأندية ومخيمات صيفية،… الخ، في تعزيز بناء الجانب الإبداعي والابتكاري لدى الأبناء والبنات، بهدف خلق جيل يعي أن الاستمرار في المستقبل يستلزم حلولًا إبداعية خارج الصندوق، وأن الابتكار هو التوجه الحقيقي إذا أردت أن تظل داخل دائرة المستقبل، فالثورة الصناعية الرابعة، والاقتصاد القائم على المعرفة أو اقتصاد المعرفة، كل المرادفات تؤشر وتؤكد أهمية الابتكار والإبداع في المستقبل.
إن الإبداع والابتكار لا يرتبطان بشخص دون آخر، ولن يكونا حكرا على أمة دون غيرها، ولكن سيظلان رهينة العمل على تفجير القدرات الإبداعية في هذه الأمة أو تثبيط الهمم في أمة أخرى، فكل إنسان لديه قدرات إبداعية ولكن القليل من الأشخاص هم الذين يسعون لتوظيف هذه القدرات ويسعون لتطوير أنفسهم ونشر إبداعهم، فالإبداع لا يقتصر على أشخاص دون غيرهم، ويرتبط بالمستوى التعليمي، لكنه يعني ببساطة ـ كما يقول العلماء ـ أن الفرد قد ارتفع في معرفته عن مستوى التذكر إلى مرتبة الفهم والتطبيق والتحليل والرغبة في التغيير، حيث يعد الإبداع نتاجًا للاعتماد على النفس بالتعليم الذاتي في تحصيل المعارف، فلا يكتفي الفرد بالملفات والمراجع والكتب المقررة، وإنما يبدأ بعملية البحث بالقراءة والتزود بالمعرفة والتردد على المكتبات وطلب المزيد من المعلومات في مجال تخصصه، حتى يتعرف على أحدث التطورات العلمية، ومن ثم يكون لإبداعه دور في البناء الحضاري لهذا العلم أو ذاك.
ويعتبر هذا الفكر أو الأولويات التي سعى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى بنائها في الإنسان العماني، حيث حرص جلالته على التشديد على الجانب الإبداعي، وأسهمت الجهات التعليمية وغيرها في العمل على تعزيز وترسيخ المفاهيم الإبداعية في الشباب العماني، ولعل احتفاء وزارة الشؤون الرياضية ممثلة في اللجنة الرئيسية لمسابقة الأندية للإبداع الشبابي للموسم الحالي اليوم بتكريم اللجان الشبابية الفائزة على مستوى كل محافظة، واستحدثت اللجنة الرئيسية لمسابقة الأندية للإبداع الشبابي هذه الجائزة لتحفيز اللجان الشبابية ودورها في الأندية، وسعيًا من قبل اللجنة الرئيسية لتجويد العمل وحرصها على الوصول المسابقة لأكبر فئة مستهدفة، حيث وضعت اللجنة الرئيسية معايير عدة لتقييم اللجان الشبابية بدءًا من المرحلة الأولى وختامًا بعدد المراكز التي يحصل عليها كل نادٍ في التصفيات على مستوى المحافظات.
المصدر: اخبار جريدة الوطن