يصبح العالم ويمسي على وقائع الانتهاكات الإنسانية ومشاهد جرائم الحرب التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، دون أن يرف جفن لما تسمى بالعدالة الدولية أو المجتمع الدولي، وأمام كل جريمة يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني يزداد ضمير العدالة الدولية والمجتمع الدولي تبلدًا وموتًا، الأمر الذي شجع معه مضاعفة المحتل الإسرائيلي لجرائم الحرب ووحشيته، حيث اعتبر العدو الإسرائيلي هذا التخاذل الدولي ـ الذي وصل إلى حد التواطؤ ـ ضوءًا أخضر في استمراء القتل والتدنيس والاعتقالات، ونهب ما تبقى من الأرض، وممارسة كل الموبقات.
وما يؤكد حقيقة ذلك، جملة المواقف المشينة الصادرة من قبل منظمات العدالة الدولية، وما يسمى بالمجتمع الدولي، على خلفية المسيرة السلمية التي أطلقها الشعب الفلسطيني تحت عنوان “مسيرة العودة الكبرى” لتذكير العالم والعدالة الدولية بحقوقه المغتصبة وبعدالة قضيته، حيث طغى على تلك المواقف حيال جرائم الحرب والإبادة وضد الإنسانية والوحشية الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين العزل الصمت تارة، وتحميل الطرف الفلسطيني المسؤولية تارة أخرى. وفيما بدا ذرًّا للرماد جاءت الدعوة الخجولة من قبل منظمة الأمم المتحدة للعدو الإسرائيلي لعدم استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين المحتجين سلميًّا، فقد قالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إليزابيث ثروسل في إفادة صحافية، إنه ينبغي عدم استخدام الأسلحة النارية إلا “كملاذ أخير”، وإن اللجوء غير المبرر لاستخدامها قد يصل لمستوى قتل المدنيين عمدًا وانتهاك معاهدة جنيف الرابعة.
وفي وضع يطغى عليه الكذب والنفاق والتدليس، كما هو حال كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي قام على الكذب والتدليس والنهب والسرقة والإبادة وجرائم الحرب وانتهاك الإنسانية لا يعدم كذبة يبرر بها استهدافه الوحشي ضد المدنيين الفلسطينيين المنتفضين سلميًّا، وبالتالي جملة “كملاذ أخير” في سياق دعوة المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، سيعدها القاتل المجرم الإسرائيلي رخصة له بالقتل، وسيبني عليها سيلًا من الأكاذيب لتبرير جرائمه.
لهذا نؤكد أن السبب الأساسي في هذا الوضع المأساوي والكارثي ليس على الشعب الفلسطيني وحده، هو غياب العدالة على المسرح الدولي فحيثما تغيب العدالة ينتعش الإرهاب والظلم والجور.. ففي مناخ التآمر والظلم والتدمير والتخريب الذي يقوده الصهاينة والغرب والأميركيون ضد المنطقة وتدمير دولها وتمزيق عرى مجتمعاتها، ونشر الفتن الطائفية والمذهبية، وسلب ثروات شعوبها وابتزازها من أجل تأمين بقاء كيان الاحتلال الإسرائيلي القوة الأوحد في المنطقة، وتصفية القضية الفلسطينية وتدمير أي قوة عربية أو إسلامية تنافسه، فإن مظاهر الإرهاب والقهر والتشريد والتدمير والإبادة والتآمر والتواطؤ وغياب العدالة هي أمر حاصل لا محالة، بل مطلوب لتحقيق ما خُطِّط له من أهداف استعمارية واحتلالية وتصفوية، لذا لا بد أن يحاول المتآمرون أن يجعلوا من الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية المستهدفة صيدًا ثمينًا لتمرير أهداف ومشاريع تآمرهم. ولكن على الرغم من كل ذلك، فإن الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب المحبة للحرية والكرامة والرافضة لمظاهر الخنوع والتبعية تؤكد أنها قادرة بل الأقدر على ضرب مشاريع التآمر.
المصدر: اخبار جريدة الوطن