اجتماع مجلس الوزراء الموقر الذي انعقد أمس برئاسة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ببيت البركة العامر، يأتي استهلالًا طيبًا لترقب جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لمقدم شهر رمضان؛ شهر الرحمة والتوبة والغفران والعتق من النيران، الشهر الذي تتنزل فيه فيوض الرحمات والأجر والمثوبة من الرب الكريم جلَّ في علاه الذي اختص نفسه بهذا الشهر العظيم. كما يأتي ترؤس جلالته ـ أيده الله ـ لاجتماع مجلس الوزراء في أعقاب سلسلة من الخطوات على الصعيد المحلي توجت باستمرار جهود الحكومة نحو مواصلة مشاريع التنمية المستدامة ونحو تنويع مصادر الدخل، سواء في مجال النقل والاتصالات أو الصناعة أو التجارة أو الزراعة أو السياحة، حيث كانت معالم الارتياح واضحة من خلال استهلال جلالته للاجتماع بالحمد والشكر والثناء لله الخالق على سوابغ أفضاله وجزيل نعمائه، كما بدت من خلال تهنئة جلالته للمواطنين والمقيمين والأمة الإسلامية كافة بقرب حلول شهر رمضان العظيم.
والكلمة السامية التي تفضل بها جلالة السلطان المعظم ـ أعزه الله ـ تحمل العديد من المعاني والدلالات التي تشكل منهاج عمل واضحًا من أجل بناء مستقبل أفضل للوطن والمواطن؛ فجلالته ـ كما عهدناه دائمًا ـ نعم الموجِّه والمرشد إلى أصائل الأعمال، وواضح المنهج القويم لكل إنجاز من المنجزات التي نعيش في أكنافها، والتي يشهد بها الواقع دون تجمل أو تزين.
وما من شك أن ما يسديه جلالته ـ أبقاه الله ـ من توجيهات وإرشادات سديدة له الأثر الكبير في تحديد معالم العمل الوطني على كافة المستويات، حيث تسترشد الحكومة دائمًا بها على نحو يساعد في مواجهة المتغيرات والظواهر المؤثرة في حياة المواطنين، وعلى الصعيد المحلي يمثل تأكيد جلالته على التوجه نحو تفعيل الشراكة الحقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص، والدور الوطني الكبير الذي يضطلع به الشباب، رسالة واضحة، وثقة في قدرة الجميع (حكومة وقطاعًا خاصًّا ومواطنين وشبابًا) على الاضطلاع بمسؤولياتهم، والعمل على تضافر جهودهم للحفاظ على مكتسبات هذا الوطن وتنميته، والسهر من أجل رفعته وتقدمه وتطوره، الأمر الذي كان باعثًا على اطمئنان جلالته وإبدائه شعور الرضاء والتفاؤل لهذه الجهود، موجِّهًا شكره حيال ذلك.
وطبيعي أن تتأثر بلادنا بعوامل طارئة، كما هو حال أزمة انهيار أسعار النفط وما رتبته من تداعيات على جميع الاقتصادات العالمية ومن بينها اقتصادنا الوطني، لكن تظل الرؤية الوطنية وتطبيقات الإجراءات المحلية أمرًا مطلوبًا وبشدة للتخفيف من آثار تداعيات الأزمة على حياتنا وبرامجنا التنموية، والعمل الجاد من أجل تنويع مصادر الدخل؛ ولأن جلالته ـ أبقاه الله ـ يهتم أول ما يهتم بالمواطن وحماية مكتسباته وتعزيز قدراته على مواجهة أعباء الحياة، لذلك جاءت توجيهاته السديدة بأهمية تشجيع الشباب، ودعم قدراتهم، والارتقاء بمستوى تأهيلهم لتمكينهم من الاستفادة من الفرص المتاحة لهم، والاهتمام بقطاع السياحة وباقي القطاعات ذات المردود الاقتصادي باعتبارها قطاعات استثمارية تحقق إضافة ملموسة لمصادر الدخل.
إن مجرد انعقاد مجلس الوزراء برئاسة جلالة عاهل البلاد المفدى يبعث في النفوس دفء الأمل في مستقبل أفضل، خاصة وأن جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ قد أكد على دعم جهود التنفيذ والشراكة مع القطاع الخاص في إقامة المزيد من المشاريع الإنتاجية الجديدة التي تعزز التنمية المستدامة.
ومن الدلالات المهمة على اهتمامه بالسلم والأمن الإقليمي والدولي تأكيد جلالته ـ أيده الله ـ على ثوابت السياسة الخارجية العمانية، وعلى مواصلة السلطنة دعمها للجهود المبذولة إقليميًّا ودوليًّا لتقريب وجهات النظر، وتعزيز التفاهم للتعاطي مع القضايا المطروحة بما يكفل تحقيق الأمن والاستقرار للدول والشعوب.
فليبارك الله خطاك يا قائدنا المفدى، لتظل لعُمان والعالم من حولها نعم الركن الركين والناصح الأمين .
المصدر: اخبار جريدة الوطن