القلق الذي عبَّرت عنه اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19) في اجتماعها أمس الأول هو قلق مبرر بالنظر إلى الإصابات والوفيات المسجلة، فبقاء منحنى الإصابات بالفيروس مرتفعًا إلى ألف إصابة ونيف يوميًّا، وكذلك ارتفاع حالات الوفاة المسجلة يوميًّا من شأنه أن يرفع مستوى القلق إلى أعلى درجاته، بل ويجب أن يبلغ أعلى مستوياته، ذلك أن استمرار هذا الارتفاع له نتائجه الصعبة والمؤلمة على الصعيد الصحي والاقتصادي والاجتماعي.
إن إفساح المجال أمام الناس لتمكينهم من تلبية متطلباتهم واحتياجاتهم، وتأمين قوت يومهم، لا سيما أولئك الذين يعتمدون في تأمين قوت يومهم على ما يجنونه من دخل يومي، والذين لا شك توقفت مصادر دخلهم وأرزاقهم نتيجة الإغلاق الاحترازي حفاظًا على صحة المواطنين والمقيمين وسلامتهم وحياتهم، فضغوط الظروف المعيشية كانت ولا تزال قاسية على هذه الشريحة وغيرها، لذلك كان لا بد من خطوات إجرائية تراعي هذه الشرائح، وتقدر متطلبات الحياة المعيشية، إلا أن هذا السماح لا يؤشر على انحسار جائحة كورونا وتراجع تفشيها، أو أن الخطر قد زال، بل على العكس من ذلك، فظروف الانتشار والتفشي تصبح مع عودة الأنشطة سببًا في التفشي وزيادة أعداد المصابين بمرض فيروس «كوفيد 19» ما لم تكن هناك مسؤولية ووعي وفهم، ومظاهر التزام وتقيد بالقرارات والإجراءات الاحترازية والتعليمات الصحية.
فعودة الأسواق والمراكز والمحلات التجارية إلى ممارسة أنشطتها، وعودة الموظفين (وفق النسبة المقرَّة من اللجنة) إلى أعمالهم بمختلف المؤسسات، وعودة وسائط النقل والمواصلات، يجب أن تكون عودة آمنة وذلك بتحمل المسؤولية الواجب القيام بها في استكمال عملية الوقاية جنبًا إلى جنب مع الدولة، وذلك بالتقيد التام بما صدر من إجراءات احترازية وتعليمات صحية تهدف في المقام الأول إلى السلامة والحفاظ على صحة الجميع (مواطنين ومقيمين) لدرجة تجعل الواحد منا وهو ينطلق نحو تحقيق مسعى أو جلب منفعة أو اقتناء حاجة أن ينظر إلى المكان المتجه إليه على أنه مصاب بالوباء، وأن يُعدَّ من يتعامل معه في تحقيق ما سعى إليه أنه مصاب بالفيروس، ما يستوجب حماية النفس من الإصابة والأذى، وذلك بارتداء الكمامة، والحفاظ على ترك مسافة مترين، وارتداء القفازات، وتعقيم اليدين بالماء والصابون أو المعقمات، وتجنب لمس الوجه وخصوصًا الفم والأنف والعينين، والتعرض لأشعة الشمس لفترة كافية، والتخلص من الأكياس الموضوع بها الأغراض والسلع، مع الالتزام التام والأهم وهو التباعد الاجتماعي والتخلي عن التجمعات الأسرية أو العائلية أو تجمعات الرفاق والأصحاب.
كم هو مؤلم أن تزف الأحزان إلى أكثر من بيت عماني كل يوم، وهي أحزان مضاعفة لما يصاحب حالة الوفاة من إجراءات بعيدًا عن الآليات والوسائل والظروف المتبعة عادة عند الوفاة، لذلك علينا جميعًا أن نرأف بأنفسنا وبآبائنا وفلذات أكبادنا وزوجاتنا وكل أحبابنا، وأن لا ننزلق إلى مزالق الأذى ونجر الآلام والأحزان والويلات لمن نحب ولمجتمعنا ولوطننا.
المصدر: اخبار جريدة الوطن