احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / رأي الوطن: قيم نحتاجها لكي تستقيم بنا الحياة

رأي الوطن: قيم نحتاجها لكي تستقيم بنا الحياة

تطل علينا أيام الخير بنفحات نورانية، تتجاوز الاحتفال بالمناسبة، بغرس قيم إنسانية نبيلة، ومفاهيم تحتم وتيرة الحياة التي نعيشها التمسك بها، وحيث طغت السرعة على رتم الحياة وأضحت هذه القيم الإنسانية في خطر، ما انعكس سلبًا على الحياة المعاصرة، وأضحى العالم يمر بأزمات تهدد الوجود البشري في حد ذاته، لذا يأتي الاحتفال بعيد الأضحى المبارك مناسبة طيبة ليس لإقامة الشعائر وحج البيت لحجيج بيت الله الحرام فقط، ولا لإقامة السنة النبوية على صاحبها أزكى الصلاة والسلام، لكنها أيضًا فرصة سنوية نتلمس منها الرشاد، ونسعى إلى إعادة إحياء قيم وعادات إنسانية، نحن نحتاج إليها، ولا تستقيم الحياة بدونها.
ومن هذا المنطلق ومع التهليل والتسبيح والحمدلله عزَّ وجلَّ على جميع نعمه وفضله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، تناولت خطبة عيد الأضحى المبارك التي ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور إسحاق بن أحمد البوسعيدي رئيس المحكمة العليا نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، فضل الأيام العشر من ذي الحجة التي حفت من لدن المولى سبحانه بجليل المنزلة والقدر، وأكدت على خلق التسامح في الإسلام وما اتسم به من معانٍ وقيم ووسطية واعتدال، مبينة في ذلك النصوص الحاثة عليه من آيات القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى عليه وسلم، مستدلة بسيرته عليه الصلاة والسلام مع المعرضين عن الدعوة الإسلامية، وأن عالمنا اليوم في أمسّ الحاجة إلى التسامح والحوار البنّاء أكثر من أي وقت مضى، والتعصب والانغلاق من أكبر أسباب الكراهية بين الأمم والشعوب والانزلاق إلى مزيد من النزاعات والحروب، وهذا التعصب هو أبعد ما يكون عن الخلق الاسلامية، فديننا الحنيف، يتسامح مع جميع البشر، وقد أمرنا أن تكون دعوتنا بالحكمة والموعظة الحسنة، وألا نعتدي إلا إذا اعتدي علينا، بهدف درء الاعتداء، وأمرنا المولى عزَّ وجلَّ في أكثر من موضع في كتابه الحكيم، بعدم الغلو في التصدي للاعتداء، والاكتفاء برده والعفو عند المقدرة.
ولعل من أجمل المفاهيم التي أشارت لها خطبة العيد هو الإشارة إلى الاختلاف بين البشر، حيث أكدت أن ذلك الاختلاف هو سنة من السنن الكونية التي قدرها الله تعالى على البشر، حيث يختلفون في القدرات والأفهام والأفكار، ولذا كان هذا الاختلاف أساس لثراء المجتمعات وتنوعها وتكاملها، وعلى أبناء هذه الأمة أن يستوعبوا اختلافات بعضهم البعض دون أن يؤدي ذلك إلى تنازعهم وتفرقهم، وهي قيمة إنسانية أخرى أصبحنا نحتاجها في الأسرة الواحدة، فما بالك في الأوطان والشعوب، وعلى مستوى العالم أجمع.
إن ما تم تناوله من قيم في خطبة عيد الأضحى ينبغى أن نسعى إلى تطبيقه جميعًا على حد السواء، فالبداية في الفرد والأسرة اللذين يشكلان النواة الأساسية للمجتمع، واللذين إذا صلحا صلح المجتمع، وأضحى مجتمعًا سليمًا معافى من كافة الأمراض الاجتماعية التي نراها في المجتمعات التي تركت الثوابت الدينية الرشيدة، وسعت دون وعي إلى حداثة تتعارض مع القيم الأصيلة للإسلام الحنيف، والمعايير الإنسانية التي حمت مجتمعاتنا على مدار القرون السابقة، والتي تقترن دومًا بتقدمنا إذا تمسكنا بها، وتعبر عن ضعفنا إذا تخلينا عنها. ويأتي نموذج التعامل السلبي مع تقنيات الاتصال الحديثة كأحد الإرهاصات التي نتعرض لها جراء التعاطي غير الإيجابي مع هذه التقنيات، حيث أفرز التعاطي سلبيات مقيتة ينكرها ديننا الحنيف أهمها بث الشائعات المختلفة، والأخبار المكذوبة المضللة لتتداولها الألسن وتنشرها الأجهزة، وتروع الأنفس وتقلق الأبرياء، فعلى المسلم أن يتحقق مما ينشره ويتثبت منه ويعمل عين البصيرة في كل ما يصله عبر هذه الوسائل.
وفي الختام وبحق هذه الأيام المباركة نسأل الله جل في علاه أن يعيد هذه المناسبة وأمثالها على قائد مسيرة نهضتنا المباركة وتاج عزنا ورمز فخرنا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة ويكلأه بعين رعايته وعنايته ويمنَّ عليه بالصحة والعافية والسؤدد، وأن يديم نعمة الأمن والاستقرار لبلادنا وسائر بلاد المسلمين، إنه سميع مجيب.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى