لا يزال منحنى الإصابات بفيروس كورونا «كوفيد 19» مواصلًا ارتفاعه ومحافظًا على الألف إصابة ونيف، الأمر الذي يعمِّق الشعور بالقلق والتوجس المشوب بالامتعاض من استمرار هذا المنحنى في الارتفاع في الوقت الذي كانت المؤشرات تشي بأن المنحنى سيعود إلى الانخفاض التدريجي، خصوصًا في فصل الصيف القائظ.
لقد تعددت الأسباب المؤدية إلى انتشار فيروس كورونا «كوفيد 19»، حيث أكد معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة في المؤتمر الصحفي الثاني عشر للجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا «كوفيد 19» أنه «خلال الأسابيع الستة الماضية تغيرت الأمور بشكل مزعج ومقلق في السلطنة بعكس الأشهر الأولى من هذه الجائحة التي تمكنا خلالها من الحد من عدد الإصابات بسبب تعاون الجميع والتقيد بالإجراءات الاحترازية وتنفيذ قرارات اللجنة العليا، وبات من المحزن خلال الأسابيع الستة أن يتغير مجرى الأمور بشكل جذري بسبب استهتار البعض».
من الواضح أن الاستهتار من قبل بعض أفراد المجتمع قد قلب المعادلة رأسًا على عقب، حيث قبل ستة أسابيع أو أكثر كان هناك من يطالب بتدخل عاجل لحل مشكلة الوافدين الذين ارتفعت بينهم الإصابات، مثيرين حالة قلق وفزع كبيرين بين المواطنين، فإذا بنا اليوم نتفاجأ بحدوث العكس ونرفع الصوت عاليًا «الزموا منازلكم، تقيدوا بالتعليمات والإرشادات الصحية، التزموا بالقرارات والإجراءات الاحترازية، احرصوا على التباعد الجسدي والاجتماعي، وعلى مداومة غسل اليدين بالماء والصابون وتعقيمهما بالمعقمات، ارتدوا الكمامة، حافظوا على مسافة مترين»، ولكن لا حياة لمن تنادي بالنسبة إلى الفئة التي فضلت مواصلة ركوب مراكب الاستهتار والتهاون وعدم المبالاة، فكم هو محزن أن نرى من بين ظهرانينا من يتمادى في استهتاره وتهاونه، ولا يعي، بل لا يريد أن يعي أن استهتاره هذا سوف يجر ويلات عظيمة ووخيمة على هذا الوطن وأبنائه، فما قيمة السلعة التي تستهتر من أجل الحصول عليها مقابل خسارة صحة أو حياة؟ أو التسبب في إهلاك الحرث والنسل في مجتمعك؟
مؤسف حقًّا أن يكون غياب الوعي الصحي أو تغييبه عمدًا من قبل البعض هو الحاضر الأبرز في معظم تفاصيل حياتنا وحركة تنقلاتنا اليومية، ومؤسف حقًّا أن ننظر إلى كماليات الأشياء نظرة كبيرة وعظيمة ولا ننظر إلى الحياة والصحة والعافية النظرة ذاتها، رغم أن هذه الكماليات لا قيمة ولا معنى لها في تفاصيل الحياة اليومية الملوَّثة بوباء قاتل اسمه كورونا «كوفيد 19»، فمظاهر الاستمتاع والابتهاج والسرور غائبة أساسًا مع هذا الوباء، فضلًا عن أن الوعي الحقيقي والنظرة الصائبة أن حفظ النفس والحياة والصحة مقدم على كماليات زائلة، إذ من المفترض أن يكون الهم والجهد موجهين نحو صون النفس والصحة والحياة. فالوعي المجتمعي اليوم بات أمانة لدى الجميع تستوجب المحافظة عليها.
المصدر: اخبار جريدة الوطن