لا أحد بمقدوره أن يجزم بوقت انتهاء جائحة كورونا “كوفيد 19” في ظل استمرار تفشي الفيروس في دول العالم، ومواصلته حصد ضحاياه ورفع أعداد المصابين، مع عدم النجاح في التوصل ـ حتى الآن ـ إلى لقاح أو علاج للوباء، ما يعني أن الجائحة ستتواصل تأثيراتها السلبية على وضع اقتصادات دول العالم طالما أن ليس هناك في الأفق ما يشير إلى زوال الجائحة وعودة الحياة إلى طبيعتها.
المشكل الآخر والعائق الذي فاقم من خطورة الوضع على اقتصادات دول العالم ومستقبلها هو انهيار أسعار النفط الذي جاء متزامنًا مع تفشي جائحة كورونا، لأسباب عديدة، منها توقف الأنشطة الاقتصادية والتجارية في دول العالم والتي يدخل فيها النفط مصدرًا رئيسيًّا في عملها.
طبعًا السلطنة ليست استثناء من هذا الواقع العالمي السيئ؛ لكونها جزءًا من هذا العالم تؤثر فيه وتتأثر به، لذلك لم يكن الاقتصاد الوطني بمنأى عن هاتين الجائحتين؛ جائحة كورونا “كوفيد 19” وجائحة انهيار أسعار النفط، الأمر استوجب التحرك اللازم نحو الحفاظ على وضع الاقتصاد الوطني، والدفع به إلى الأمام، وإعمال جراحات دقيقة وضرورية لوقف النزيف المالي، واتخاذ تدابير احترازية تحافظ على السيولة المادية، والدور والفضل الأكبر ـ ولله الحمد ـ يعود إلى الحكمة والفطنة وحسن التدبير والتسيير من قبل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي لم يألُ جهدًا من أجل أن تمضي الحياة الكريمة بصورتها الطبيعية مفعمة بالاستقرار والطمأنينة، ومن أجل تمضي مسيرة التنمية الشاملة نحو أهدافها السامية وغاياتها الجليلة لتحقيق الخير والتقدم والتطور والرخاء لعُمان وأبنائها الأوفياء.
على أن الجهود المبذولة من قبل حكومة السلطنة لتدعيم ركائز الاقتصاد الوطني، واستمرار قطاعات العمل والإنتاج والخدمات لم تقف عند حد، بل إن مؤسسات البلاد تعمل من أجل التغلب على مواجهة تداعيات جائحة كورونا، كل في مجال عمله. ويأتي المقترح المقدم من اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة حول دراسة “استقرار الاقتصاد العُماني في ظل تراجع أسعار النفط وجائحة كوفيد 19” والذي أقره المجلس في جلسته العادية السابعة أمس الأول واحدًا من الجهود المبذولة على صعيد الحفاظ على ركائز الاقتصاد الوطني وتدعيمها، وأهمية دراسة الآثار والتحديات المترتبة على جائحتي كورونا “كوفيد 19” وانهيار أسعار النفط على الاقتصاد العُماني بالتركيز على تحديات الإطار الكلي وتبادل الآراء مع مختلف شرائح القطاعين العام والخاص بالسلطنة للوصول إلى رؤية متكاملة.
ما من شك أن مثل هذه الدراسات تمثل حالة صحية، وتعبِّر عن الحرص على حاضر الاقتصاد الوطني ومستقبله بوجه خاص، وعلى مسيرة التنمية الشاملة بوجه عام، ذلك أن هذه المسيرة مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالجانب الاقتصادي، مع الأمل والرجاء بأن يوفق مجلس الدولة في هذه الدراسة بحيث تستجيب للتطلعات، وتُقدِّم معالجة حقيقية للتحديات والآثار الحاصلة الآن.
المصدر: اخبار جريدة الوطن