فرضت التحديات الاقتصادية التي خلفتها أزمة انخفاض أسعار النفط نوعًا من التحديات طالت جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تقريبًا، لذا فمن الطبيعي أن تسارع دول المجلس الخطى نحو تعزيز آفاق التعاون البيني، بينها جميعًا أو ثنائيًّا يسعى للتكامل بين دول المجلس على الصعيد الاقتصادي. ومن هذا المنطلق جاءت زيارة معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بدولة قطر الشقيقة للسلطنة، لتعبر بشكل واضح عن رغبة عمانية ـ قطرية تتجه بالعلاقات الاقتصادية نحو تكامل يخلق التنوع الاقتصادي المنشود.
وهي زيارة تعبر عن سرعة التحرك نحو إزالة العقبات والتحديات التي تحول دون الوصول لتحقيق الأهداف الاقتصادية لدول المجلس، بحيث حرص الجانبان على أعلى تمثيل من شأنه المساعدة على تحقيق الطموحات المستقبلية، والوصول إلى مستوى تعاون اقتصادي أفضل ومتقدم في مجالاته التجارية والصناعية والاستثمارية، وزيادة حجم الاستثمارات البينية عبر تبادل الاستثمار وإقامة المشاريع المشتركة لتنشيط التعاون والتكامل الاقتصادي بين مختلف دول مجلس التعاون.
وبالفعل فقد أتت الزيارة بثمارها عبر توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات بين السلطنة ودولة قطر الشقيقة في مختلف المجالات في إطار تعزيز التعاون القائم بين البلدين الشقيقين، وهي اتفاقيات تتميز بالتنوع شملت كافة النواحي الثقافية والبيئية تتعلق بتبادل الخبرات الوطنية والمعلومات في مجال حماية البيئة والشؤون المناخية وصون الطبيعة، بالإضافة إلى تصدر الاتفاقيات والمذكرات الاقتصادية ما تم توقيعه حيث شملت توقيع هيئة المنطقة الخاصة بالدقم على اتفاقية الانتفاع مع إدارة كروة للسيارات تمنح بموجبها هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم الشركة حق الانتفاع بالأرض لتشييد مصنع لتجميع السيارات بالمنطقة الاقتصادية باستثمارات تصل إلى (160) مليون ريال عماني، حيث سيقوم كل من الصندوق العماني للاستثمار وشركة كروة للسيارات بتمويل رأسمال المشروع، وستكون حصة السلطنة في المشروع 30% ودولة قطر 70%، يتوقع أن تتراوح فرص العمل التي سيوفرها المشروع بين 400 و500 وظيفة مباشرة وغير مباشرة.
كما كان للتعدين نصيب من الاتفاقيات الموقعة، حيث وقعت الهيئة العامة للتعدين وشركة قطر للمواد الأولية على مذكرة تفاهم حول محجري خطمة الملاحة بولاية شناص لتوفير الدعم والتسهيلات اللازمة لحصول الشركة على الموافقات والتصاريح اللازمة لتنفيذ أعمالها بالمحجرين. كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين ميناء صحار وشركة قطر للمواد الأولية لتخصيص رصيف بحري وساحات تخزين للشركة في ميناء صحار، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية إنشاء رصيف بحري بولاية شناص لتصدير الصخور إلى دولة قطر الشقيقة بين وزارة النقل والاتصالات وشركة قطر للمواد الأولية، وكان للسياحة نصيب حيث تم توقيع على استلام أرض مشروع رأس الحد بين وزارة السياحة وشركة الديار القطرية للاستثمار العقاري لاستلام الأرض المخصصة للاستثمار والبدء في مراحل المشروع التي تبدأ حسب البرنامج الزمني المحدد له في يناير 2017م. كما وقع على عقود انتفاع لمنح شركة أسواق الميرة ـ وهي شركة عمانية قطرية تعمل في مجال التسويق والخدمات ـ مراكز تجارية في (5) محافظات بالسلطنة.
ومما سبق يتضح أن البلدين الشقيقين يمتلكان من الإرادة الساعية إلى الاهتمام بجوانب التخصص والتميز عند إقامة المشاريع الوطنية، بهدف التنسيق الذي يؤسس للتكامل الاقتصادي، بعيدًا عن منافسة خليجية ـ خليجية سيكون المواطن الخليجي الخاسر فيها، فالإمكانيات البشرية والاستثمارية للسلطنة ودولة قطر الشقيقة كبيرة جدًّا، وتحرص القيادتان على تنميتها بعلاقات أخوية تسعى إلى التعاضد بهدف توفير أكبر قدر من الفرص الاستثمارية المتاحة في المجالات الصناعية والتجارية لتكون في متناول المستثمرين من البلدين، مما ينعكس على رفاهية المواطنين في الدولتين وباقي دول مجلس التعاون الخليجي.