يحضُّنا دينُنا الحنيف دائمًا على الإكثار من فِعل الخيرات والعطاء والإحسان للفقراء والمعوزين والمحتاجين، والكِتاب والسُّنة بهما العديد من الأدلَّة الشرعيَّة التي تؤكِّد أهميَّة أعمال البِر والأفعال الإنسانيَّة السَّامية هذه، وكيف يرفع الجود والعطاء مرتبة فاعلهما في الدُّنيا والآخرة، إلَّا أنَّ شهر رمضان المبارك يتميَّز عن سائر شهور العام بما يحمله من خيرات وَجُود وإحسان؛ وذلك اقتداءً بسُنَّة النَّبي الهادي صلَّى الله عليه وسلَّم الذي كان أجْوَدَ النَّاس، وكان أجْوَدَ ما يكُونُ في رمضان، لذا فإنَّ هذا الشَّهر الفضيل فُرصة لكَيْ نقدِّمَ ما نقدر عليه من الخدمات الإنسانيَّة للأفراد المُحتاجين لها، وتقديم الدَّعم والمُساعدة للأشخاص ذوي الحاجات المختلفة، من طعام، ودواء، ومأوى وغيره؛ بهدف تحقيق الخير، ونَشْر التكافل والتّضامن الاجتماعي بَيْنَ أفراد المُجتمع، ممَّا يُؤدِّي إلى المحافظة على تعزيز دَوْرِ القِيَم الدينيَّة والأخلاق الحميدة في النُّهوض بالمُجتمعات، ويحافظ على السَّلام الاجتماعي، ويُبعِد التحاسد والتباغض عن أفراد المُجتمع.
وانطلاقًا من مسؤوليَّتها الاجتماعيَّة في دعم المُبادرات الإنسانيَّة، وإيمانًا بِدَوْر العمل الخيري في خدمة المُجتمع عَبْرَ ما تتبنَّاه مؤسَّسات المُجتمع المَدني من مُبادرات، تفضَّلت السَّيِّدة الجليلة حرم جلالة السُّلطان المعظَّم ـ حفظها الله ورعاها ـ ووجَّهت بتقديم دعمٍ مادِّيٍّ لمُبادرة “فَك كُربة” عَبْرَ مؤسَّسة عهد، حيثُ قُدِّم الدَّعم عَبْرَ المُبادرة التي تتبنَّاها جمعيَّة المُحامين العُمانيَّة، وأسهم في الإفراج عن عددٍ من المحبوسين على ذمَّة قضايا ماليَّة في جميع مُحافظات السَّلطنة، ممَّن تنطبق عليهم شروط المُبادرة، حيث تأتي هذه اللَّفتة الكريمة للسَّيِّدة الجليلة ترسيخًا لِدَوْرِها الاجتماعي، الذي يُعدُّ قدوةً لأبناء عُمان جميعًا في رُبوع الوطن كافَّة. فهذه اللَّفتة الكريمة تُجسِّد شعور السَّيِّدة الجليلة بالمعوزين في السَّلطنة، وحِرْصَها على فَكِّ كُرَبِهم، عملًا بقول المصطفى عليه الصَّلاة والسَّلام؛ فعن أبي هريرة ـ رَضِيَ الله عنه ـ عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “مَن نفَّس عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَب الدُّنيا، نفَّس الله عنه كُربةً من كُرَب يوم القيامة، ومَن يسَّر على مُعسِرٍ، يسَّر الله عليه في الدُّنيا والآخرة، ومَن ستَرَ مُسلِمًا ستَرَه الله في الدُّنيا والآخرة، واللهُ في عَوْنِ العبْد ما كان العبْد في عَوْنِ أخيه…”.
إنَّ العمل الخيري والحضَّ على فِعل الخيرات يتوافق مع الفطرة الإنسانيَّة السَّليمة، فَلَهُ تأثير إيجابي على كافَّة الأفراد الذين يَعملون فيه، ويُفعِّل المشاركة بَيْنَ النَّاس، والتعاون في تقديم الخير للجميع، كما أنَّه يُعدُّ وسيلةً من الوسائل التي تُساعد على تقليل انتشار ظاهرة الفقر في المُجتمعات، ويُحافظ على كرامة صاحب الحاجة، ويُسهم في تعزيز شعور العطاء، وتتنوَّع الأعمال الخيرية، حيث أصبح في العصر الحديث العديد من المنظَّمات العالميَّة والإقليميَّة التي تختصُّ بهذا الشأن، وأصبح العمل الخيري مُنظَّمًا، يتمُّ على مستوى جميع الدُّوَل والمُجتمعات، ولا يقتصر فقط على مستوى الأفراد، ممَّا أضاف لها الكثير من الهَيْبة والجديَّة.
ويأتي الدَّعم الذي قدَّمته السَّيِّدة الجليلة إدراكًا منها بِدَوْرِ الأعمال الخيريَّة في المُجتمع، وما يُمكن أنْ تحدثه من تغيير إيجابي وبارز في المُجتمعات، فهي تجعل الحاضر أجمل، وتعمل على زيادة حسِّ المواطنة بَيْنَ ذوي الإعسار والحاجة والفاقة، الذين يُدركون أنَّ هناك مَنْ يهتمُّ بهم ويحنو عليهم، ويقف بجوارهم وقت الأزمات، فالأعمال الخيريَّة تجعل العالم مكانًا أكثر جمالًا وأمانًا للعيش، وتعمل على تقليل الفَجْوة بَيْنَ الأغنياء والفقراء، ما يُعمِّق العلاقات الإنسانيَّة بَيْنَ البَشَر، ويُقلِّل الحقد والكراهية، وينعكس بطريقة إيجابيَّة على نفسيَّة الإنسان الداخليَّة، ويخلق قدوةً حسنةً تقتدي بها الأجيال القادمة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن