تمضي السلطنة في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة بخطى ثابتة وعبر رؤية واضحة ومنهجية بفضل توجيهات راعي نهضة عُمان الحديثة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي أولى ولا يزال يولي اهتمامًا بالغًا بالتعليم والتدريب والتأهيل للموارد البشرية، لتكون قادرة على البناء والتنمية والعطاء والإنتاج والاعتماد على النفس، بما يحقق الأهداف المنشودة والسامية التي جاءت من أجلها النهضة المباركة التي جعلت الإنساني العماني هدفًا للتنمية وأداةً لتحقيقها.
ولا سبيل إلى ترجمة تلك الأهداف السامية إلا بالتعليم المتقن المواكب لاحتياجات سوق العمل، سواء من خلال المنهج أو عبر برامج التدريب والتأهيل للموارد البشرية وإعدادها للانخراط في المشروعات الإنتاجية الكبرى، ولتأمين فرص عمل توفر لشبابنا الحياة الكريمة والاستقرار الاجتماعي والمعيشي، وكذلك رفد المؤسسات التعليمية والمهنية والتقنية بما تحتاجه من برامج تقنية وورش فنية وآلات حديثة لتواكب مسيرة التعليم والتدريب والتأهيل.
وفي هذا الإطار تم أمس الأول بديوان عام وزارة القوى العاملة التوقيع على عدد من اتفاقيات التدريب المقرونة بالتشغيل، حيث تم التوقيع على 22 اتفاقية لتدريب 485 مواطنًا ومواطنةً بتكلفة بلغت مليونًا و350 ألفًا و85 ريالًا عمانيًّا، شملت مجالات مختلفة منها المجال الإداري والفني والحرفي.
ومن المؤكد أن رفع المهارات الفنية والإدارية والحرفية وتكامل الجهود بين القطاعين العام والخاص يعزز إمكانات تحقيق التنمية المستدامة، وفرص النمو والازدهار الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، لتتكامل هذه الجهود بدورها مع الجهود القائمة على صعيد الأمن الوطني.
كما تعبر هذه الاتفاقيات عن حرص وزارة القوى العاملة على إنجاح سياسة التعمين من منطلق مسؤوليتها التي تقع على عاتقها بتوفير فرص عمل للباحثين عن عمل ومتابعتها للقوى العاملة الوطنية، وحرصها على سياسة الاهتمام بخطط وبرامج الإنماء المهني وتطويرها من أجل تنمية المعارف والمهارات، ورفع مستوى الأداء بما يتلاءم وسياسات التنمية الشاملة في السلطنة، انطلاقًا من الرؤية بأهمية الاستثمار في رأي المال البشري، ودوره في تحقيق التوجهات والأهداف والسياسات. فالتدريب على رأس العمل هو إحدى الوسائل الناجحة في رفع المستويات المهارية والتي تعمل على تحسين مستوى أداء العاملين وتطوير قدراتهم، بما ينعكس إيجابًا على عمليات الإنتاج والاستقرار الوظيفي والترقي، فضلًا عن معالجة جوانب القصور في الأداء ـ إذا ما كان موجودًا ـ من خلال التدريب. ولكن لكي يأتي التدريب أكله ويحقق أهدافه، لا بد من مؤسسات التدريب أن تغلِّب الجانب الوطني وتضع يدها في يد الجهات المعنية بالتدريب والتوظيف في البلد على جانب الربح وإن كان حقًّا، وتحرص على زيادة الكفاية الإنتاجية للمستهدفين من عمليات التدريب، بتقديم برامج مبنية على احتياجات تدريبية فعلية لإكساب المتدربين متطلبات الوظائف والمهن والحرف التي سيتولونها، وتبصيرهم بمشكلاتها وتحدياتها وأسبابها، وتوعيتهم بكيفية التخلص منها وإعدادهم نفسيًّا ومجتمعيًّا.