بقدر ما تمثله وسائل التواصل الاجتماعي من أهمية كوسيلة للتواصل والإعلام بجانب الإعلام المقروء (الورقي) والمسموع والمرئي، بقدر ما تمثله من تحديات لا تخدم الأهداف الوطنية المنشودة والمصالح المتطلع إليها، وذلك حين تخرج عن السياق الذي يجب أن تمضي فيه هذه الوسائل.
ويعد توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في أهداف لا تصب في الصالح العام، أو تُوجَّه لأهداف مغرضة مروقًا من المسؤولية الوطنية، وبالتالي يمكن تقسيم مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي ومستخدمي وسائلها إلى قسمين؛ الأول ينشر الإشاعة مثلما تأتيه دون التأكد من مصدرها وماهيتها وما حقيقتها، ودوافعها وأهدافها، ولا يعي خطورة نشر هذه الإشاعة وتوزيعها على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، فينشرها إما بقصد مشاركة زملائه والمضافين لديه، وإما ظنًّا منه أن ما يفعله ينطلق من حرصه على التنبيه دون أن يدري أن نشر الإشاعة دون وعي بنتائج ما يفعله هو عمل مجرَّم قانونًا. أما القسم الثاني فينشر الإشاعة بقصد وعن سبق إصرار وترصد ويعي خطورة فعله وتأثيره على استقرار المجتمع، وتأثيره على الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، ولكنه يرتكب هذا الفعل إما بتوجيه ممن لديه أغراض دنيئة، وإما لأسباب خاصة يظن أن بتأجيجه للوضع وتوغيره صدور الناس سيجلب له ما يريد من مصلحة، وبالتالي عليه أن يتحمل عاقبة فعله من مساءلة ومحاسبة جزائية، ولما سببه من إخلال للأمن العام وإقلاق للمجتمع، وإرباك وتشتيت للجهود الحكومية والمجتمعية، كما هو حال الوضع القائم الآن في بلادنا، حيث تبذل القيادة الحكيمة والحكومة وجميع القطاعات المدنية والعسكرية والخاصة والمجتمعية جهودًا لتجاوز جائحة كورونا (كوفيد 19)، والحد من انتشار الوباء؛ لأن نشر الإشاعات وسط هذه الجهود القائمة من المؤكد أنه لا يخدمها، ولا يصب في مصلحة الجميع، بل يصيب الناس بالذعر، ويؤثر على ثقتهم، ويثير الهواجس والمخاوف والقلق.
والبيان الذي أصدره الادعاء العام أمس الأول بشأن الجرائم المرتكبة والمتعلقة بجائحة انتشار وباء كورونا (كوفيد۱۹) ـ والمتضمن الضبط والحبس الاحتياطي والمحاكمة لعدد ممن خالفوا ضوابط النشر والعزل والحجر الصحي ـ ما كان له أن يكون لولا الأسباب القوية والدافعة لذلك، خصوصًا وأن هذه المتابعة جاءت “تنفيذًا للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بعدم التهاون في تطبيق القوانين، بما يضمن التزام الجميع بالإجراءات التي تحول دون انتشار جائحة وباء كورونا واستئصالها في أوساط المجتمع وتطبيقًا لأحكام قانون مكافحة الأمراض المعدية رقم 73/92 وتعديلاته الصادرة بالمرسوم 32/2020م وتنفيذًا لقرارات اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا”.
لذلك ولكي تمر بلادنا الحبيبة بسلام من هذه الجائحة، وحفاظًا على سلامة الجميع (مواطنين ومقيمن)، وحفاظًا على الاستقرار العام، ودعمًا للجهود المبذولة لمواجهة جائحة كورونا لا بد من التحلي من المسؤولية الوطنية والوعي بخطورة نشر الإشاعات ومخالفة ضوابط الحجر الصحي، والفهم والانتباه إلى أن هناك حسابات مغرضة تدار من خارج البلاد هدفها زعزعة الثقة والاستقرار، وبالتالي عدم تلقف ما تنشره من مزاعم وفتن، بل يجب لجمها، ولجمها لا يتم إلا بتجاهلها.
المصدر: اخبار جريدة الوطن