إن بيانات مجلس الوزراء التي تصدر عن اجتماعاته الشهرية تنفيذًا للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ تعد مرآة عاكسة لحجم الجهود التي يبذلها المجلس من أجل تشخيص أداء المؤسسات الحكومية وتسليط الضوء على الاحتياجات التي تؤدي إلى عملية التكامل والوقوف على ما يحتاجه المواطن في مختلف مفاصل حياته، بما يتيح إمكانية قياس نجاح هذه المنظومة المؤسسية وتكاملها في إدارة مفاصل الدولة، وقياس رضا المواطنين الذين تستهدفهم الخدمات المقدمة من قبل منظومة المؤسسات، وبالتالي يمكن اعتبار توافر الخدمة وحجم الرضا معياراً حقيقيًّا لقياس كفاءة وكفاية الأداء الحكومي في بلورة التوجيهات السامية في صورة أعمال تنفيذية تخدم الجوانب التنموية، وتلبي احتياجات المواطنين، وتعمل على إدخال تغييرات جذرية فاعلة تزيل القيود المعرقلة لعمليات الإنتاج، وتحسين إدارة وترشيد استخدام الموارد الوطنية المتاحة والمحتملة، وزيادة معدلات الكفاءة والفعالية والإنتاجية في مختلف المؤسسات الخدمية، إلى جانب تبني المقترحات التي تسعى إلى زيادة الإنتاج وتتواكب مع تطلعات القيادة الحكيمة نحو تنويع مصادر الدخل بما يعود بالقوة والنماء على اقتصادنا الوطني، ونحو رفع مستوى الأداء الإداري من خلال رفع كفاءة وكفاية الموارد البشرية تأهيلًا وتدريبًا وتعليمًا، والوقوف على اهتمامات الشباب وإبداعاتهم ورفدهم بما يحتاجونه مع المحافظة على موروثهم من العادات والتقاليد وقيم مجتمعهم ومبادئه المستمدة من عقيدة الإسلام السمحة، خاصة في ظل ما يشهده العالمان العربي والإسلامي من غزو فكري وثقافي وسلوكي ومعرفي لا يهدد الهوية وحدها فحسب، وإنما يهدد كيان الأوطان، ولهذا فمن الأهمية بمكان أن تضطلع اللجان والأندية ودور العلم المعنية بالشباب بدورها، وكذلك مجالس البحث العلمي والجامعات والكليات العلمية والتطبيقية والتقنية نحو إيلاء الشباب العناية والرعاية الكافيتين وتقديم ما يلزمهم من دعم مادي ومعنوي وتوعوي، ومساعدتهم على بلورة أفكارهم في صورة إبداعات ومخترعات تعود بالنفع والخير عليهم وعلى مجتمعهم وتسهم في رفعة وطنهم وتطوره، فالشباب هم بمثابة الغيث الذي يسقط على أرض الوطن فيصيب الأرض بما ينفع الناس، ولكن هذا لا يحدث إلا في ظل حراك مؤسسي ومجتمعي يشترك فيه الجميع باحتضان الشباب والأخذ بأيديهم وتبصيرهم وتوجيههم، وإن كانت اللجنة الوطنية للشباب آخذة على عاتقها مسؤوليتها الوطنية المنوطة بها تجاه شبابنا، فهي بحاجة إلى تكامل بقية المؤسسات في القطاعين العام والخاص معها، ومن المجتمع نفسه.
لقد لامس بيان مجلس الوزراء الصادر أمس حول اجتماعاته خلال شهري يناير وفبراير 2014م تلك المتطلبات والاحتياجات بإحساسه المعهود نحو أهمية تطوير الأداء المؤسسي والرقي به وتحقيق التكامل ومن ثم توافر الخدمة وبلوغ أعلى درجات الرضا، انطلاقًا من التوجيهات السامية بأهمية إعلاء مصلحة الوطن والمواطن، حيث أكد مجلس الوزراء على أهمية إبراز إبداعات الشباب والاستفادة من طاقاتهم ومواهبهم إضافة إلى ضرورة العمل على غرس وتعزيز روح الثقافة الوطنية والاهتمام بالجانب التوعوي، مبارِكًا في هذا الصدد مقترح إقامة ندوة وطنية حول أفضل الممارسات المجتمعية العمانية، وذلك بهدف إبراز القيم الاجتماعية الأصيلة، وتوعية الشباب بها ليظل المجتمع العماني محتفظًا بسماته الرفيعة التي تميز بها عبر العصور. ولم يغفل المجلس عن متابعة عملية الاستيعاب للمواطنين الباحثين عن عمل في القطاعين العام والخاص، مؤكدًا أهمية قيام الجهات المعنية باستكمال تعيين الأعداد المخصصة لها ضمن الخطة وموافاة المجلس أولًا بأول بسير الإجراءات التي يتم اتخاذها في هذا الجانب، مشددًا في الوقت ذاته على قيام الجهات المعنية بمواصلة تنفيذ ما يتم إقراره من المواضيع التي يتقدم بها أعضاء مجلس عُمان في اللقاءات التي تتم بين المجلسين، باعتبار ذلك مدخلًا نحو التكامل والتعاون بين مؤسسات الدولة. كما وضع المجلس المقصل على المفصل حين تطرق إلى ندرة الأراضي المخططة في هذه المرحلة وتزايد الطلب المطرد عليها بالنظر إلى الزيادة الملحوظة في أعداد السكان وخاصة فئة الشباب الذين عادة ما يبحثون عن الاستقرار الاجتماعي والمعيشي بتوفير فرص عمل وأراضٍ سكنية، وكذلك إقرار المجلس قيام الهيئة العامة لحماية المستهلك بإصدار قرار ينص على أن يتم تضمين اللغة العربية في الفواتير بجانب اللغة الإنجليزية، وبما يحافظ على حق المستهلكين في معرفة بيانات السلع التي يقتنونها والخدمات المقدمة لهم. وغير ذلك من المواضيع التي تناولها مجلس الوزراء والتي تلامس احتياجات المواطنين وتذلل مطالبهم، إلا أنه حتى لا يبقى كل ذلك حبرًا على ورق يتوجب على مؤسسة أن تباشر مسؤولياتها دون تراخٍ.